ما الذي ينتظره الإسرائيليون من الشعب الفلسطيني بعد هذه السنوات الطويلة من الإهانة والإحباط وذل الاحتلال، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، واطلاق الرصاص على الأطفال في الشوارع، وهجمات المستوطنين التي لا تنقطع عن القرى الفلسطينية وإحراقهم حقول الزيتون، واقتحامهم المسجد الأقصى تحت حماية الأمن الاسرائيلي، وغلقهم القدس القديمة في وجه شعبها..، ما الذي ينتظره الإسرائيليون من الشعب الفلسطيني بعد كل هذه الجرائم سوى التعجيل بانتفاضة ثالثة، تشعل الضفة والقدس تحت أقدام الإسرائيليين، وتطارد بالقتل طعنا بالسكين المستوطنين الذين استباحوا أبسط حقوق الشعب الفلسطيني في شوارع المدينة العتيقة، أو في أحياء مدينة نابلس الشعبية، وتقذف بالحجارة مصفحات الجيش الإسرائيلي ومجنزراته، وتقدم كل يوم المزيد من الشهداء والضحايا، شباب في عمر الزهور في مسلسل لا ينقطع من العنف والعنف المضاد، يسد الأفق أمام أي جهد حقيقي لتسوية سياسية عادلة تحترم آدمية الشعب الفلسطيني!، وتكفل له حق تقرير المصير.
مطلوب من كل فلسطيني، ابتداء من أصغر شاب الى رئيس السلطة الفلسطينية أبومازن الذي أراق ماء وجهه بحثا عن السلام، أن يرضخ لأوامر بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ويقبل بمشيئته، ويجلس صاغرا الى مائدة التفاوض ينتظر إملاءات إسرائيل، بينما يبتلع الاستيطان الاسرائيلي أراضي الضفة قضمة وراء قضمة، وإلا أصبح الفلسطيني سفاحا يتهمونه بتحريض الشعب على الثورة، ومن حق أي إسرائيلي أن يطلق عليه الرصاص!، بل لقد بلغ الكذب حد الفجر عندما أعلن وزير الأمن الداخلي، أن عمليات الانتقام الفلسطيني لا علاقة لها باقتحام المستوطنين المسجد الأقصى، ولا شأن لها بامتهان الفلسطينيين ساعات طوالا عند الحواجز والمعابر، لأنها نتاج ثقافة كراهية يبثها أبومازن في صفوف شعبه!
وما لايفهمه الاسرائيليون أنهم أغلقوا بجبروتهم كل السبل للحفاظ على بعض إنسانية المواطن الفلسطيني، إلا أن يكون غير آدمي يقبل الإهانة والتدني، ولا يحس ولا يغضب!، أو يلتزم خيارا آخر، يخبئ السكين في طيات ملابسه ويتربص مستوطنا يمر الى جواره في الشارع أو الزقاق أو على الرصيف كي يطعنه ويقتله، ويسترد بهذا الانتقام بعضا من إنسانيته المهدرة! ولأن الموقف في الارض المحتلة وصل الى هذا الحد فلا منجاة لأي إسرائيلي من العقاب الذي يرد للفلسطيني إنسانيته، لأنه لن يكون في وسع إسرائيل أن تسجن كل الشعب الفلسطيني!