أن نصل إلى مرحلة تكون فيها الكويت خالية من السلاح غير المرخص هو طموح مشروع، تماما كما أنه أمر ممكن وليس مستحيلا… كل ما هنالك أنه يتطلب أن يقوم الجميع بواجباتهم، وألا يتصور أحد أنها مهمة الجهات الأمنية وحدها، فهذه الجهات لم تقصر يوما في القيام بمسؤولياتها في هذا الشأن، وقد رأينا كيف أنها أعطت مهلة طويلة المدى لكل من لديه سلاح، لكي يسلمه إلى إدارة جمع السلاح، وبالفعل قام كثير من المواطنين، عن وعي وعن اقتناع، بتسليم ما يحوزونه من سلاح غير مرخص.
ولأنها جهات جادة وترفض أن تتحول المسألة إلى مجال لـ «المساومة»، فإنها لم تقبل تلك الدعوات التي نادت بتمديد المهلة فترة زمنية أخرى، وأعلنت أن المرحلة الأولى من مهمة جمع السلاح قد انتهت، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة تتمثل في تفتيش المركبات والمزارع والبيوت التي قد تقود التحريات إلى وجود أسلحة فيها. وعندما لمس المواطن مدى جدية الجهات الأمنية، وإصرارها على تنفيذ القانون الذي أصدره مجلس الأمة بحذافيره، فقد لمسنا تجاوبا كبيرا ورائعا من المواطنين، عند خضوعهم للتفتيش، بل ومساعدة رجال الأمن على أداء واجباتهم على الوجه الأكمل.
ويشهد الجميع أن وزارة الداخلية، بقيادة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، قد حققت كثيرا في هذا المجال، وصارت تضع يدها بشكل شبه يومي على أسلحة غير مرخصة في أماكن مختلفة، وهي بالتأكيد ستواصل هذه المهمة الكبيرة، لأنها ليست خيارا يمكن القبول به أو تركه، وإنما واجب وطني لا بديل عن القيام به، خصوصا مع ما يعرفه الكافة من تحديات ومخاطر تحدق بالمنطقة حاليا، وتهدد بزعزعة الأمن والاستقرار فيها.
وإذا كنا ندعو دائما إلى تجفيف منابع الإرهاب الفكرية والثقافية والتعليمية، حتى لا تشكل «مخزنا» أو «مستودعا» يمد حركات التطرف والإرهاب بـ «الكوادر اللازمة» لها، فإن ذلك كله سيصبح لغوا فارغا، ما لم يقترن بالقضاء على ظاهرة السلاح غير المرخص، والحؤول دون انتشاره بين أيدي الشباب والفتية، وتحوله إلى مصدر كبير للخطر الماحق، الذي إذا استفحل، فإنه يصبح من الصعب معالجته، أو مواجهة تداعياته الكارثية.
من هنا نعود إلى ما بدأنا به، لنؤكد أن هؤلاء الرجال الأوفياء الذين استحقوا إشادة صاحب السمو الأمير، أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، كما استحقوا وصف سموه لهم بأنهم «العين الساهرة» لحماية أمن الوطن واستقراره، يستحقون بالفعل أن نساندهم بكل ما نستطيع، وأن نكون عونا لهم في أداء أنبل رسالة يمكن لأحد أن يقوم بها، رسالة حفظ الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز، ومن ثم الحفاظ على كل مكتسباتنا الدستورية والقانونية والحقوقية والديموقراطية، ومثلها المكتسبات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والعلمية والثقافية، وكل ذلك لن يتم أو يتحقق إلا بأمن مستتب واستقرار راسخ… ونحسب أن التجارب من حولنا تقول ذلك وتؤكده في كل وقت وحين.