في حفل أسطوري ضخم أعاد للأذهان ذكريات افتتاح قناة السويس عام 1869، أعطى الرئيس عبدالفتاح السيسي إشارة البدء بافتتاح القناة الجديدة هدية مصر إلى العالم، إيذانا ببدء مرور السفن العالمية في الممر الملاحي الجديد لتضيف شريانا جديدا إلى حركة الملاحة العالمية بعد عام من العمل والجهد المتواصل، ليشهد العالم بأسره هذا الإنجاز الذي حققته مصر.
وفي مشهد مهيب وسط حضور آلاف المصريين من مختلف أطياف الشعب والضيوف الأجانب، بدأ الجزء الأول من الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة بوصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى موقع الاحتفال على متن يخت المحروسة مرتديا الزي العسكري، حيث استقلها من الضفة الشرقية للقناة الجديدة باتجاه الشمال، رافقه خلالها الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس وعدد من ممثلي مختلف فئات الشعب، وذلك تعبيرا عن التقدير لهذا الشعب العظيم الذي حقق هذا الإنجاز الكبير في زمن قياسي بعقول أبنائه وسواعدهم وأموالهم.
وبالتزامن مع وصول يخت المحروسة إلى نقطة الوصول على الضفة الشرقية للقناة الجديدة، حلقت طائرات الهليكوبتر في سماء القناة حاملة أعلام مصر والقوات المسلحة وأفرعها الرئيسية، فضلا عن علم قناة السويس، بالإضافة إلى عرض جوي بطائرات الرافال وإف 16، بالإضافة إلى عرض بمشاركة عدد من الوحدات البحرية التابعة للقوات المسلحة. وصاحب وصول الرئيس السيسي مرور الفرقاطة البحرية الفرنسية «فريم» إيذانا ببدء عملها في القوات البحرية المصرية، كما مرت السفينة «عايدة» وعلى متنها فرقة للموسيقى العسكرية عزفت بعض الأغاني الوطنية.
واستقبل الرئيس السيسي ضيوف الحفل من ملوك ورؤساء العالم وممثلي الدول والحكومات المختلفة في المنصة الرئيسية، حيث بدأت المراسم البروتوكولية للحفل بعزف الموسيقى العسكرية واستعراض حرس الشرف، فضلا عن عزف عدد من الأغاني الوطنية. قد شهد الحفل مشاركة دولية واسعة ومكثفة ضمت عددا كبيرا من ملوك ورؤساء وأمراء دول العالم منها فرنسا والكويت والبحرين والأردن وكرواتيا واليمن وتوجو والكونجو الديمقراطية، فضلا عن رئيسي وزراء روسيا واليونان، وحاكم دبي، ونائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد والطاقة، ورئيس مجلس الأمة الجزائري والمستشار الفدرالي السويسري للشؤون الاقتصادية، وممثلين رفيعي المستوى للصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والسنغال والولايات المتحدة الأميركية.
كما تضمنت قائمة أبرز الحضور من الضيوف المصريين الوزراء والسفراء، بالإضافة إلى الرئيس السابق عدلي منصور وعمر موسى والدكتور كمال الجنزوري ورؤساء الأحزاب السياسية، فضلا عن حضور عدد كبير من الشخصيات العامة، من بينهما جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل أنور السادات وعبدالحكيم عبدالناصر، بالإضافة إلى عدد كبير من الفنانين والممثلين والرياضيين وممثلين عن مختلف أطياف الشعب من جميع المحافظات.
وكانت الضفة الشرقية للقناة الجديدة قد تزينت بـ30 منصة مجهزة بمختلف وسائل الراحة والطعام والمشروبات حرصا على راحة الضيوف المصريين والأجانب.
ما هي رسالة السيسي من البدلة العسكرية؟
ارتدى الرئيس عبدالفتاح السيسي «البدلة العسكرية» أثناء افتتاح قناة السويس الجديدة، وهو المشهد الذي لم يره الشعب منذ إعلان السيسي ترشحه للانتخابات الرئاسية في 26 مارس 2014، سوى مرة واحدة في يوليو الماضي، عندما تفقد الأكمنة والمناطق العسكرية في سيناء عقب الأحداث التي شهدتها في رمضان الماضي. قال اللواء نبيل أبوالنجا، المحلل الاستراتيجي والعسكري وأحد مؤسسي وحدات الصاعقة، إن الرئيس السيسي ارتدى «البدلة العسكرية» بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، إضافة إلى أن مشروع القناة الجديدة أنجزه الشعب من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وأضاف «أبوالنجا»، أن الرئيس أراد أن يعطي دلالة بالزي العسكري: «مثلما عبرنا القناة في حرب أكتوبر 1973 للدفاع عن أراضينا واستعادتها، فإننا اليوم نعبرها ببعد اقتصادي وليس عسكريا، وندخل حربا ليست عسكرية وإنما اقتصادية».
وأوضح أن العقيدة العسكرية قائمة على أن «يدا تبني ويدا تحمل السلاح للحماية»، والرئيس أراد أن يوجه عددا من الرسائل، الأولى للقوات المسلحة لرفع الروح المعنوية، وشكرهم على ما قاموا به، وتأكيدا لهم أن القائد الأعلى وسطهم ومعهم، ومثل هذه الرسائل يكون لها تأثير كبير على الكفاءة والحالة النفسية، أما الرسالة الثانية فهي للعالم، بأن مصر تأخذ الأمور بجدية وتسعى للنهوض بأبنائها وقواتها المسلحة.
ولفت «أبوالنجا» إلى أن ارتداء الزي العسكري تقليد اتبعه الرئيس الراحل أنور السادات عند إعادة افتتاح قناة السويس في عام 1975.
وقال اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي والعسكري، إن ارتداء الرئيس الزي العسكري دلالة على أن قناة السويس محمية ومؤمنة من القوات المسلحة، وأنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس البلاد ويقود حرب التنمية.