تُعد د. سهام القبندي من نوعية الشخصيات الموسوعية، متعددة المواهب، فهي أكاديمية واستشارية أسرية وباحثة في المشكلات الاجتماعية تسهم في حماية نواة المجتمع أو الاسرة، فضلا على انها إعلامية لها انشطتها وكتاباتها.
وهي تكشف بوضوح عن سر هذا التعدد في مجالات العمل، فتقول: «تخصصي الاصيل – التخطيط الاجتماعي – ساعد في احداث التوازن بين مختلف الادوار… وقدمت عدة دورات تدريبية عن ادارة الوقت وأهميته، وكيفية ربط ذلك بادارة الذات، وهذا بالفعل ما اطبقه على نفسي». وتعتز القبندي بمسيرتها في مكتب الاستشارات، والتي امتدت لفترة اربعة عشر عاما «فكانت محطة مهمة وثرية اكتسبت فيها الكثير من المهارات الادارية والفنية».
كما تعرب عن سعادتها بتجربة برنامج «هي وأخواتها»: «فقد أضافت لي الكثير من الخبرة والمهارة في ادارة الحوار مع الضيوف على اختلاف طوائفهم، والاحساس بالمشكلات الاجتماعية».
على صعيد قضايا المرأة لا تجامل القبندي كثيرا وترى انه «بالرغم من أن القانون والدستور قد كفلا لها حقوقا اجتماعية وثقافية وسياسية، إلا أن الممارسة الحقيقية لدورها الفعلي في المجتمع لاتزال هامشية ورمزية».
وهي لا تؤيد «بيتوتية» المرأة ـ لو صح هذا التعبير ـ لأن «الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن المرأة العاملة أكثر ناجحا في حياتها الاسرية من حيث التنظيم للوقت وتحقيق اهداف مشتركة للاسرة عن ربة المنزل».
وتؤمن القبندي بأهمية دور الشباب، فهي تتمنى لو اصبحت وزيرة ان تتولى وزارتهم (الشباب والرياضة)، وساعتها أول قرار ستتخذه هو «تمكين الشباب ومساعدته على اكتشاف طاقاته وقدراته واتاحة الفرصة لهم لاظهار امكاناتهم، ومن ثم تصعيد الشباب ومساعدته على تولي المناصب القيادية».
] في البداية حدثينا من هي د. سهام القبندي وماذا عن طفولتك ونشأتك وأسرتك؟
ـ مواطنة كويتية محبة لوطنها واسرتها مؤمنة بأن العمل الجاد والاخلاص هو الطريق للنجاح، عشت طفولة عادية مثل كل الأطفال، دخلت المدارس الحكومية، وتخرجت في جامعة الكويت، وكانت والدتي رحمها الله تغرس فينا حب العلم والتفوق، وتميزت بالحكمة وبعد الرؤية، وهذا ما احاول ان يكون جزءا مني.
] أنت أم وأكاديمية… واستشارية أسرية… وباحثة في المشكلات الاجتماعية… وإعلامية أيها أقرب إليك؟
ـ كل الادوار قريبة إلى قلبي اثناء ادائها، وكل دور يعطي ثراء ومعنى لحياتي، ولكني اجد نفسي اولا كأم وزوجة محبة لأسرتها، وايضا أجد نفسي في الجانب الاكاديمي مع طلابي في قاعة المحاضرات، وبين ابحاثي ومراجعي.
] كيف وازنت بين أدوارك المختلفة؟
ـ تخصصي الاصيل التخطيط الاجتماعي، وقد ساعد في احداث توازن بين مختلف الادوار، بالاضافة إلى تعاون اسرتي معي وتقديرها لظروف عملي، كما انني في بداية حياتي العملية قدمت عدة دورات تدريبية عن ادارة الوقت واهميته وكيفية ربط ذلك بادارة الذات، وهذا بالفعل ما اطبقه على نفسي، فمن يرغب في تحقيق النجاح عليه ادارة ذاته ووقته بكل دقة ويحاول الابتعاد عن كل ما يهدر الجهد والوقت ويضيعه.
] قال برنارد شو: «من لم يطبع بصماته على الحياة من حوله فليس جديرا بهذه الحياة»… ما تعليقك على هذه العبارة؟
ـ اؤمن كثيرا بهذه العبارة، واحاول دائما ان اضع بصمتي من خلال مشاركتي الجادة مع كل من حولي، بالاضافة إلى أنني في ادارتي لاي عمل اكلف به، أقوم بتكثيف جهدي في اختيار فريق عمل جاد من محبي النجاح، ثم أتولى تدربيه وتزويده بالقدرات والمهارات التي تؤهله لمساعدته في تحقيق نجاح هذا العمل.
