أبدى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد استعداد دول مجلس التعاون الخليجي للحوار مع إيران، داعيا الأخيرة إلى العمل وفق القواعد الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والالتزام بحسن الجوار، وفي هذا الصدد أكد خبراء استراتيجيون لـ «الخليج» أن الدعوة إلى إجراء الحوار الخليجي مع إيران والتي أطلقها وزير خارجية الكويت مهمة لنزع فتيل الازمات في المنطقة وتحقيق الاستقرار المنشود.
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. إبراهيم الهدبان إن الحوار الخليجي – الإيراني الذي طرحه وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ومن قبله طرحه أمير قطر الأمير تميم بن حمد في الأمم المتحدة، من الممكن أن يؤدي إلى نوع من الاستقرار الإيجابي في المنطقة في ظل وجود احتقان ايراني – خليجي في المنطقة العربية، ولكن في الوقت نفسه يجب قبل انطلاق الحوار الخليجي – الإيراني أن تكون هناك بنود وعناصر متفق عليها قبل انطلاقة الحوار.
وتابع الهدبان: دول الخليج بالطبع لا تريد أن يكون هناك تصعيد بينها وبين إيران في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها؛ لذا يجب أن يكون هناك إجماع من قبل دول الخليج على الحوار الإيراني – الخليجي. مشيرا إلى أن مطالب الخليج من إيران واضحة وصريحة، وهناك ديبلوماسيون خليجيون في طهران، كما أن هناك ديبلوماسيين إيرانيين في دول الخليج، مبينا أن إيران تريد أن تظهر بمظهر الدولة العقلانية خاصة أنه ليس واضحا أن أميركا تخلت عن دول الخليج بالكامل، ولذلك هناك العديد من المؤشرات على أن الحوار سيكون عقلانيا في حال حدوثه.
وأوضح الهدبان أن هناك شروطا يجب أن توضع أو بنودا معينة يجب أن يتفق عليها بين قادة مجلس التعاون الخليجي قبل انطلاق الحوار حتى يكون للحوار مردود إيجابي والذي يتمثل في الاستقرار السياسي والاقتصادي، في ظل ما تمر به المنطقة من أزمات اقتصادية.
من جهته قال أستاذ القانون الدولي د. فايز النشوان: إن دعوة الحوار الخليجي مع إيران التي أطلقها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أخيرا، وأيدها وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد هي فكرة سعودية أطلقها الراحل سعود الفيصل قبل أكثر من عام، وليست فكرة وليدة اللحظة، مشيرا إلى أن ملفات النزاع مع إيران ممكن أن تُحل بالتفاوض لكن المشكلة أن دول التعاون غير متفقة على تلك الملفات، ولذلك يجب أن يكون الحوار خليجيا – خليجيا أولا، يتم من خلاله الاتفاق على بنود الحوار الذي سينطلق مع إيران فالحوار الخليجي – الخليجي مطلب أولي لبدء الحوار الإيراني – الخليجي.
ومن ناحيته أكد المحلل السياسي والكاتب الصحافي د. أحمد سامي المنيس أن الحوار دائما يهدف إلى إزالة اللبس وسوء الفهم في الأمور العالقة دائما، فهناك بعض الامور العالقة والغامضة، مشيرا إلى أن الحوار الخليجي ـ الإيراني من الممكن أن يشكل حالة من التعاون في ظل مجموعة من المشكلات العالقة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، لكن يجب أن تكون هناك رغبة صادقة من الجانبين في تحسين العلاقات الخليجية – الإيرانية، وأن يتم تفادي المشكلات التي تسهم في تعقيد الأمور بين دول الخليج وإيران وتخلق حالة من التوتر.
وأضاف المنيس أن الحوار من أجل المجاملات أو الدعاية الإعلامية دون وجود نتائج ملموسة على أرض الواقع ودون أن يحقق حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني داخل نفوس الشعوب هو دعوة غير مجدية فلا بد أن يلمس المواطن في دول مجلس التعاون الخليجي أثر هذه الدعوة على أرض الواقع، مشيرا إلى أن أي حوار يبدأ بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران يجب أن يبدأ دونما أي شروط إلى أن يقطع الحوار مسافة، خاصة أن هناك بعثات ديبلوماسية خليجية في إيران وبعثات ديبلوماسية إيرانية في دول مجلس التعاون الخليجي، مبينا ان الحديث عن مؤشرات معينة حول إيجابية الحوار أم لا دون بدء الحوار لا يمكن أن يتوقعه أحد، ولكن يجب على كل طرف من الأطراف أن يقدم النية الحسنة خلال بدء الحوار، ويجب أن تبدأ اللقاءات بشكل مفتوح، وأن يتم فتح الملفات العالقة، سواء أكان على الصعيد الدولي، مثل أزمة سورية واليمن والأحداث الملتهبة في المنطقة، والتأكيد على استقرار تلك الدول.
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. عبدالله الشايجي ( إن إيران سوف ترحب بالدعوة لحوار خليجي – إيراني لأن إيران متخصصة في الحوار، ولكن يجب أن يكون هناك إطار للحوار وشروط خاصة، وأن إيران هي التي تصعد فنحن الآن في حرب باردة معها، مؤكدا أن الأكثر إزعاجا الآن هو تحويل إيران خلافها مع دول الخليج إلى صراع مذهبي طائفي سني شيعي، وهو ما نرفضه في المنطقة العربية ككل.
وتابع الشايجي: يبدو أن قطر استطاعت أن تحصل على موافقة من دول الخليج وإلا لما كان أمير قطر يقول هذا الأمر من على منبر الأمم المتحدة ، فقد كان هناك حوار بين أميركا والاتحاد السوفييتي وقنوات معينة، ولكن نحن لسنا في حاجة إلى وسطاء في ظل وجود سفارات إيرانية في كل دول الخليج، ووجود سفارات لدول مجلس التعاون في طهران، على الرغم من تعرض بعضها للأذى، كسفارة المملكة العربية السعودية في تصعيد للغة التشنج الإيراني، واستغلال حادثة منى في اغراض سياسية لا تعزز الأمن ولا الاستقرار ولا الثقة، يعني المشكلة مع إيران أن الثقة مفقودة، وما يجري في اليمن هو ضربة للمشروع الإيراني.
وأضاف: يجب أن نجلس مع إيران ندا لند وليس طرفا ضعيفا لطرف قوي يفرض شروطه، وهذا الأمر يجب أن يكون واضحا في العقلية الإيرانية التي تنظر إلى دول الخليج باستصغار وبأنها لا يمكن أن تصل إلى مستوى الندية مع إيران وإذا تجاوزنا هذه النقطة يجب أن نطلب من ايران ماذا يمكن أن تفعل مع الحوثيين في اليمن ومع الحشد الشعبي في العراق.