كالعادة، وقبيل بدء كل دور انعقاد جديد، زادت وتيرة التصريحات النيابية المطالبة بإجراء تعديل وزاري قبل انطلاق دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الرابع عشر نهاية هذا الشهر، وفريق آخر من النواب بالغ في مطالباته لدرجة المطالبة باستقالة الحكومة، وجاء ذلك مع تصاعد التهديدات النيابية باستجواب عدد من الوزراء خلال دور الانعقاد المقبل، وهو ما أعطى انطباعا لدى المراقبين بأن التلويح بالاستجواب بات سلاحا لدى بعض النواب للضغط على الحكومة لإجراء تعديل وزاري.
في المقابل يرى فريق ثالث من النواب ان المطالبات بتعديل وزاري أو استقالة الحكومة هي تصريحات شخصانية للتكسب الانتخابي والسياسي من البعض الذين يسعون إلى التخلص من الوزراء الذين اشتعلت معهم الخلافات الشخصية، ويرى الرافضون انه لا داعي لإجراء تعديل وزاري فالحكومة ورئيسها سمو الشيخ جابر المبارك والوزراء نجحوا في تخطي العديد من المشكلات التي واجهت البلاد خلال الفترة الاخيرة، مما ساهم في الاستقرار السياسي، وأوضحوا ان المطلوب فقط هو تسكين منصب وزير الاشغال وزير الكهرباء الذي اصبح شاغرا باستقالة الوزير احمد الجسار.
النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران يرى أن أداء الحكومة متناغم ومنسجم ومتجانس مع أداء المجلس في الفترة الماضية، مؤكدا أن هذا المجلس والحكومة لم يختلفا عن المجالس والحكومات السابقة باستثناء التصعيد الذي شهدته المجالس السابقة، والتعاون الذي شهده المجلس الحالي، وأن الوتيرة واحدة بين الحكومة والمجلس ولا غالب ولا مغلوب.
واضاف الجيران: ومع تقديري الشخصي فإن أداء أعضاء الحكومة الحالية لم يكن على وتيرة واحدة، وللأسف فإن بعض الوزراء مجتهدون في مواقعهم، وبعضهم يفكر بعقلية المرشح وليس كرجل دولة، وكأنه يضع في حسابه شيئا في الأفق، وهذا الأمر يحتاج إلى مصارحة في مجلس الوزراء.
وزاد الجيران: ان هناك 3 وزراء أداؤهم ضعيف ويجب أن يكون أداؤهم خلال الفترة المقبلة أفضل، كما أن هناك مواطن فساد مالي وإداري في الجهات الحكومية ولا استثني جهة، وهذا الأمر يجب أن يوضع له حد، واضاف الجيران قائلا: وفي تقديري أن هناك جهات بحاجة إلى وزراء متفرغين لها كالتعليم العالي، وكذلك وزارة الشباب ووزارة الأوقاف التي تحتاج إلى وزير مختص.
وقال الجيران: نتمنى أن نسمع في الفترة المقبلة عن إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين التي صدرت، وهذا الأمر يتطلب آلية جديدة لإصدارها عوضا عن تأخيرها ما بين الفتوى والتشريع ومجلس الوزراء، وأضاف الجيران: كما لا يوجد أي تقدم في ملفي التعليم والصحة التي ينقصهما الكثير، متمنيا على وزيري الصحة والتربية التعاون مع لجان المجلس المعنية خلال الفترة المقبلة. بدوره يؤكد النائب فيصل الدويسان أن هناك حاجة إلى الاستقرار الوزاري لإنجاز وتنفيذ خطة التنمية، ولكن الوزير الذي لم ينجح إلى الآن في تنفيذ ما يرقى منها إلى الحد الأدنى من الطموح، عليه أن يتذكر أن المجلس لن يرضى ببقائه من دون حساب. وأوضح الدويسان أن صميم عمل البرلمان هو محاسبة المقصّر عما ألزم نفسه به، لافتا إلى أن هناك بعض وزراء سمو الرئيس «أبخص» بهم، عليه أن يستبدلهم بمن هم خير قبيل بدء دور الانعقاد المقبل حتى لا يسيئوا إلى حكومته، فمحاسبة الرئيس لوزرائه دعم للاستقرار السياسي ودرع تقي من تصادم السلطتين.
