لا يختلف اثنان على أن الفتن في منطقة الشرق الأوسط تزايدت وتيرتها، بشكل ملحوظ، منذ انطلاق ما يسمى ثورات الربيع العربي التي لم ترتقِ إلى مستوى طموحات ومتطلبات الشعوب في الاصلاح والتنمية والعيش الكريم، وفوق هذا وذاك فقد غابت عنها تماما نعمة الأمن التي تعد بدورها قاعدة أساسية تبنى عليها كل عوامل النجاح والتقدم والتطور، إلا أن ذلك لم يتحقق بالقدر الذي تحققت فيه تلك الفوضى العارمة التي خلقت بدورها مسلسلا طويلا من الفتن والاقتتال نشاهده كل يوم هنا وهناك، من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فالقارئ الجيد لكل الأحداث التي شهدتها تلك الثورات سيدرك وجود أيادٍ لعدة جهات تغلغلت بين الصفوف، وركبت موجة الثورة، وهي في حقيقة الأمر لا تريد للثورة إلا أن تكون جسرا يوصلها إلى طموحها في الحكم، ومن ثم تذهب طموحات كل تلك الملايين التي خرجت في الشوارع والميادين إلى الجحيم!
وللحق فإن مصر اليوم تكاد تكون الوحيدة التي خرجت من حمم ذلك البركان المتفجر بسلام، والسبب في ذلك يعود إلى وجود قائد توافرت فيه كل مقومات القيادة الناجحة، من حسن التدبير والاتزان والرؤية الثاقبة، فقد قرأ بكل تركيز ما بين سطور ذلك المخطط الشيطاني، وعمل على تبديد كل قواه، فتحية إجلال وتقدير للرئيس السيسي، ولشعب المحروسة، على هذا النموذج الرائع الذي قدموه في النهوض بمصر وإعادتها إلى مكانها الطبيعي الذي تستحق ان تكون فيه، فالجموع الغفيرة التي خرجت في كل محافظات مصر أوصلت رسالة إلى العالم أجمع مفادها أن شعب مصر أكبر من الفتن، وأنه قادر على المضي قدما نحو كل ما من شأنه نماء وازدهار بلاده، وقد توجت تلك العزيمة الحديدية التي تسلح بها الشعب بافتتاح الفرع الجديد لقناة السويس في الشهور الماضية، والذي حظي بدوره باهتمام دولي يؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح ولن تتوقف عند حد، بل ستذهب بعيدا بإنجازاتها وتطلعاتها مادامت القيادة والشعب يدا واحدة.
إن الفتن ليست بالمرض المزمن الذي لا علاج له، ولا هي بالمعضلة التي تقصم ظهر الدولة شريطة أن تكون عصا الشعب قوية وصماء لا تستمع إلى تراهات المنافقين والمندسين؛ فتزل على رؤوسهم وتقطع الطريق على مخططاتهم ودسائسهم، وهذا بالضبط ما حدث في مصر فأعادها صلبة شامخة كما عهدناها دوما، لذلك تبقى الإرادة المصرية مثالا يتحذى ونموذجا رائدا في المنطقة وجب الاقتداء به لدحر الفتن المزروعة هنا وهناك؛ فتتحقق بذلك معادلة الأمن والاستقرار على أكمل وجه.