حل رئيس تحرير «الخليج»، أحمد إسماعيل بهبهاني، ضيفا على برنامج «تحيا مصر»، في التلفزيون المصري، في أثناء إقامة الأسبوع الكويتي الثامن في مصر، حيث أكد أن المعرض شهد هذا العام زحاما وإقبالا من رجال الثقافة والسياسة والفنانين ورجال الاعمال والجمهور، فكان «مهرجان محبة»، قبل أن يكون مهرجانا ثقافيا أو استثماريا أو إعلاميا.
وعزا بهبهاني خلال حواره مع مذيعة البرنامج شيرين فاروق نجاح الأسبوع الكويتي في مصر إلى التسهيلات والتشجيع سواء من الحكومة الكويتية أو الحكومة المصرية، حيث يحظى برعاية رئيس الحكومة المصرية واهتمام وسائل الاعلام. وعن لقائه بالرئيس السيسي، كشف بهبهاني عن أنه التقاه مرتين، حيث قال للرئيس في المرة الأولى: «ما قمت به خلال ستة أشهر، منذ ثورة 30 يونيو إلى يناير، لا يتم خلال ست سنوات، فلله الحمد خلال ستة أشهر الأمن استقر في مصر». مشيرا إلى أن أهم التحديات التي يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه ورث تركة ثقيلة، الا ان لديه نظرة مستقبلية وأفقا سياسيا واقتصاديا يسير به إلى الأمام.
وأكد بهبهاني أن مصر هي العمق الإستراتيجي للخليج وللأمة العربية، وتعد مهدا للحضارات، معترفا بفضلها في التعليم والثقافة، من خلال بعثاتها التعليمية والثقافية، مشيرا إلى ان علاقة الكويت مع مصر أقوى بكثير من أي كائن من كان يتوهم أنه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يستطيع أن يشعل العلاقات، أو يضرب العلاقات الكويتية ـ المصرية، فهي علاقات رباطها الدم الذي سال من الجانبين في الحروب المصرية أو خلال تحرير الكويت. وأدلى بهبهاني بكثير من الآراء والأفكار هنا تفاصيلها:
< في البداية وأنت مسؤول عن الاسبوع الكويتي الثامن فى جمهورية مصر العربية ما الهدف من استمرار هذا الاسبوع؟
ـ بالنسبة لمصر فهي تمثل العمق الاستراتيجي للخليج وللأمة العربية، ومصر تعد مهدا للحضارات، ومصر علمتنا، وثقفت دول الخليج، ببعثاتها التعليمية والثقافية، وبعثاتها الفنية في مرحلة بدايات دول الخليج في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، وأنا دائما أعتز بأن من درسني مدرسون مصريون، سواء في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية، وكنت دائما أحرص على التواصل مع مدرسي، سواء الذين تغمدهم الله برحمته، أو الأحياء، فأحرص دائما على التواصل معهم ورؤيتهم.
هذا من الجانب الثقافي، أما من خلال مواقف مصر مع الكويت ومواقف الكويت مع مصر، فأنا أعتقد أنه لا يوجد شيء أسمى من الدم، فخلال حرب 1967 الجيش الكويتي حارب مع الجيش المصري في تلك الحرب، ولدينا شهداء فيها، رحمهم الله جميعا، وفي حرب 1973 أيضا هناك شهداء كويتيون دماؤهم سالت على أرض مصر، ولنأت إلى حرب تحرير الكويت، فموقف مصر مع الكويت كان له دور كبير مع دول التحالف في تحرير الكويت، وأنا لدي علاقة قوية مع قائد الدبابات المصرية، وقائد القوات البرية المصرية اللذين كان لهما دور كبير في تحرير الكويت خلال الحرب البرية للتحرير.
< ماذا عن المصري الذي تعرض أخيرا للدهس في الكويت؟
ـ دائما أقول إن هذه الحوادث فردية، ولا نقبل بهذه الحوادث، والمصريون في الكويت بلا استثناء، من كبير إلى صغير، في الكويت بين أهلهم، فإذا وقعت حادثة مثل التي وقعت تأخذ إجراءاتها القانونية على الفور، وتم إلقاء القبض على المتهمين، وتمت إحالتهم على النيابة، وإن شاء الله يأخذون جزاءهم في المحاكم، وعلاقتنا مع مصر أقوى بكثير من أي كائن من كان يتوهم أنه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يستطيع أن يشعل العلاقات، أو يضرب العلاقات الكويتية ـ المصرية.
وأعتقد أن هذا وهم كبير، لمن يعتقد أنه يستطيع أن يمس العلاقات الكويتية ـ المصرية، وكما نرى عندما كنا هنا في مصر، في الأسبوع السابع والاسبوع الثامن، رأينا حب المصريين للكويت، وخلال افتتاح رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب سألني عن الحضور فقلت هذا هو حب المصريين للكويت، وهذا العام كان هناك زحام وإقبال على حضور الأسبوع من رجال الثقافة ورجال السياسة وفنانين وفنانات فكان «مهرجان محبة»، قبل أن يكون مهرجانا ثقافيا أو إعلاميا.
