قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: إن زيارته إلى المملكة المتحدة تعكس قوة العلاقات التي تربط الشعبين، معربا عن ثقته بأن التعاون بين مصر وبريطانيا سيحقق المصلحة المشتركة للبلدين.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، على هامش الزيارة التي اختتمها الرئيس إلى المملكة المتحدة.
وأضاف الرئيس «السيسي» أن علاقات التعاون الوثيقة التي تجمع فيما بيننا في مجالات شتى، توفر أساسا متينا يتيح لنا في المستقبل القريب المزيد من تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية وتدعيم شراكة تجارية استثمارية واسعة النطاق.
وقال الرئيس: «نحن نسابق الزمن في مصر لبناء مجتمع مدني عصري يعتز بقيمه وبإرثه الثقافي ويوفر العيش الكريم لمواطنيه ويحقق مطالبهم في الحرية والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية، ولذلك فنحن ننظر إلى علاقات الصداقة والتعاون بيننا بكل تقدير ونثق بأن المستقبل يحمل دائما الأفضل لنا جميعا».
وأكد «السيسي» حاجة العالم أكثر من أي وقت مضى إلى تحالف الشعوب والحضارات في مواجهة فكر وخطاب التشدد والتطرف والكراهية ونبذ الآخر، والتي تمثل جميعها بيئة خصبة لانتشار الإرهاب وما يسببه من تهديد للأسس والقيم المجتمعية.
ووجه «السيسي» الشكر والتقدير إلى رئيس الوزراء البريطاني على الأجواء الإيجابية التي تسود الزيارة، كما وجه الشكر أيضا على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي يبديها الجانب البريطاني، كما أعرب عن سعادته بزيارة البلد الصديق، مشيرا إلى أنه التقى العديد من الشخصيات التي أكدت حرصها على نجاح هذه الزيارة.
وقال: «لا شك أنه من خلال المباحثات التي جرت سنحقق فهما أكبر ووعيا أعمق لمواقف بعضنا البعض ووجهات نظرنا إزاء القضايا المطروحة وبالسبل الكفيلة لحلها وإعطاء دفعة قوية للعلاقات المصرية البريطانية لما لمسناه منذ وطئت أقدامنا بلادكم من إرادة سياسية واضحة لتعزيز وتطوير علاقتنا، ويحدوني الأمل أن يساهم هذا اللقاء في تحقيق تطلعات الشعبين».
من جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: إن مشكلة العنف والتطرف أصبحت مشكلة متنامية، وهي مشكلة تؤثر على المعركة التي تجرى حتى داخل الإسلام، مؤكدا أنه يعرف أن الإسلام دين سلام وتسامح.
وأضاف: «كاميرون، ردا على سؤال بشأن المجموعات المتطرفة التي اتخذت الدين الإسلامي لتحقيق أشياء وقامت بتزييف الأفكار حول الدين من خلال مجموعة من الهجمات الإرهابية وقطع الرؤوس، أن كل الأشياء التي يقوم بها داعش في سورية والعراق وكذلك المجموعات الإرهابية التي يقوم بها في مختلف أنحاء العالم والأسلوب الذي يتبعونه، يجب التفكير فيه وكذلك التصرف في اتجاه ذلك.
وحول الإخوان المسلمين، أوضح رئيس الوزراء البريطاني، أن في دولته يتم الحكم على الناس بناء على ما يقومون به، وإذا كان الإخوان يقومون بأي عنف فهؤلاء أشخاص قد خرقوا القانون ويجب أن تتم ملاحقتهم ومحاسبتهم بحسب ما تم مناقشته، مضيفا: «أعتقد أننا كما نرى في بريطانيا فإن هناك توجها لمكافحة كل أنواع التطرف والتعامل مع كل الذين يدعون إلى العنف والمتطرفين الذين يشجعون الآخرين على تنفيذ العنف».
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد عقد جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بمقر الحكومة البريطانية، بداوننج ستريت، في لندن.
وشهدت مباحثات «السيسي» و«كاميرون» تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستثمار، في ظل رغبة بريطانيا لزيادة استثماراتها في مصر، إضافة إلى مناقشة الأوضاع في المنطقة، خاصة في سورية وليبيا، والتوقيع على مذكرتي تفاهم بين البلدين في مجالي التعاون الأمني والتعليم العالي.
وعقد «كاميرون» غداء عمل على شرف الرئيس السيسي، بحضور وفدي البلدين، ثم التقى الرئيس مع رئيس البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، الذي اعتمد مصر أخيرا دولة عمليات لمشروعاته المستقبلية
وكان «السيسي» استهل لقاءاته في ثاني أيام زيارته إلى لندن، بعقد لقاء بمقر إقامته في لندن، مع مجموعة من أعضاء مجلسي العموم واللوردات كاللورد بويل أوف بيزوتر وجوليان لويس ونديم زهاوي، وعدد من المفكرين الاستراتيجيين ورجال الدولة السابقين كالسير جون سورز، رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية السابق، والسير مالكولم ريفكند، وزير الخارجية الأسبق وعضو مجلس العموم، وكبار الإعلاميين كزاني مينتون بيدوز، رئيسة تحرير جريدة الإيكونوميست، وفرانك جاردنر، كبير محرري محطة البي بي سي. وأدار اللقاء جون شيبمان، رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وشدد «السيسي» على أهمية الحفاظ على مفهوم الدولة الوطنية في المنطقة، وقال: «الشرق الأوسط لن يعود كما كان، فكما تعلمون أن منطقة الشرق الأوسط تتعرض منذ بضع سنوات لتطورات سياسية متلاحقة اختلفت مسبباتها وحدتها وتداعياتها باختلاف الدول التي تعرضت لها.. وهي أمور تدفعنا جميعا إلى التفكير بعمق في مستقبل العديد من دول المنطقة».
وأضاف: «لم تسقط الدولة الوطنية، ولكن ستعاد صياغة العقد الاجتماعي، فقد استرعى انتباهي أثناء متابعتي لما يُكتب في الصحف ودوريات الفكر الغربية عن منطقة الشرق الأوسط، تركيزٌ على مفهوم سقوط الدولة الوطنية، ويذهب البعض إلى أن المنطقة يجب أن تُعاد صياغتها بالكامل نتيجة التآكل الظاهر في فكرة الدولة الوطنية وفي قدرتها على الصمود بالذات في وجه الصعود المتنامي لتيارات عنيفة ومتطرفة تريد أن تفرض رؤيتها الإجرامية متسترة بعباءة الدين الإسلامي وهو منها برىء، وفي الحقيقة فإنني لا أتفق تماما مع أصحاب هذا الرأي، وإن صح فقد يصح بالنسبة لحالة بعينها دون تعميم، وعلى سبيل المثال لم تسقط الدولة الوطنية في مصر رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها ولن تسقط».
وتابع: «مكافحة الإرهاب لم تعد ترفا، والجميع يجب أن يتضامن لمواجهة المخاطر، حيث أصبح من المسلمات اليوم أن يتحدث الجميع عن مكافحة الإرهاب.. لكن مع الأسف هناك الكثير من الأمور المرتبطة بهذا الموضوع ليست محل اتفاق دولي بعد.. غير أن ما يهمني هنا هو التأكيد على أن أي تنظيمات أو جماعات تعمل أو تحرض على تقويض سلطة الدولة والسيطرة على مساحات من الأراضي وعلى إخضاع المجتمعات والشعوب لإرادتها بقوة السلاح إنما هي تنظيمات إرهابية يتعين مكافحتها بشتى الوسائل وتجفيف منابع تمويلها».