3 أحداث كبرى تعايشها مصر هذه الأيام تستحق التأمل والوقوف أمامها:
الأول: الكشف العظيم عن الغاز على سواحل البحر المتوسط الذي يعد مصر باحتياطي يزيد على 33 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
الثاني: الإعلان عن تواريخ محددة لبدء الانتخابات البرلمانية خلال الشهر المقبل، وبذلك يكون الاستحقاق الثالث في أجندة الطريق التي حددتها ثورة 30 يونيو قد تحقق.
الثالث: زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لسنغافورة، وهي زيارة تاريخية بمعنى الكلمة.
لن أتوقف أمام اكتشاف الغاز رغم أهميته، ولن أتوقف كثيرا أمام الإعلان عن بدء الانتخابات البرلمانية، لكنني سوف أركز في تحليلي اليوم على زيارة الرئيس لسنغافورة، وحول ما يُعرف في العالم بالنموذج السنغافوري في الإدارة والتنمية.
سنغافورة جزيرة تقع في جنوب شرقي آسيا عند الطرف الجنوبي من جزيرة الملايو. يبلغ تعداد سكان سنغافورة خمسة ملايين، وهم خليط من الصينيين والملايويين والهنود. وتعتبر جزيرة سنغافورة التي تعاني من كثافة السكان على المتر المربع الواحد هي ثالث دولة في العالم من ناحية الكثافة السكانية بعد «ماكاو» و«موناكو» في عام 1969 كان متوسط دخل الفرد في سنغافورة 511 دولارا سنويا، واليوم أصبحت هذه الجزيرة رابع أهم مركز مالي في العالم، والأولى من ناحية الدخل في آسيا، واحتلت المرتبة الحادية عشرة في العالم، وتمتلك اليوم تاسع أعلى احتياطي نقدي في العالم!
في عام 2010 استطاعت سنغافورة أن تحقق أعلى معدل تنمية في العالم بلغ في ذلك العام 17٫5٪.
كيف استطاعت أن تحقق سنغافورة هذا النموذج غير المسبوق؟ كل ذلك تم برؤية عبقرية وإدارة فذة لرجل اسمه «لي كوان يو».
استطاع «لي كوان يو» أن يكون صاحب رؤية متميزة في التطوير والإصلاح من خلال رؤية إدارية حازمة وعلمية وصارمة نابعة من إشكاليات وتحديات الواقع وبدون وضع سقف للأحلام.
عام 1961 أنشأ «لي كوان يو» أول هيئة استثمارية موحدة تجتمع فيها كل مراكز صناعة القرار في البلاد، وبذلك كان سبّاقا في فكرة «الشباك الموحد» الذي يفصل في اتخاذ القرار ويجعل البلاد بعيدة عن الروتين والبيروقراطية.
استعان الرجل بأهم العقول في العالم دون حساسية، وفتح أبواب بلاده للاستثمار دون خوف أو عُقد وبنى كل سياسات بلاده على لغة المصالح الاقتصادية.
هذا هو النموذج السنغافوري الذي حقق النجاح المذهل، لذلك يبقى السؤال: كيف نستفيد منه؟