< في ظل ما يحدث في العالم، وما تعرضت له الكويت من أحداث إرهابية بتفجير مسجد الصادق، كل هذه الأحداث تجعل هناك مشاركة بين مصر والكويت في التضامن ضد الارهاب، ومن خلال الاسبوع الخليجي وأنتم أصحاب معارض لماذا لا يكون هناك ملتقى إعلامي يوحد الخطاب الإعلامي العربي وتكون أنت رائد به؟
ـ أنا دائما أقول إن اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية، فلا يوجد خطاب إعلامي موحد، لكن يمكن أن يكون هناك تنسيق والتزام بميثاق إعلامي عربي، وأعتقد أن هناك الكثير من المشاكل التي وقعت في السابق، ومشكلتنا أننا دائما لا نتفق، ويجب أن نكون متفائلين بالمرحلة القادمة، ويجب أن نتفق على مبدأ أن يكون هناك ميثاق إعلامي عربي.
< عندما كان الرئيس عبدالفتاح السيسي في الكويت التقيت به، فما هي أهم محاور اللقاء الذي دار بينك وبين الرئيس السيسي؟
ـ اللقاء الأول لي مع الرئيس السيسي كان في هذا الوقت برتبة فريق، وبعد 30 يونيو التقيت به في نوفمبر، واللقاء الأول جعلنا نتفاءل جدا، وكنت أتمنى بعد هذا اللقاء المطول مع الرئيس السيسي، وكان حينها وزير دفاع، فتمنيت أن يأتي إلى مصر رجل مثل الرئيس السيسي ليحكم مصر، لسبب أنني رأيت لديه أفقا سياسيا، وأفقا اقتصاديا، وكل الأفكار التي لديه منذ هذا اللقاء أراها تنفذ على خطوات.
أما لقاؤنا في الكويت، فبعد ثورة 30 يونيو، الأوضاع الأمنية التي كنا نراها في مصر لم تكن تبشر بالخير، وقلوبنا جميعا كانت على مصر، ولله الحمد في اللقاء مع الرئيس السيسي، في يناير قلت له ما قمت به خلال ستة أشهر، منذ ثورة 30 يونيو إلى يناير، لا يتم خلال ست سنوات، فلله الحمد خلال ستة أشهر الأمن استقر في مصر، وكل بلد نرى فيها حوادث إرهابية، نراها في كل مكان، وآخرها كان الحادث الإرهابي في فرنسا، فالإرهاب لا جنسية له ولا موطن، وهو منتشر في العالم كله، ولله الحمد مصر بقيادتها الآن استقرت، والكل يشعر بالأمان، ونحن عندما نتحدث عن الأمن ننظر إلى الاستقرار الاقتصادي لمصر.
< ماذا يعني الاستقرار الاقتصادي المصري لدول الخليج؟
ـ الأمر لا يتعلق بدول الخليج أو مصر فقط، وما يهمني ماذا يعني الاستقرار الاقتصادي لمصر، فالاقتصاد لا يستقر إلا مع استقرار الأمن، فهما يسيران في خط متواز كل منهما مع الآخر، وعندما يكون هناك استقرار أمني، يكون هناك اقتصاد وتنمية، ولله الحمد مصر الآن بها استقرار أمني، ويجب الآن تشجيع الاستثمار في مصر.
ومصر كبلد بها فرص استثمارية كبيرة، وتلك الفرص متاحة في جميع الصناعات، سواء كانت ثقيلة أو صناعات استهلاكية أو تحويلية، أو سياحة، ولكن ينقصها إلى الآن صدور قانون الاستثمار الذي يطلق عليه «الشباك الواحد»، فمصر بحاجة إلى قانون يلم القوانين العديدة.
< ذكرت أن سمو الأمير عندما وقع التفجير الارهابي في مسجد الصادق قال «هذولا عيالي»؟
ـ نعم، وقبل أن يصل صاحب السمو بخمس دقائق كان الشيخ محمد الخالد وزير الداخلية، ووكيل وزارة الداخلية، سبقا سمو الأمير إلى موقع الحادث، وكان الحادث مفاجأة، فهؤلاء أناس في رمضان، يؤدون صلاة الجمعة، وهم ساجدون، ويدخل شخص يفجر فيهم.
فمهما كان الانسان يفكر أو يدرس ما حدث لن يصل إلى العقل أو المنطق الذي دفع هذا الشخص إلى القيام بهذا الحادث الإرهابي، ولكن بعد التفجير مباشرة، وفي أقل من 10 دقائق وصل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى موقع الحادث، وأردوا منعه من دخول المسجد لدواع أمنية، إلا أنه حرص على الدخول وقال «هذولا عيالي».
