• نوفمبر 27, 2024 - 7:35 صباحًا

قمة الرياض .. صورة مضيئة لتحقيق آمال الشعوب

قدمت القمة السادسة والثلاثون لمجلس التعاون الخليجي من الدلائل والمؤشرات ما يؤكد أن هذه المنظومة الوحدوية تمضي في الطريق الصحيح، وأنها لاتزال تشكل النموذج الأنجح والأفضل في المنطقة العربية، من حيث تحقيقها تطلعات شعوبها.
صحيح أن شعوب دول مجلس التعاون تحلم بمزيد من الإنجازات، وترى أنها جديرة بذلك، لكن الصحيح أيضا أن قادة دول المجلس يدركون هذا تماما ويقرون به، ويعملون بدأب من أجل الوصول إلى أقصى ما تتمناه شعوبهم، ومن هنا جاء البيان الختامي للقمة ليؤكد تلك الأمور، ويقرر أن المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي اطلع على ما وصلت إليه المشاورات بشأن مقترح المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وأنه وجه المجلس الوزاري باستمرار المشاورات واستكمال دراسة الموضوع في هذا الشأن… وهي إشارة تؤكد أن الوصول إلى مرحلة الاتحاد هو طموح قائم، على أن يكون تحقيق ذلك عبر دراسة عميقة ومركزة، حتى يأتي متسقا مع أوضاع الدول الأعضاء كافة، ومحققا بالفعل لأحلامها وآمالها، والأهم أن يكون قادرا على البقاء، ولا يتعرض لما تعرضت له كيانات أخرى استعجلت بلوغ مرحلة الاتحاد، ثم أصابها الضعف والتحلل وضربتها الخلافات والانقسامات، وانتهى بها المآل إلى الفشل التام.
واتصالا بذلك جاء قرار قادة القمة أيضا بتكليف الأمانة العامة بتشكيل لجنة من المختصين والمفكرين من أبناء دول المجلس، لاقتراح مرئيات للوصول إلى المواطنة الاقتصادية الكاملة، واعتماد النظام الموحد لحماية المستهلك بدول مجلس التعاون كقانون إلزامي، وكذلك اللائحة التنفيذية الخاصة بمساواة مواطني دول المجلس في الاستفادة من الخدمات الصحية، وكلها قرارات وتوصيات تصب في النهاية في مصلحة شعوب الخليج، وتحقق بالفعل «حالة الاتحاد» حتى من دون حاجة إلى استخدام هذا المصطلح حرفيا.
والأمر نفسه ينطبق على وجود قيادة عسكرية موحدة لدول المجلس، وكذلك مواصلة التنسيق والتعاون الأمني، بما يحفظ أمن واستقرار الدول الأعضاء، ويسهم بالضرورة في حماية أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
وعلى الصعيد الخارجي يستمر مجلس التعاون في سياسته الداعية إلى إنهاء الصراعات والأزمات التي تشهدها المنطقة بالطرق السلمية، ويجدد تأكيده على أنه يمد يده بالصداقة والتعاون إلى كل الدول المجاورة، بما فيها إيران التي يقر لها بحقها في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، لكنه يطالبها في الوقت نفسه باحترام سيادة جاراتها وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، فضلا عن أهمية جعل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، منطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية.
هذا المنطق المتوازن نفسه يحكم رؤية المجلس تجاه القضايا الكبرى التي تواجه المنطقة، كالأزمة السورية التي جددت القمة دعوتها إلى إيجاد حل سياسي لها، يضمن وحدة سورية ومداواة جراح شعبها التي نزفت طويلا وآن لها أن تضمد، وأن يتعافى هذا الشعب بعد طول معاناة… وكذلك الأمر مع الأزمة اليمنية التي حرص المجلس على أن يؤكد أنه رغم اللجوء لخيار التعامل العسكري مع مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي صالح، فإنه مدرك تماما أن هذا الصراع لن يتم حله بشكل نهائي إلا عبر الوسائل السلمية، وبما يكفل مشاركة كل الأطراف في العملية السياسية، وجلوسها معا على مائدة التفاوض، لرسم ملامح مستقبل اليمن.
وبالطبع كانت القضية الفلسطينية حاضرة، من خلال تأكيد القمة أن السلام الشامل والعادل لن يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة، ومطالبة المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته لإلزام إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، والكف عن انتهاكاتها ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، والاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة.
هكذا قدمت قمة الرياض صورة رائعة للتعاون والتنسيق والتكامل بين دول «الخليجي»، تماما كما قدمت للعالم صورة مضيئة لمنظومة تواصل سعيها إلى تحقيق أحلام شعوبها، وتؤكد في الوقت نفسه توافقها مع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.

Read Previous

سمو الأمير: قرارات قمة الرياض تعزز العمل الخليجي وتحقق آمال شعوبنا

Read Next

تطبيق القانون لا يعني تراجع الحريات.. والكويت لا يوجد بها زوار الفجر

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x