فقدت الكويت رجلا من أغلى الرجال، رجلا لا يختلف اثنان على أنه ضليع ومحنك في فنون السياسة، ملم بخباياها وعارف بكل دهاليزها، كما أنه قارئ جيد لأحداثها ومعطياتها، رحم الله العم جاسم محمد الخرافي رئيس مجلس الأمة السابق، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
لقد رحل عنا العم «بوعبدالمحسن» جسدا، ولكنه سيظل باقيا بيننا بعمله ودماثة خلقه وابتسامته المعهودة التي كانت لا تفارقه في جميع المناسبات والمحافل، فللراحل الكبير بصمة راسخة في العمل البرلماني يشهد ويقر بها خصومه قبل مؤيديه. ودوره في القضايا الخلافية ما بين المجلس والحكومة خير دليل على السياسة العقلانية التي اتسم بها على مدار مسيرته السياسة، فقد لعب دور الحكمة والرزانة والاعتدال داخل قاعة عبدالله السالم طوال اثني عشر عاما عندما كان رئيسا لمجلس الأمة، فتميز وأجاد في ادارته الجلسات، كما عرف عنه احتواؤه الأزمات والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة، وبالاضافة إلى ذلك فقد نجح – رحمه الله – كعضو في الحكومة عندما كان وزيرا للمالية.
ومن جانب آخر لا يمكن أن نغفل الجانب الاقتصادي في مسيرة العم جاسم الخرافي، فكان له دور كبير في توسعة مشاريع مجموعة الخرافي العالمية، سواء داخل الكويت أو خارجها، ليترك بذلك صورة مشرفة للعمل الاقتصادي الكويتي نال احترام وتقدير القاصي والداني، وما كان ذلك ليتحقق لولا العقلية الاقتصادية والقراءة الصحيحة لكل الظروف والمتطلبات والمعطيات.
ختاما، لا نملك سوى الصبر على فراق العم «بوعبدالمحسن» الذي كان وسيظل مدرسة سياسية عريقة نتعلم منها كيفية التعامل مع الأحداث والمستجدات، كما نتعلم منها الرقي في لغة الحوار، ومبدأ التهدئة والعقلانية الذي يفتقده، مع شديد الأسف، كثير من الساسة.