• نوفمبر 23, 2024 - 7:24 صباحًا

النطق السامي .. تأصيل للوحدة الوطنية والمبادئ الدستورية

جاء النطق السامي الذي افتتح به سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد دور الانعقاد التشريعي ليؤكد كثيرا من القيم والمبادئ التي تعتنقها الكويت، وتؤمن بها إيمانا لا يتزعزع، وتمارسها عملا وتطبيقا، منذ سنوات طويلة، حتى صار ينظر إليها باحترام وتقدير كبيرين على الصعيد الدولي، باعتبارها دولة قانون، تحترم الحقوق والحريات، وترفض التخلي عن نهجها الديموقراطي، حتى في أشد الظروف الإقليمية دقة وحساسية واضطرابا.
من هنا كانت أهمية ما تضمنه النطق السامي من تأكيد على أن «الأمن والاستقرار وسيادة القانون والمبادئ التي جسدها الدستور، هي الأسس والقواعد التي نرتكز عليها لانطلاق عجلة الحياة العامة، واستمرارها بكل خدماتها ومرافقها في سائر مناحي الحياة»، فهذا نهج قد استقر في حياتنا العامة بالفعل، وبات يشكل تعاقدا بين الحاكم والمحكوم، وموضع احترام من كل الأطراف، لم يسع أحد، ولن يسعى أحد يوما إلى نقضه أو المساس به.
ومن المهم أن نتوقف كذلك عند ما قرره سموه من أنه «من منطق الحرص على حماية وحدتنا الوطنية فلن نسمح أبدا بإثارة الفتنة والبغضاء، أو العزف على أوتار الطائفية البغيضة، أو استغلال النزعات القبلية والفئوية والعرقية والطبقية»، لأن ذلك بالتأكيد يقطع الطريق على كل من تسول له نفسه إشعال نار فتنة طائفية أو فئوية من أي نوع، ليحرق بنارها مجتمعا آمنا، تأسس منذ مئات السنين على الوحدة والتآلف والتكاتف، ولم يعرف، في أي طور من أطوار حياته، تلك الانقسامات التي عرفتها مجتمعات أخرى، فمزقتها شر ممزق، ونشرت في ربوعها الخراب والدمار.
يتصل بذلك أيضا أن نتأمل هذا المعنى الرائع الذي شدد عليه صاحب السمو الأمير، وهو أنه «إذا حدث أن أخطأ فرد في حق الوطن او المجتمع، أو خان الامانة وفرط بشرف الانتماء الوطني، فلا يجوز أبدا التعميم على طائفته او قبيلته بغير سند او دليل»، ليعيد تذكير الجميع بأنهم ينتمون إلى دولة قانون، لا تأخذ الناس بالشبهات، ولا تعمم العقوبة على من لا ذنب لهم فيها، ولديها دستور يؤكد في أحد مبادئه أن «العقوبة شخصية»، ولذلك فقد قضت المحكمة الدستورية في أحد أحكامها بأن «شخصية العقوبة تعني شخصية المسؤولية الجزائية، فلا يمكن أن يكون مسؤولا عن الجريمة إلا من كان فاعلا لها أو شريكا فيها».
وقد توج النطق السامي بتلك الدعوة البالغة الأهمية التي وجهها سمو الأمير إلى أبناء شعبه بقوله: «إنني كوالد للجميع أدعو بل أطلب منكم وسائر إخواني وأبنائي المواطنين، أن يعوا دائما أبعاد الاخطار التي تهدد أمننا، ووجوب الحرص على وحدتنا الوطنية، والمشاركة بدورهم المسؤول في حماية أمن الوطن»، وأن يتذكروا أيضا أن «الكويت ظلت بعون الله وفضله دار امن وأمان، وواحة رخاء واستقرار، ينعم اهلها بالحرية والتراحم وسط محيط تستعر فيه نيران الحروب الاهلية والصراعات الطائفية والعرقية». ونعتقد يقينا أن هذه الدعوة الغالية حقا قد بلغت مسامع وقلوب كل الكويتيين، وأنهم رددوا مع صاحب السمو أن «الولاء للوطن فوق كل ولاء، ومصلحة الوطن تتقدم على كل مصلحة، والانتماء للكويت يعلو كل انتماء».
وفي الإطار نفسه الذي رسمه النطق السامي، من دعوة إلى تعزيز الوحدة الوطنية، ورص الصفوف، ورفض الفتنة، أتت أيضا كلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في الجلسة الافتتاحية للمجلس، حيث أكد أن الكويتيين انتصروا على الإرهاب الجبان، وعلى كل المحاولات التي تستهدف استقرار الكويت، بفضل وحدتهم وتماسكهم والتفافهم حول قيادتهم السياسية.
وكان استشهاد الغانم محقا وموفقا، حين دلل على كلامه باستذكار حادث الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام الصادق في شهر رمضان الماضي، وحين ثمن عاليا تعامل سمو أمير البلاد مع الهجوم الإرهابي، من خلال وجوده الفوري والعفوي في مكان التفجير، رغم المخاطر، واحتضان سموه السريع لكل أبناء الكويت، ووصف موقف سموه «بأنه مشهد سيبقى خالدا في تاريخ الكويت، وشاهدا صادقا على وعي شعبها وأبوة قائدها». كما كان الغانم محقا تماما عندما قرر أن تعامل الكويتيين مع ملفي الهجوم على مسجد الإمام الصادق والخلية الإرهابية، كان تعاملا واعيا وناضجا، وأن الحرب ضد الإرهاب ستنتهي بانتصار الكويتيين.
بهذا الافتتاح الموفق لدور الانعقاد الرابع لمجلس الأمة الحالي، يحق لنا أن نتفاءل بأننا أمام دور من أدوار الإنجاز الحقيقي لمصلحة الوطن والمواطنين.

Read Previous

الرئيس السيسي: نحمي دولة ولا نحمي نظامًا

Read Next

أكاديميون لـ الخليج : دعم الكويت لمقعد في مجلس الأمن يعزز اتزان القرارات ويخدم القضايا العربية

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x