• نوفمبر 24, 2024 - 3:39 مساءً

انتخابات اتحاد الطلاب .. مستقبل مظلم

على الرغم من الإيجابيات العديدة التي يمكن تسجيلها لمصلحة الانتخابات الجامعية في الكويت، باعتبارها نوعا من التدريب العملي الجاد على الممارسة الديموقراطية، وتأهيل طلبة الجامعة للانتقال بعد التخرج إلى الحياة الديموقراطية الأعرض، عبر الانتخابات البرلمانية والتشريعية، والاشتغال بالشأن العام، من خلال أشكال مختلفة، كالنقابات والاتحادات العمالية، فضلا بالطبع عن إعدادهم لتسلُّم راية العمل التنفيذي في مناصب عامة سياسية وغير سياسية، على الرغم من هذه الإيجابيات فإن ظواهر سلبية خطيرة قد بدأت تتسلل إلى هذه الانتخابات، خلال السنوات الأخيرة، تجعل أي مخلص للوطن، وغيور على حاضره ومستقبله، يخشى من أن تؤثر هذه الظواهر تأثيرا سيئا وضارا في بنيان المجتمع كله.
ولا شك في أن الآباء المؤسسين للديموقراطية الكويتية لم يكن يدور في خلدهم يوما أن تتحول هذه الديموقراطية إلى وسيلة لانقسام المجتمع وتفتيته، واحتماء أفراده بمظلة القبلية أو الطائفية، وهم الذين أرادوا من وضع الدستور أن تكون المواطنة هي المظلة التي يحتمي بها الجميع، ويتقون بواسطتها كل شرور الفرقة والفتنة، وسائر أشكال الانقسام الفئوي البغيض، ولذلك فقد صاغوا دستورا يبدو كسلاسل الذهب في لغته ومضمونه، وبين مواده مادة في باب الحقوق والواجبات تقول «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».
لقد أراد هؤلاء الآباء المؤسسون تذويب كل الانتماءات الفئوية الأخرى، وإعلاء الانتماء الوطني، ولذلك فقد ضمنوا الدستور الكويتي أيضا، وتحديدا في الفصل الخاص بالسلطة التشريعية، مادة عظيمة القيمة وبالغة الأهمية تقول إن «عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها، ويرعى المصلحة العامة… »، ومعنى ذلك أن النائب لا يمثل عائلته أو قبيلته أو طائفته، وإنما يمثل الشعب كله، ويضع نصب عينيه مصلحة الوطن بأسره، ومصلحة مواطنيه، كل مواطنيه.
ولأن الانتخابات الجامعية هي – كما أشرنا – طريق يمهد للممارسة الديموقراطية الأوسع في البرلمان والمجلس البلدي والنقابات وغيرها، فإنه من الطبيعي أن ننزعج كثيرا عندما نرى انحرافا أو تجاوزا يشوب هذه الانتخابات ويعكر صفوها، ويحرفها عن غايتها الأسمى، ويجعل منها أداة لتكريس الانقسام المجتمعي، وتعميق مظاهر القبلية والطائفية… ومن ثم فلا بد أن نطرح هنا بعض التصورات التي نحسب أنه من الضروري الأخذ بها، حتى نحمي الممارسة الديموقراطية الجامعية من الزيغ والانحراف.
وأول ما نطالب به هو ضرورة أن تضع الإدارة الجامعية من اللوائح والإجراءات الكفيلة بتحديد عقوبات صارمة على كل ألوان العبث بالوحدة الوطنية، أو رفع لافتات تشتم منها رائحة الطائفية والقبلية، تصل إلى حد إنذار الطالب الذي يرتكب مثل هذه الممارسات بالفصل المؤقت.
كذلك لا بدّ من التركيز على أن تكون الانتخابات الجامعية مستقلة، بالمعنى الكامل لكلمة الاستقلال، حتى تظل بمنأى عن التأثيرات الخارجية عليها، سواء من ناحية الحشد أو التمويل أو غير ذلك من الوسائل، إذ إن تلك المؤثرات الخارجية من أخطر ما أصاب هذه الانتخابات في السنوات الأخيرة، وجعل منها امتدادا للصراعات السياسية والحزبية وكل أشكال الفئوية خارج الجامعة.
وفي هذا الصدد فإن مجلس الأمة مطالب بأن يكون له موقف واضح تجاه ما يحدث في الجامعة، وأن يسهم من خلال تشريعات جديدة في إعادة الانتخابات الجامعية إلى مسارها الصحيح.
أخيرا فإننا نثق ثقة كبيرة بأبنائنا طلبة الجامعة، ولا نشكك في أي منهم، ونوقن بأنهم جميعا يسعون إلى مصلحة وطنهم، وإن أخطأ بعضهم الطريق لتحقيق ذلك… وما نهدف إليه هو أن يظلوا محتفظين بالبراءة والطهارة في مشاعرهم الوطنية، وممارساتهم الديموقراطية، وأن ينأوا بأنفسهم واتحاداتهم عن أي صراعات جانبية لا تفيدهم، ولا تفيد وطنهم، بأي وجه من الوجوه.

Read Previous

نواب عن قانون الإعلام الإلكتروني: يقطع دابر الفتن .. ولن يمس الحريات

Read Next

علماء دين: الحج فرصة لتوحيد كلمة المسلمين

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x