تقدّم أحد أعضاء مجلس الأمة باقتراح بتعديل قانون الانتخاب بحصر الترشح لانتخابات مجلس الأمة في حملة شهادات الدكتوراه، سعيا منه على ما يبدو للارتقاء بمستوى النواب الذي سينعكس حتما على نشاط وعمل مشرّعي الامة.
ولم يفكر النائب الفاضل في اقتراحه الذي تقدم به إلا بعد أن قارن الوضع الحالي بما قبله، وما يطمح إليه هو حسب اعتقاده الشخصي، وعلى ما يبدو أيضا فرأى أن هناك خللا لا يعالج إلا بفحوى اقتراحه.
النائب الفاضل ذكرني بموقف لي عندما كنت أترأَّس تحرير وكالة الأنباء الكويتية منذ سنوات، حين كنت أقابل بحكم منصبي شخصيات كثيرة كانت تقدم نفسها بداية اللقاء بكرتها الشخصي وفق أصول التعارف. وكنت آنذاك أشعر بشيء من التوتر إذا ما سبق اسم الشخصية التي سأقابلها حرف «الدال» اختصارا للدكتور، واذا بي يوما بعد يوم أفاجأْ، بل أُصعق من ضحالة وسطحية أغلب من وضعوا د. قبل أسمائهم، مما جعلني أشطب هذا الحرف فور قراءتي للاسم، لأقوم بنفسي بإعادته أو محوه نهائيا، حسب مستوى اللقاء ومستوى الدكاترة الذين قابلتهم، بعد أن ينتهي اللقاء، وغالبا ما كان خيار الشطب هو الأرجح.
أيها النائب الفاضل، لو كنت مكانك لكان التعديل المقترح أهم بكثير من موضوع «الدكتور»، ما نحتاج إليه تحت قبة البرلمان أعضاء يتّسمون بنظافة اليد والفكر، نوابا يضعون مصلحة الكويت، ولا شيء غيرها، نُصب أعينهم، ما داموا أعضاء في مجلس الأمة.
التعديل المطلوب هو أن يكون العضو المرتقب غنيا بكرامته وثقافته، لا يسيل لعابه للأرقام والنسب والعملات مقابل الموافقة على المشاريع أو توقيع العقود أو تمرير المعاملات مهما كان حجمها، أو حتى تمرير القوانين تحت قبة البرلمان.
التعديل المطلوب هو في لائحة العقاب التي نرتجي منها أن تعيد هيبة وقدسية هذا المكان الذي، للأسف، انتُهك بشكل بشع وأمام شاشات التلفزيون من دون أن يتمكّن بند من بنود هذه اللائحة من محاسبة أي عضو مارس هذا الانتهاك في يوم الأربعاء الأسود، إضافة إلى ممارسات بعض الأعضاء، للأسف، التي تبدو واضحة في طريقة تعبيرهم عن اختلافهم في وجهات النظر أو عدم قناعتهم أو رضاهم عن سلوك أو أسلوب الآخرين بالمجلس من دون الأخذ في الاعتبار هيبة هذا المكان وسموه.
ما نحتاجه سعادة النائب الفاضل تعديل يمسّ مضمون النائب وضميره، نريد أن يكون نوابنا مثاليين في عملهم والتزامهم بالجلسات واللجان، يرفضون العيش على حساب الوطن، فلا يقبلون تمرير المعاملات لكسب أصوات، وهم يعلمون أنها معاملات مرفوضة.. نواب ينشدون العدل في التعامل مع كل أبناء الوطن من دون أن تكون هناك أولوية لمواطني دائرة من دون أخرى لأسباب معروفة.
نريد تعديلا يجبر النائب على الالتزام ببرنامجه الانتخابي الذي يدغدغ بها مشاعر ناخبيه، ثم يلقي به بعيدا فور جلوسه على كرسيه.
نريد تعديلا يضمن وصول نائب شريف وأمين ومخلص ومحب للوطن، ولا شيء غير الوطن.
الله يهداك أيها النائب الفاضل، من شرط أن يكون المرشح يقرأ ويكتب إلى دكتور مرة وحدة!