• نوفمبر 22, 2024 - 4:39 صباحًا

الرئيس السيسي: قناة السويس خطوة من ألف خطوة

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن إنجاز قناة السويس الجديدة يعد «خطوة واحدة من ألف خطوة على الشعب المصري أن يمشيها»، مؤكدا أن المصريين كانوا بحاجة ماسة لإنجاز القناة كي يؤكدوا لأنفسهم وللعالم أنهم مازالوا قادرين على الإنجاز والعمل وأن لديهم مزيدا من الثقة والاطمئنان في أنفسهم بعيدا عن التشكيك والإحباط.
وقال الرئيس في كلمة للأمة والعالم في افتتاح قناة السويس الجديدة يوم الخميس الماضي إن: تنفيذ القناة الجديدة ورد فعل المصريين وفرحتهم تؤكد احتياجهم الشديد للتأكيد على أنهم لايزالون قادرين على تنفيذ المستحيل». وفيما يلي نص الكلمة…

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ضيوف مصر الأعزاء، يسعدني أن أرحب بكم باسم شعب وحكومة جمهورية مصر العربية، أرحب بأشقاء مصر المخلصين وأصدقائها الأوفياء، من أرادوا أن يشاركوا شعبها العظيم فرحته بإنجازه التاريخي الذي أثبت من خلاله قدرته على صناعة التاريخ باقتدار والعبور إلى المستقبل من أجل تقدم ورخاء الإنسانية بأكملها.
اسمحوا لي أن أخرج عن نص الكلمة… اسمحوا لي أن أتحدث معكم كمواطن مصري ليس من خلال خطاب مكتوب، مصر دولة عظيمة لها حضارة ممتدة منذ أكثر من 7 آلاف سنة، هناك دول كثيرة في العالم تدرس لأبنائها الحضارة المصرية والتي قدمته للإنسانية… أنا أرغب في القول إن مصر عبر 7 آلاف سنة قدمت قيما ومبادئ وأخلاقيات، هذه القيم والمبادئ والأخلاقيات تناغمت مع الرسالات والأديان السماوية ولم تتقاطع معها.
أقول هذا الكلام للضيوف والشعب والمصريين الذين يسمعونني، وكان من الممكن أن استمر في قراءة الخطاب الرسمي الذي يسجل لهذه اللحظة، لكن حينما أتكلم وأخرج عن السياق، أكلم الشعب المصري.. كل المصريين، وليس مفكريهم ومثقفيهم وعلماءهم فقط، أكلم غالبية مواطني مصر… هم عندي لهم الأولوية الكاملة.
الحقيقية، أنني أقول للمصريين: أنتم الحضارة المصرية التي تقدمت، اليوم مصر تقدم للإنسانية هدية، ليست كبيرة جدا مثل أيام المصريين القدماء، لكن خلال سنة بذل المصريون جهدا كبيرا جدا لكي يقدموا للعالم ولمصر هدية من أجل الإنسانية، ومن أجل التنمية، ومن أجل البناء، ومن أجل التعمير.
أريد أن أقول لكم إن مصر لم تقدم فقط هذا المشروع خلال هذا العام أو العامين الأخيرين. وسوف يُذكر لمصر أنها تصدت وجابهت أخطر فكر إرهابي إذا تمكن من الأرض لحرق الأرض.. المصريون هم من تصدوا لهذا الفكر كي يقولوا للإنسانية لا، وليقدموا السماحة الحقيقية للإسلام والمسلمين، ويقدموا البناء والتعمير والتنمية والرخاء، لا أن يقدموا القتل والتخريب والتدمير للإنسانية..
سيذكر التاريخ لمصر أنها تصدت لهذا، وأنها تصدت أيضا بأزهرها وعلمائها لتجديد الخطاب الديني ليتناغم مع عصره ومحيطه.. هذا ما قدمته مصر.. ومن الممكن أن يكون ذلك غير محسوس الآن، لكن سيظهر خلال السنوات القليلة القادمة أن الشعب المصري وهو يحفر قناة السويس الجديدة لم يكن يحفرها في ظروف طبيعية، بل كان يحفرها في ظروف اقتصادية وأمنية صعبة جدا.
إن العناصر والجماعات الإرهابية المتطرفة التي أسميها «أهل الشر» يحاولون أن يؤذوا مصر والمصريين ويعرقلوا مسيرتها وتقدمها.. أريد إن أقول أن العمل لم يكن يسير في مصر بصورة طبيعية، فقد كانت هناك ظروف مكافحة الإرهاب، ولا نزال نكافح هذه الظروف وسنكافحها وسننتصر عليها.
لا بد أن نكون متأكدين أننا وبفضل الله وجهد كل المصريين نستطيع أن نقدم هذا الإنجاز خلال المدة المحددة له.. قناة السويس الجديدة ليست فقط عملا هندسيا، هناك بعد كبير لا بد من التوقف أمامه، كان لا بد وأن يشعر المصريون خلال سنة بأنهم سيكون لديهم مزيد من الثقة والاطمئنان وعدم الشك والإحباط.
أتصور أن ما تم تنفيذه بهذا الشكل، ورد فعل الناس في مصر على ذلك، «فرحة المصريين»، يؤكد هذا المعنى، أنهم كانوا بحاجة إلى أن يؤكدوا لأنفسهم وللعالم أنهم مازالوا قادرين.. القناة الجديدة أول خطوة من ألف خطوة.. نحن مطالبون كمصريين بأن نمشيها.