وأكد النائب عبدالله المعيوف أن التعديل الوزاري قادم قادم بحكم وجود حقيبة وزارية شاغرة، لافتا إلى ان هناك بعض الوزراء أداؤهم لا يتناسب مع أداء الحكومة نفسها ولا مع مجلس الامة، وبالتالي فإن استبدالهم في المرحلة المقبلة واجب ومستحق. ورأى أن على رئيس الوزراء إعادة تقييم وزرائه وحكومته.
من جانبه، قال النائب يوسف الزلزلة: إنني أدعو سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك إلى ان يعيد النظر بحكومته خلال الايام القادمة، فإجراء تعديل وزاري بات ضرورة خصوصا أن هناك وزراء آن الأوان لأن نقول لهم (ارتاحوا) كونهم جزءا من عملية بطء الانجاز على المستوى الحكومي.
وتابع الزلزلة: إننا نطالب سمو رئيس الحكومة بأن يأتي بوزراء ليسوا محسوبين على تيارات معينة، وألا يأتي بوزراء كانوا محل رفض من مجلس الامة، فنحن نريد وزراء على مستوى سياسي جيد… وأنا متفائل بأن التغيير في المستقبل نحو الاستقرار وكلنا ثقة بأن عمر المجلس الحالي 4 سنوات، لذلك نريد تشكيل حكومة قوية وقادرة على الإنجاز بعيدا عن المحاصصة أو الإتيان بأعضاء محسوبين على تيارات سياسية، خاصة أن الكويت أنهكت من حالة عدم الاستقرار السياسي.
وخاطب الزلزلة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك قائلا: يا سمو الرئيس وصلنا إلى مرحلة لا تتوقع منا أن نعطي حكومتك يوما واحدا بعد بداية دور الانعقاد، فلقد بلغ السيل الزبى. واضاف الزلزلة بأن من يعتقد أن الفساد الإداري مقتصر على قليل من المؤسسات الحكومية فهو مخطئ.
وقال النائب سعود الحريجي: نحن ننتظر من الحكومة أن تعي الطريق الذي تسير به، خاصة أننا لم نستشعر تنفيذيا بمجاراتها لحجم التشريعات التي أقرها المجلس، ولم نرَ لها أي انعكاس على الواقع والوضع العام، وأوضح الحريجي: إن ما يعانيه المواطن اليوم هو نفس ما يعانيه في السابق دون تغيير، فعجلة العمران متوقفة، وهناك غياب للحضور الأمني في كثير من المواقع والحوادث، ونحن لا نريد محاسبة المجرمين، وإنما نريد منع الجريمة فضلا عن استمرار الأزمة المرورية المستمرة والتي عادت بعودة المدارس. وبين الحريجي أن الإنجاز غير ملموس ولا ينعكس على المواطن وعلى الحكومة مسؤوليات كبرى في الدور المقبل، وعليها أن تتحمل هذه المسؤوليات، فهو دور محاسبة أكثر منه تشريعا وقد أعطينا الحكومة فرصة والكرة الآن في ملعبها، وعليها أن تسدد صح وأن تصيب الهدف.
وتابع الحريجي أن المجلس لن يتأثر بتعطل الحكومة، وسيعمل على نفس وتيرته، لكن على الحكومة أن ترفع ضغط الشارع عن المجلس بتقديم شيء ملموس للإنجاز والتنفيذ، فنحن نتعرض لضغط بسبب الأداء الحكومي، ولا يوجد تفسير لغياب الإنجاز، رغم توفير المجلس المتطلبات التشريعية اللازمة للإنجاز، وضرب الحريجي أمثلة على غياب تنفيذ التشريعات التي أقرت كغياب إنشاء هيئة الأغذية والاتصالات والتأمين الصحي للمتقاعدين، فضلا عن الفساد الإداري والمالي.
وأكد الحريجي على أن المجالس السابقة كانت تحاسب رئيس الوزراء على أي خلل في أي جهة والمجلس الحالي لم ينهج هذا النهج لكن في المقابل ينتظر أن يرى إنجازا ملموسا ومحاسبة المقصرين من أعضاء الحكومة إزاء مسؤولياتهم، داعيا زملاءه النواب إلى أن يكون الدور المقبل دورا محاسبيا.