] كيف ترين المرأة الكويتية ومكانتها؟
ـ يمثل دعم المرأة الكويتية أولوية متقدمة على أجندة الاهتمام الوطني والقومي. إلا أنه من الملاحظ أن المرأة وهي نصف المجتمع لاتزال محرومة إلى حد كبير من هذه الحقوق، بالرغم من أن القانون والدستور قد كفلا لها حقوقا اجتماعية وثقافية وسياسية، إلا أن الممارسة الحقيقية لدورها الفعلي في المجتمع لاتزال هامشية ورمزية،، إما لظروف ثقافية، أو اجتماعية، أو سياسية سائدة في المجتمع، أو محددات مجتمعية بعينها مثل: قلة وعي النساء بحقوقهن، وأساليب التنشئة الاجتماعية، والسياسية، وتقاليد المجتمع التي تشجع اعتماد المرأة على الرجل اقتصاديا وتثني عزيمتها وهامتها في المساهمة في عملية صنع القرار وممارسة حقوقها السياسية. ومن ثم حرمت المرأة من تفعيل دورها في تقرير مصيرها، والدفاع عن مصالحها، وممارسة نفوذها داخل المجتمع.
] هناك من لايزال يرى أن القيادة تحتاج إلى الرجل فقط رغم النجاحات التي حققتها المرأة… فما تعليقك؟
ـ كل الشواهد التاريخية في العالم تؤكد أن المرأة هي نصف المجتمع، حيث حكمت المرأة بلدانا عديدة، وتولت المرأة العربية مناصب قيادية في العديد من مؤسسات دولية وإقليمية ومحلية، ووصولا إلى المرأة العربية المناضلة في كافة القضايا السياسية والاجتماعية، وتأصيلا للمرأة الكويتية التي يشهد لها التاريخ بأنها في الازمان القديمة كان الرجال يذهبون في رحلات الغوص والتجارة لشهور عديدة وكانت المرأة الكويتية تتولى قيادة الاسرة وادارتها لحين عودة الرجال، وتجدر الاشارة أن دولة الكويت تنتهج الفكر الديموقراطي الحر الداعم للمرأة. وقد شهدت الساحة الكويتية أخيرا، نشاطا وتحركا من المرأة والرجل للمطالبة بإقرار حقوق المرأة قد تكللت بدعم لا محدود من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي دفع بفكرة نيل المرأة حقوقها السـياسية من جديد، بعد التجربة الأولى عام 1999 فكان تاريخ 16 مايو عام 2005 يوما مشهودا في تاريـخ الكويت، بعد أن وافق مجلس الأمة على منح المرأة الحق السياسي في الترشيح والانتخاب مساواة بالرجل، وهذا يعتبر نصرا تاريخيا في مسيرة المرأة الكويتية.
] ألا تفكرين في الترشح لانتخابات مجلس الأمة المقبلة خاصة بعد حصول المرأة على حقوقها السياسية؟
ـ هذه الفكرة تراودني من وقت لآخر ولكني لم احسم أمري بعد أو اتخذ قراري، واعتقد انه قرار يحتاج لتفكير عميق من كافة جوانبه، وخاصة ان أولوياتي في الوقت الحالي في البحث والعمل الاكاديمي.
] تجربة توزير المرأة في الحكومة الكويتية… ما تقييمك لها؟
ـ وصول المرأة لمراكز السلطة وصنع القرار وتولي منصب وزيرة ( مثل الدكتورة موضي الحمود – والدكتورة معصومة المبارك – والاستاذة هند الصبيح.. وأخريات)، يؤكد قدرة المرأة ليس فقط على المساهمة في إعادة صياغة، وترتيب أولويات الدولة، والمجتمع بما يسمح بوضعها في ترتيب متقدم ويعزز من مساهمتها في تصميم البدائل، والخيارات المطروحة، والمفاضلة بينها، والتي هي أساس عملية اتخاذ القرار في الحكومة.
] ماذا لو عرضت عليك الحقيبة الوزارية؟ أي وزارة تجدين أنها الأقرب لك ولتخصصك؟
ـ وزارة الدولة لشؤون الشباب.
] وما هو أول قرار ستتخذينه؟
ـ الاستفادة من فكر الشباب وروحهم الوثابة للعمل والابداع ومساعدتهم على تولي المناصب القيادية.
] كيف تقيمين تجربتك في برنامج «هي وأخواتها»، وماذا أضافت له هذه التجربة؟
ـ تجربة ثرية واضافت لي الكثير من الخبرة والمهارة في ادارة الحوار مع الضيوف على اختلاف طوائفهم والاحساس بالمشكلات الاجتماعية، والالتحام مع الجمهور، أضيف انها تجربة جميلة ساعدتني على اكتشف جانب آخر في شخصيتي وهو حبي للمجال الاعلامي.
] لماذا لا تتم الاستعانة بخبرات الأكاديميين والنخب السياسية في إصلاح المشهد السياسي؟
ـ معظم الدراسات الحديثة تؤكد أهمية الاستعانة بخبرات الأكاديميين والنخب السياسية، في صياغة القرارات السياسية والاجتماعية، الا أن في مجتمعاتنا العربية مازالت تغفل عن قيمة البحث العلمي في عملية اتخاذ القرار، ولا يمكن ان ننكر أن هناك بالفعل استعانة، ولكن ليست على المستوى المطلوب، بالاضافة انه مازالت هناك ضبابية في المشهد السياسي نتيجة لتأثره بما يحدث في الدول المحيطة به.