أريد أن أقول إنه لن يستطيع أحد أن ينال من مصر أبدا، طالما الشعب المصري كتلة واحدة، ويد واحدة، وإذا نظرتم فستجدون شيخ الأزهر وقداسة البابا موجودان بجانب بعضهما البعض.. يجب أن نبقى دائما كتلة واحدة حتى نتمكن من عبور التحدي الذي نجابهه والذي سننتصر عليه.
أرغب في القول إن كل مصري كان مشاركا في المشروع وحتى غير المصريين من كل دول العالم كانوا حريصين على إنجاز المهمة في التوقيت المحدد لهم ليل ونهار.. وفي ظل ذكر الحديث عن الظروف الصعبة لا بد من تقديم الشكر لأرواح الشهداء الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل مصر واستقرارها من صفوف الجيش والشرطة والمواطنين الأبرياء.. هذا ثمن دفعناه وندفعه ليس فقط من أجل مصر، ولكن من أجل الإنسانية بأكملها.
اسمحوا لي أن اتقدم بالشكر والتقدير والاحترام لكل من شارك في هذا المشروع؛ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والقوات المسلحة بالتنسيق مع هيئة قناة السويس، والعاملين بقناة السويس وجميع شركات المقاولات التي عملت خلال هذا العام، بالإضافة إلى تحالف الكراكات الذي أنجز المهمة على أكمل وجه.. شكرا جزيلا لكم جميعا.
لقد وعدنا نحن المصريين العالم بأن نقدم له القناة الجديدة هدية، وها نحن نوفي بالوعد الذي قطعناه جميعا على أنفسنا، وفي زمن قياسي نهدي للعالم شريانا إضافيا للرخاء وقناة تواصل حضاري بين الشعوب لتساهم في تسيير وتنمية حركة الملاحة الدولية، وتفتح آفاقا جديدة للتنمية وتشارك في تحقيق آمال وطموحات شعب مصر العظيم الذي أنجز هذا المشروع بعقول أبنائه وقوة سواعدهم ومدخراتهم.
من سيناء الغالية، ملتقى الشرق والغرب، من أرض مصر الطيبة كأخلاق أهلها العظيمة في شموخها كالأهرامات، العبقرية في موقعها على مر الزمان الباقي، نستلهم من كتاب التاريخ الإنساني صفحات الفخر والمجد التي كتبها الأجداد، ونسطر في صفحات المستقبل نهجا فريدا لمصر، مصر الجديدة تلبي طموحات أبنائها ويتسق مع كفاحهم ونضالهم الممتد بامتداد البشرية.
لطالما كانت قناة السويس جزءا من نبض مصر، شغلت مفكريها وأدباءها، فها هو مفكر مصر الكبير الدكتور جمال حمدان يصفها قائلا «لنا أن نطمئن رغم التحديات العقبات أن مستقبل قناة السويس وثيق كما هو مضمون ومشرق أكثر مما كان في أي وقت مضى فقط بشرط أن نقبل بالتحدي وأن نتصدر للخطر باليقظة والإصرار والتخطيط الدؤوب ثم بالعمل الحازم والحاسم»، وها هي نبوءة جمال حمدان تحقق واقعا جديدا يجري الآن متدفقا في مياه هذه القناة بعد عشر سنوات من هذه المقولة.
اسمحوا لي أن أوجه رسالة إعزاز وتقدير لشعب بلادي الذي برهن يوما تلو الآخر على أن عطاء مصر من أبنائها المخلصين لا ينضب أبدا.. يا أبناء مصر إنني أحيي وطنيتكم، فقد لبيتم نداء الوطن، وتمكنتم من تمويل هذا الإنجاز الهائل خلال أيام معدودات.
دعونا نهدي الإنجاز العظيم لأرواح شهداء مصر الأبرار، ونقول لهم إن أرواحكم لم تذهب هباء، ودفاعكم عن وطنكم وشعبكم لم يكن فقط من أجل الدفاع عن أرض الوطن، ولكن أيضا لمنح الأمل للأجيال القادمة التي ستعي وتتعلم من تجاربكم وتاريخكم معاني الفداء والتضحية فلتنعموا جميعا في سلام الجنة.
ولن يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لكل من ساهم بعقله وجهده في تحقيق هذا الإنجاز المبهر.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. السيدات والسادة.. ضيوف مصر الأعزاء.
إن انطلاق حركة الملاحة البحرية في قناة السويس وإنجازها بهذه المعدلات غير المسبوقة يتخطى تحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية ليبرز لنا هدفا إنسانيا تنشده مصر المستقبل يحقق لشعبها الكرمة والعدالة والاستقرار في ظل دولة ديمقراطية حديثة من خلال استدعاء القدرات المصرية على البناء بخطوات متسارعة في شتى المجالات.
