تباينت ردود الافعال النيابية والحكومية تجاه خطة زيادة أسعار الخدمات العامة، حيث تعتبر السلطة التنفيذية رفع اسعار الخدمات بمثابة مشروع دولة لزيادة الإيرادات غير النفطية، بينما طالب فريق من النواب بأن يقابل ذلك تحسين مستوى الخدمات، فيما رفض فريق آخر من النواب زيادة الرسوم من حيث المبدأ، لأنها ستزيد من اعباء المواطنين والمقيمين.
الانقسام النيابي ـ النيابي، وايضا النيابي ـ الحكومي، كان واضحا داخل اجتماعات اللجنة المالية البرلمانية في اثناء مناقشة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون رقم 79 لسنة 1995 في شأن الرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق العامة مع ممثلي وزارة المالية، حيث ظهر للعيان وجود انقسام بين اعضاء اللجنة انفسهم حول مسألة اعادة النظر في رسوم المرافق والخدمات التي تقدمها الدولة، مع تأكيد عدم المساس بذوي الدخل المحدود بأي حال من الاحوال. وظهر وجود توافق بين بعض اعضاء اللجنة وبين الفريق الحكومي الذي كشف للجنة عن ان تكلفة الخدمات وحق الانتفاع بالمرافق على الدولة تبلغ ما يقارب 43 في المائة من الميزانية العامة، في حين لا يتجاوز عائدها الـ 2 في المائة، وهناك خدمات تبلغ تكلفتها 16 دينارا وأخرى 9 دنانير، في حين يبلغ عائدها زهاء دينار واحد.
وجاء في نص المشروع الحكومي الذي عرض على اللجنة المالية أن يستبدل نص المادة الأولى من القانون بما يقضي بإلغاء «لا يجوز… إلا بقانون»، واستبدالها بجملة «يجوز للحكومة بقرار» زيادة الرسوم والتكاليف المالية الواجب أداؤها مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة، التي تقدمها الدولة، ويكون قرار الزيادة بالنسبة لكل رسم أو تكليف مالي، وتحديد فئات الذين تشملهم الزيادة بقرار من مجلس الوزراء. وبررت الحكومة تقديم المشروع بأنه تبين عند تطبيق القانون القائم بأنه تجاوز الهدف منه وشمل العديد من الرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات، التي يتعين النظر فيها وبما يتناسب مع تكلفتها ويسمح بتحسين نوعيتها.
وتتضمن خطة زيادة الرسوم القيام بمراجعة تسعيرة السلع والخدمات وزيادة رسومها لزيادة الايرادات غير النفطية، نظرا لأن معظم الخدمات تقدم مجانا أو باسعار تقل عن تكلفتها الحقيقية، وإدخال الضرائب على ارباح الشركات لأنها حاليا مقصورة على الشركات الاجنبية فقط، وستمتد إلى الشركات الوطنية الكويتية لتتحمل تكلفة ما يقدم اليها من سلع وخدمات مدعومة، مثل الماء والكهرباء والبنى التحتية، والنظر في فرض بعض أشكال الضرائب غير المباشرة على الاستهلاك او المبيعات. واشارت الدراسة إلى ضرورة وضع رسوم على استخدام بعض الطرق الرئيسية وتتم جبايتها إلكترونيا، مثلما يحدث في دبي او في بلدان اخرى، وتستخدم الحصيلة في صيانة الطرق وانشاء المزيد منها، وسرعة تحصيل المتأخرات من مستحقات الدولة.
وقال نائب رئيس الوزراء وزير المالية أنس الصالح إن مسألة زيادة الرسوم على الخدمات التي تقدمها الحكومة تعتبر مشروع دولة يهدف إلى ترشيد الإنفاق ومراجعة سياسات الدعم.
وبين الصالح أن زيادة الرسوم على أملاك الدولة «أمر مستحق»، ضاربا مثلا بالشاليهات المقامة على أملاك الدولة «بحيث تكون هناك زيادة في الرسوم أسوة بما حدث بالنسبة للقسائم الصناعية، لأنه من غير المعقول أن تكون الرسوم رمزية بل ربما أقل من رمزية».
وأكد أن المصلحة العامة تقتضي زيادة تلك الرسوم ورفد خزينة الدولة بها، لا سيما بعد انخفاض أسعار النفط، مشددا على أن الأمر لن يحيد عن خط تنويع مصادر الدخل.
نيابيا، قال مقرر اللجنة النائب محمد الجبري إن وجهة نظر اللجنة تتمثل في أنه لا يمكن أن تكون هناك زيادة على الرسوم والخدمات من دون مقابل تقديم خدمات فعلية، داعيا إلى تنويع مصادر الدخل، ومشيرا إلى أن اللجنة طالبت ممثلي وزارة المالية بتوضيح آلية العمل في شأن الزيادة على السلع والخدمات.
وأكد الجبري أنه لن تكون هناك أي زيادة على أصحاب الدخل المحدود، لافتا إلى أن الدراسة التي تقوم بها الحكومة سوف تستغرق وقتا، ومن المتوقع الانتهاء منها بعد سنتين، مبينا أن اللجنة طلبت من الحكومة تعهدا بعدم المساس بالخدمات كالكهرباء والصحة والتعليم التي تدعمها الدولة مباشرة.
وآكد النائب راكان النصف انه ليس ضد فكرة رفع اسعار الخدمات و تطبيق الضريبة بشكل عام، لكن مقابل ذلك يجب ان تقدم الدولة خدماتها للمواطنين من خلال اعمال الوزارات والجهات الحكومية.
وأوضح النصف أنه يجب على الجميع ان يقوموا بالواجب الوطني، سواء الشركات أو المواطنون، لكن على الدولة ايضا ان تقدم خدمات مقابل هذه الرسوم والضرائب، خصوصا أن المواطن اليوم يدفع ضرائب غير مباشرة لتخليص اعماله في الجهات الحكومية.
في المقابل رفض النائب محمد طنا هذا التوجه قائلا: ان وضع استثماراتنا الخارجية ممتاز، لذلك لا خوف من انخفاض سعر النفط على الكويت نهائيا. أما عما يتردد عن ان الحكومة عندها خطط لزيادة أسعار بعض الخدمات أو رفع الدعم عن بعض السلع، فأنا أرفض ذلك رفضا تاما، فأنا ضد تخفيض المرتبات أو تخفيض الدعم على بعض المواد، أو زيادة أسعار البنزين، أنا ضد هذه الأشياء تماما. لذلك أنا أقول لأي شيء يضيق على المواطن الكويتي انه شيء غير مقبول.
وتابع طنا: أنا دائما أنادي بأن يكون هناك بديل مساند للنفط، لكن ليس بزيادة اسعار الخدمات بل بجذب الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص، فالدول لا تعتمد على مصدر واحد للدخل. نحن الآن معتمدون على مصدر واحد هو النفط، لذلك أنا أتمنى من الحكومة ومن الإخوة الزملاء في مجلس الأمة أن نسعى لإيجاد بديل للنفط للمدى البعيد.
بدوره قال النائب د. منصور الظفيري: ان ما تعلنه الحكومة من اجراءات التعامل مع تراجع اسعار النفط يفتقد أي رؤية للاصلاح المالي والاقتصادي، وهو مجرد اجراءات استفزازية مثل مشروع الحكومة لتعديل قانون الرسوم مقابل الانتفاع بالخدمات والمرافق العامة، فهذا امر مرفوض وسيعرقل النواب صدوره من مجلس الأمة؛ لأننا نرفض المساس بالمواطن والمقيم.