] حدثينا عن السفر وفوائده وأهم الأماكن التي قمت بزيارتها؟
ـ معروف ان الشعب الكويتي محب للسفر والتجوال في الاعياد ومختلف المناسبات، وانا شخصيا اعشق السفر والترحال للدول العربية والغربية، وقد قضيت في مصر ثماني سنوات للدراسات العليا، وللحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، مما اعطاني نكهة ومذاقا خاصين للسفر، وأحب البلاد إلي اسبانيا، حيث الشؤاطي الساحرة وعبق التاريخ والحضارة الاسلامية، والسفر يتيح المزيد من العلاقات والتعارف على الثقافات المختلفة، والتزود بالمهارات والخبرات المتنوعة من الدول المتقدمة، بالاضافة إلى أني قضيت فيها فترة سنتين برفقة ابنتي حنين اثناء حصولها على درجة الماجستير في الادارة الدولية. وأولادي يعشقون لندن للتسوق والسياحة.
] ما هي أبرز المحطات في حياتك حتى الآن؟
ـ على المستوى الشخصي تعد ادارتي لمكتب الاستشارات والتدريب بكلية العلوم الاجتماعية – جامعة الكويت والذي امتدت لفترة اربعة عشر عاما من عام 2000 حتى 2014م، كانت محطة مهمة وثرية اكتسبت فيها الكثير من المهارات الادارية والفنية، والعلاقات على مستوى وزارات الكويت المختلفة، وتعرفت على شخصيات مرموقة وأرى ان هذه المحطة هي التي صقلت شخصيتي كمدربة معتمدة.
] من أكثر الشخصيات المؤثرة في حياتك؟
ـ والدتي رحمة الله عليها، ووالدي اطال الله في عمره، واساتذتي في مرحلة الماجستير والدكتوراه، وهم كوكبة من العلماء اعطوني من اوقاتهم وعلمهم وجهدهم ورسموا لي الطريق حتى اصل إلى ما أن فيه الان فلهم كل الشكر والتقدير.
] أول درس تعلمته في حياتك؟
ـ ان الكمال لله وحده، وان اتوخى الحذر في علاقتي بالاخرين، لان كل انسان لديه جوانب قوة وجوانب ضعف، وليس من الضروري ان تصدق جميع توقعاتي في الاخرين.
] هل ترين نفسك محظوظة؟
ـ الحمد لله وأتمنى ان يبارك الله في كل ما اعطاني من نعم وخير.
] هل يمكن أن تقدمي بعض التنازلات من اجل شيء معين؟
ـ فيما يتصل بمبادئ لا يمكن ان أتنازل مطلقا، ولكن علمتني الدنيا أن يتصف الانسان بالمرونة ومحاولة النظر للامور بشيء من الحكمة والتروي.
] وإلى أي مدى ممكن ان تجاملي في عملك؟
ـ المجاملة تكون في الامور الشخصية فقط، ولا يمكن ان تكون في العمل لانها في العمل تأخذ مسميات لا أفضلها. والمجاملة في العمل تهدر حق من يستحق لصالح من لا يستحق.
] هل تنتقدين نفسك؟
ـ نعم، اضع نفسي في تقييم مستمر، وتصحيح المسار.
] أين الرجل من حياتك؟
ـ وجود الرجل في حياتي اساسي فهو دائما إلى جواري، الاب والاخ والابن والاستاذ، وبهذه المناسبة ابعث بباقة ورود خاصة لزوجي ووالدي لدعمهما الدائم لي.
] ماذا عن هواياتك؟
ـ هواياتي كثيرة ومتعددة، منها حب الموسيقى والعزف على البيانو، والاطلاع في شتى المجالات، بالاضافة إلى انني رياضية وكنت في فريق كرة السلة في الجامعة.
] كيف تفتحين أبواب النجاح؟
ـ الثقة بالله والاستعانة بالصبر. التحلي بمبادئ تحقيق النجاح، والاستعداد النفسي وشحذ الهمة واكتشاف مهارات تحقيق الذات.
] ما علاقتك بالمطبخ؟
ـ علاقة لطيفة أنا ذواقة من الدرجة الاولى، ومشرفة جيدة على الشكل النهائي لسفرة الطعام.
] بماذا تحلم د. سهام غدا؟
ـ أن أحقق وعدي لنفسي بعد أن حصلت على الدكتوراه أن أستمر في البحث العلمي لحل المشكلات المجتمعية وايضا المشاركة المجتمعية للنهوض بمسيرة التنمية والتغيير خاصة في ظل المشكلات الحالية التى ظهرت في المجتمع مؤخرا.
] ماذا تحبين أن تقولي في نهاية اللقاء؟
ـ على الانسان أن يسعى وليس عليه ادراك النجاح. وكن مختلفا عن الاخرين بايجابيتك.