إن مرحلة البناء الراهنة تتطلب تهيئة المناخ المناسب للعمل والاستثمار، ولقد كان رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية في طليعة الصفوف المصرية التي تسعى بدأب وإخلاص في مواجهة إرهاب أعمى فقد صوابه وراح يضمر الشر والسوء لمصر وشعبها وأراد أن يفرض على المصريين أفكاره المتخلفة عن ركب الحضارة، فكانت إرادتهم وقدرتهم على هزيمته ودحره أقوى من حقده وعنفه.
إن التاريخ يروي للإنسانية بأسرها كيف كانت قناة السويس محورا لانطلاق إشعاع مصر الثقافي والحضاري للمنطقة والعالم بأسره وهمزة الوصل بين مختلف أرجائه بدءا من العصر الفرعوني ومروا بالحكم الإغريقي والحقبة الإسلامية ثم التاريخ الحديث، ووصولا إلى قناتنا الجديدة.
إن مصر ستظل الملتقى الجامع للشرق والغرب، مثلما كانت على مدار التاريخ.
أصحاب الجلال والفخامة والسمو…
إن الشعب المصري العظيم يعلن للعالم اليوم رسالة قناة السويس الجديدة بأننا ننتصر على الإرهاب بالحياة، وعلى الكراهية بالحب، لتكن القناة منطقة رخاء للإنسانية ليس فقط فوق مياهها، بل وعلى ضفتيها، بما يرتفع إلى مقام تاريخ هذه القناة التي وضعت بصماتها على جغرافيا الوجود وتاريخ البشرية.
أؤكد لكم أن مصر ليست بلد المشروع الواحد، ولا يصح أن تكون كذلك، فشعبها الشاب كما هو في حاجة إلى العمل، فانه أيضا قادر على الإبداع والإنجاز، وما افتتاح قناتنا الجديدة اليوم إلا انطلاقا لمشروعات وطنية عديدة ولعلها أكثرها اتصالا بإنجاز اليوم هو مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، حيث تم اعتماد المخطط العام للمشروع، وستشرع الحكومة على الفور في تنفيذه بتنمية وتطوير منطقة شرق بورسعيد، والتي ستشهد توسعة ميناء شرق بورسعيد وتطويره والاهتمام بالظهير الصناعي للميناء.
وكذا تطوير البنية الأساسية للمنطقة وربطها مع المشروعات الأخرى الجاري تنفيذها، وسيلي ذلك البدء مباشرة في تنمية مناطق الإسماعيلية والقنطرة والعين السخنة.
إن تنمية منطقة القناة تستهدف إنشاء منطقة اقتصادية عالمية تشمل عددا من الموانئ والمدن الجديدة والمراكز اللوجستية والتجارية والتي تحقق زيادة لمعدلات التبادل التجاري بين مصر وجميع دول العالم.
نحن باستمرارنا في تحقيق هذا الهدف نطمح إلى مشاركة أصدقائنا في كافة ربوع العالم في حلمنا الطموح ببناء مصر المستقبل؛ حيث تنطلق في مصر حزمة من المشروعات تستهدف إنشاء شبكة قومية للطرق العملاقة وتنمية زراعية تطمح في استصلاح مليون فدان وإنشاء عدد من المدن الجديدة تستوعب الزيادة السكانية، بالإضافة إلى البدء في تدشين عدد من الموانئ.
أؤكد لكم جميعا أن الدولة المصرية تجدد عزمها على المضي قدما على خطى الإصلاح السياسي والاجتماعي لتحقيق أهداف وطموحات أبنائها في العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
السيدات والسادة الحضور الكريم…
إنني أتوجه إليكم بالتحية والتقدير وأدعو الله عز وجل أن يوفقنا جميعا لإنجاز هذا الحلم الكبير الذي عظم لدينا الدافع لتحقيق المزيد من الإنجازات لمصرنا الحبيبة الغالية.. ذلك الوطن العظيم الذي حملني شعبه الكريم أمانته ومسئوليته.
إن هذا الوطن يستحق أن نبذل من أجله الكثير، وأن نضحي من أجل أن يصل ما يستحقه.. هذا الوطن ينتظر منا جميعا صدقا في النوايا وإخلاصا في العمل، وثباتا على المبادئ والقيم جميعا، شبابا وشيوخا ونساء، مسلمين ومسيحيين.
إن مصر التي استعادت إرادتها مع ثورتي (الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو) قد اختارت سبيلها وإنارة دربها وإن كانت لم تصل بعد إلى كل ما تريد فإنها عرفت كل ما تريد وتمضي في طريقها لتحقيقه.. وإن كانت الشعوب قادرة على الحلم فإن الشعوب الحرة فقط القادرة على الإنجاز.
بسم الله الرحمن الرحيم.. على بركة الله.. نأذن نحن عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية ببدء تشغيل قناة السويس الجديدة، وتحيا مصر، وتحيا شعوب العالم المحبة للسلام، وتحيا مبادئ الإنسانية وقيم التسامح والتعايش المشترك.

Read Previous

صاحب السمو في زيارة خاصة إلى منغوليا

Read Next

مايا دياب تصاب بالشلل

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x