تؤكد الأحداث أن جسر العلاقات الممتد بين القاهرة وموسكو، والذي أرساه الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان نقطة تحول استراتيجية في علاقات مصر الدولية.
وتؤكد الأحداث أيضا أن هناك تفاهما شخصيا عميقا بين بوتين والسيسي على رؤى وتغييرات رئيسية في المنطقة.
ولم يكن غريبا أن يصدر في القاهرة أول بيان في العالم يؤيد العمليات العسكرية الروسية في سوريا دون أي تحفظ.
وثبت من سياق وتطور الأحداث أن الموقف المصري كان يحمل رؤية عميقة لمعنى الوجود العسكري الروسي في سوريا، وأن دولا مثل الإمارات والسعودية تفهّمت هذا القرار وأبعاده.
ولم يكن غريبا أن تعلن الأردن، وهي حليف تاريخي قديم للولايات المتحدة، عدم توقيع اتفاق مع موسكو للتعاون العسكري المشترك مع روسيا في شئون الملف السوري.
آخر المستجدات في موضوع العلاقات المصرية الروسية هو ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف منذ ساعات عن قيام موسكو بالاعتماد على جهود «الزملاء المصريين» من أجل تشكيل وفد سوري من المعارضة السياسية للتفاوض مع النظام السوري حول ترتيبات الوضع الانتقالي في البلاد.
وأعلن لافروف، في تصريحات علنية للصحفيين، أن هناك جهودا مهمة في هذا المجال يتم فيها التعاون بين ما سماه «منصة موسكو» و«منصة القاهرة» لترتيب وتهيئة آلية سياسية للتفاوض.
كل هذه الجهود والتحركات تعكس أن التفاهمات المصرية – الروسية هي ذات بُعد «تأسيسي استراتيجي» وليست علاقة مؤقتة أو نوعا من التعاون التكتيكي الطارئ لمواجهة ظروف محددة بعينها.
الأمر الوحيد الذي يشكل تحديا للجهود المصرية – الروسية هو عدم وجود شكل نهائي لتسوية سياسية فيه إجابات قاطعة على هواجس المعارضة السياسية المعتدلة وبالذات تلك التي يمثلها ما يُعرف بمجموعة جنيف.
لا أحد يعرف ما هو دور الرئيس بشار الأسد في هذه التسوية، وهل بقاؤه فيها مؤقت أم أبدي؟ وهل رحيله سيأتي نتيجة تسوية بين القوى الدولية والإقليمية على غرار التسوية التي مُنحت للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح أم أنها ستأتي عبر انتخابات رئاسية يترشح فيها الرئيس بشار مرة أخرى؟!
الروس يستعجلون الجميع لركوب قطار المفاوضات دون أن يكون هناك تفاهم واضح على تسوية صريحة في المحطة النهائية.
كل ما يحدث هو إعادة صياغة جديدة لتاريخ وواقع منطقة عبر قوى عسكرية تفرض الحل على الجميع، فهل تنجح؟!