< هل أنت مؤمن بأن هناك مخططا لشرق أوسط جديد أم لا؟
ـ أختلف مع الذي يقول إن هناك ترتيبا، إلا أنني أشعر بأنه منذ سقوط الشاه في إيران إلى اليوم نشعر بأن هناك مسلسلا يسير، ولا بد أن نبحث عن المستفيد، منذ العام 79، ثم الأوضاع في إيران، والحرب العراقية ـ الإيرانية، إلى الغزو العراقي للكويت، حتى الربيع العربي الذي أتى ودمر الأمة العربية.
< لماذا لا تكون هناك سياحة عربية خليجية بين الدول العربية والخليجية لدعم الاقتصاد العربي؟
ـ فيما يخص السياحة المصرية الخليجية، أنا ألمسها، فبعد ثورة 25 يناير سكنت بأحد الفنادق الضخمة، وفوجئت بأن كل المقيمين به 9 أشخاص فقط، ودمرت السياحة في مصر في وقتها، وعندما أتى الرئيس عبدالفتاح السيسي تغيرت الأوضاع، الفنادق ممتلئة وشركات الطيران إلى القاهرة مشغولة بالركاب، ونشعر بذلك خلال الأعياد والمناسبات.
فبين الكويت والقاهرة، بخلاف الرحلات إلى الأسكندرية والأقصر وشرم الشيخ، هناك تقريبا ثماني رحلات يوميا بين الكويت ومصر.
< لماذا لا تدعو إلى مؤتمر اقتصادي مصري ـ كويتي؟
ـ الأسبوع الكويتي في مصر نجح نجاحا كبيرا، وهذا العام كان مميزا جدا، وهذا النجاح لا يأتي من فراغ، وكانت هناك تسهيلات وتشجيع، سواء من الحكومة الكويتية أو الحكومة المصرية، ولقد توقفنا عن إقامة هذه الأسابيع قرابة سنتين أو ثلاث سنوات، خلال الأحداث السياسية التي شهدتها مصر، لكن دائما كانت هذه الأسابيع تحت رعاية رئيس الوزراء المصري، وكان ذلك يعطيها التميز والنجاح.
< ما هي أهم التحديات التي يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي من وجهة نظركم كمواطن خليجي؟
ـ أرى أن أهم التحديات التي يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه أتى في فترة زمنية مصر بها تركة ثقيلة، والرئيس عبدالفتاح السيسي لديه نظرة مستقبلية، فلديه أفق سياسي واقتصادي يسير إلى الأمام، وبالوقت نفسه يريد أن يعالج التركة الثقيلة التي تسلمها، وبالتالي أعتقد أنه نجح إلى حد كبير في ترسيخ الأمن، ومن خلال ترسيخ الأمن أنا متفائل جدا بمستقبل مصر.
< أتمنى أن يكون لدينا عملة عربية موحدة فهل يمكن أن يتحقق هذا الحلم؟
ـ منذ أن كنت في المرحلة الابتدائي ويقال لنا إن هناك سوقا عربية سيتم إنشاؤها، وإلى اليوم لم تنشأ، وقالوا إن الأمة العربية ذات رسالة خالدة، إلا أنه مع ذلك لا يوجد شيء مشترك، فنحن من أفضل الشعوب نشترك في الدين وفي اللغة، ومع ذلك لم يتم إقامة السوق العربية، لأن هناك عراقيل لإقامة هذه السوق.
أوروبا على الرغم من اختلاف اللغات فيما بينهم، ورغم اختلاف العادات والتقاليد، ورغم اختلاف التوجهات إلا أنهم أقاموا الاتحاد الأوروبي، ونجحوا فيه، وأصبح لديهم اليورو، ونحن على الرغم من اتفاقنا في الدين وفي اللغة وفي التراث وفي العادات والتقاليد لم نستطع أن نقوم بشيء.
< لديكم مكتب في الكويت يقوم بمتابعة الشهداء المصريين فلماذا؟
ـ لدينا مكتب الشهيد، وكان قد شارك في الاسبوع الكويتي، ووضعوا صورا للشهداء المصريين، ومنهم صورة لشهيدة، وهذا المكتب يتبع الديوان الأميري في الكويت، وهذا المكتب يتابع أسر الشهداء منذ بداية استقلال الكويت إلى اليوم، ولاحظت أنهم يرعون أسر الشهداء المصريين، وعلى تواصل مع أسر الشهداء ومتابعة احتياجاتهم، وأسماء الشهداء المصريين الذين استشهدوا خلال حرب تحرير الكويت معروفة وموجودة، وهذا أمر طيب من قبل مكتب الشهيد.
< متى ستقوم بزيارة مصر مرة أخرى؟
– عندما آتي إلى مصر أشعر دائما بأنني في بلدي، وعندما أكون موجودا في مصر لا استقر في مكان بسبب كرم المصريين، حتى أنني ذهبت إلى بني سويف والأسكندرية، وذهبت إلى حارة اليهود والموسكي وخان الخليلي، وأفكر أن يقام مؤتمر في شرم الشيخ عن طريق القطاع الخاص لإقامة مؤتمر لفرص الاستثمار الموجودة في مصر.