مع اندلاع هوشة بين النواب في مجلس الامة الحالي والمجالس السابقة تزايدت الدعوات المطالبة باقرار لجنة القيم البرلمانية لمحاسبة المتجاوز حدود القانون والآداب العامة داخل قاعة عبدالله السالم وخارجها، الا ان الملاحظ ان الامر يتوقف عند المطالبات ولا يتحرك النواب فعليا نحو اقرار هذه اللجنة، كأنهم يخشون الايقاع بانفسهم في المصيدة.
وأكد النواب اهمية وجود لجنة القيم البرلمانية في مجلس الأمة لوقف الممارسات الخاطئة لبعض النواب، من خلال تقويم ذاتي للنواب، ومن المجلس نفسه، مشيرين إلى ان إنشاء هذه اللجنة ليس بدعة فهي موجودة في العديد من المجالس النيابية العريقة في الدول الاخرى.
واشار النواب إلى أن اقتراح إنشاء هذه اللجنة يرجع إلى مجلس 1992، وأنه بالرغم من اجماع كل الخبراء الدستوريين على عدم وجود اي اصطدام بين اقرار هذه اللجنة واللائحة الداخلية والدستور، وأن هذه اللجنة ستكون مكملة لأداء البرلمان، إلا أن اقرارها قوبل بالرفض على مدار المجالس المتعاقبة في 1996، 1999 و2003، و2009.
وأكد النائب محمد طنا وجود بعض الانحرافات السلوكية غير السوية من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة، لافتا إلى أن تلك الممارسات الخاطئة ليست بجديدة وموجودة في كل البرلمانات العريقة، لكن تِلْك البرلمانات العريقة توجد بها لجنة قيم برلمانية لمحاسبة كل نائب يخطئ بحق زملائه او بحق اي وزير او بحق المجتمع، مشيرا إلى انه وعددا من النواب تقدموا باقتراح إنشاء لجنة القيم البرلمانية متمنيا اقرارها لإعادة الانضباط النيابي داخل قاعة عبدالله السالم وخارجها.
وأضاف طنا: كان رجالات الكويت في المجلس التأسيسي نموذجا يحتذى، حيث انهم يتحلون بالخلق الطيب والحوار الراقي والسمعة الطيبة واحترام الرأي الآخر من دون تجريح أو تسفيه، ولكن مع مرور الوقت أصبح بعض أعضاء مجلس الأمة يأخذون المعنى الحقيقي للمادة 110 المتعلقة بالحصانة النيابية بشكل مخالف لمحتواها الأصلي، وأصبح النائب يسب ويشتم ويكابر ويترفع ويعتدي أيضا على موظفي الدول في مراكز عملهم باسم الحصانة.
بدوره قال النائب حمود الحمدان: انني احد مقدمي اقتراح انشاء لجنة القيم البرلمانية من خلال تعديل القانون رقم (12) لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، موضحا ان اللائحة حددت اللجان الدائمة واختصاصاتها والقواعد والاجراءات التي تتبعها في ممارستها لأعمالها، الا أنها جاءت خلوا من الاشارة إلى لجنة للقيم على الرغم من بالغ أهميتها في الحياة البرلمانية باعتبار ان التزام عضو مجلس الأمة في أداء مهامه النيابية بالقيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية والتقاليد البرلمانية هو السياج الحافظ والضمان الأكيد لحسن الأداء النيابي والحارس لصحيح الممارسة الديموقراطية ويتحقق بالتزام السلطة التشريعية بهذه القيم، شأنها في ذلك شأن سائر سلطات الدولة.
من ناحيته قال النائب احمد مطيع: المجلس الحالي مثل كل المجالس السابقة التي شهدت هوشات بين النواب وتراشقا بالالفاظ الخارجة ووصلت احيانا للاشتباك بالايدي والضرب بالعقل، وهي مشاهد نتمنى عدم تكرارها، ولكن ذلك يتطلب وجود ردع وعقاب لمن يرتكب تلك الممارسات الخاطئة التي تسيء للسلطة التشريعية حيث من المفترض ان يكون النواب قدوة للشعب في ادب الحوار والالتزام بالقانون الدستور.
وشدد مطيع على ضرورة أن تقنن أعمال لجنة القيم في حال تم إنشاؤها، وأن تكون لجنة دائمة، وأن اي اجراء تتخذه اللجنة يجب أن يرجع بالنهاية إلى قبة عبدالله السالم، وأعرب عن تمنيه أن ترى هذه اللجنة النور في القريب العاجل وأن تقر بأسرع وقت، وأن تكون احدى اللجان الدائمة في المجلس.
في المقابل قال النائب عبدالله المعيوف: لا نريد لجنة تنتزع حق النائب، وتقلل من قيمته وكرامته، لتكون سيفا مصلتا على رقاب النواب، بل يجب ان يكون هدفها تعزيز دور مكانة النائب البرلمانية. وتابع: أنا من مؤيدي تصحيح الممارسة البرلمانية وتنقيتها من بعض الشوائب، من خلال بعض التصرفات التي تصدر عن بعض النواب بالقول او الفعل، لكن في الوقت ذاته، لا نريد لهذه اللجنة ان تنحرف بالممارسة البرلمانية عن الهدف المطلوب لتصبح اداة لتكميم افواه بعض النواب، بفرض عقوبات ما عليهم، لمنعهم من ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي.
ومن ناحيته، قال النائب خليل عبدالله: متى ما كانت هناك لجنة دائمة للقيم يجب ان تكون هذه اللجنة واضحة الملامح ومحددة الدور، لكن تعديل اللائحة ينبغي ان يشمل تطوير اعمال المجلس، وعن وجود مخاوف من استغلال مثل هذا النوع من اللجان في التجاذب السياسي قال أبل: نحن هنا لسنا في مدرسة ونعمل ضمن إطار دستور وقانون وهناك آلية لاتخاذ القرارات»، مشيرا إلى أنه إذا كان ولا بد من لجنة قيم، فلا بد أن تعنى بسلوكيات النواب وأدائهم ويجب ان توضع ضوابط وتطوير ما من شأنه ينعكس ايجابا على المجلس وأدائه.