لنعد إلى الماضي، حيث لم يكن هناك دستور ومجلس أمة ومجلس وزراء… لنرجع إلى زمن الأجداد، ذلك الزمن الذي كان فيه الكد والتعب وفراق الأهل والأصحاب جسرا للوصول إلى لقمة العيش… في ذلك الزمن كانت الأخطار تحيط بالكويت من كل جانب، فالعيون المتربصة بتلك البقعة الصغيرة كانت كثيرة، والأطماع فيها كانت تتزايد يوما بعد يوم. في تلك الحقبة تميز اهل الكويت بترابطهم وتماسكم وتلاحمهم، فلم تقوَ يد العدو على شق صفوفهم، ولم تجرؤ يد الفتنة على أن تكسر تلك الروابط العميقة بين مختلف فئاتهم وطوائفهم، لم يكن هناك من يبحث عن شهرة فيضرب على وتر الطائفية؛ ليكون حديث الصباح والمساء في الدواوين، أو حتى في مجالس «جاي الضحى»! لم يكن هناك من يزدري طائفة أو يهين فئة.
خلاصة القول هي إن الكويت دائما وأبدا الكل فيها متعايش مع الكل، في كل زمان وحين، والمحبة هي العنوان الرئيسي لذلك التعايش، أضف إلى ذلك أنه في الماضي كانت البساطة هي السمة السائدة، ففي ذلك الوقت كان «البوم» يشترى ويباع بكلمة، الجار كان لا يطيق تغيير منزله خوفا من أن يذهب إلى مكان لا يجد فيه مثل ذلك الجار الطيب الذي ارتبط معه بأخوة وصداقة حقيقية لا تعترف بالمصالح أو المكاسب الشخصية.
باختصار شديد جدا إن السطور الفائتة هي التي تمثل أخلاق اهل الكويت، وهي كذلك الصورة الصادقة لمختلف شرائح وفئات المجتمع الكويتي، وهي في المقام الاول موجهة إلى أولئك «الاطفال» الجاهلين بتاريخ الكويت وأهلها، هؤلاء الاطفال الذين وقع «تويتر» بين ايديهم فأخذوا يلهثون وراء شهرة زائفة، من خلال تغريدات يفوح منها النفَس الطائفي البغيض؛ ليقرأوا ويعرفوا من هم الكويتيون؟ وليعرفوا أيضا ما هو عمق تلك الرابطة التي تجعل منهم جسدا واحدا يواجه الاخطار والتحديات، سواء في الأمس أو اليوم؟ ليس عيبا ان تبحث عن شهرة، ولكن دع هذه الشهرة مقترنة بإنجاز حقيقي يجعلك سطرا في صفحات تاريخ وطنك، مع الأسف الشديد البعض لا يريد ان يعمل، ولا يريد ان ينتج بقدر ما هو منطلق بسرعة «الصاروخ» في مسار «القيل والقال» الداعم للفتن والنزاعات، فذلك من وجهة نظره اسهل الطرق للوصول إلى الطموحات.
نهاية القول: ليعلم هؤلاء ان نيران طائفيتهم لن تحرق الا اعمالهم الخبيثة وأفكارهم غير السوية، فتاريخ 300 سنة من التكاتف والتآزر والتعاضد لن تمحوه تغريدة كتبها جاهل أو منافق أراد تأييد بعض اصحاب النفوس المريضة!