تواجه السلطتان، التشريعية والتنفيذية، اختبارا جادا على صعيد علاقة التعاون بينهما، بعد ان انتهى المستشار العالمي من دراسته عن سبل مراجعة الدعم الحكومي، وفق تعاقد المستشار العالمي مع وزارة المالية التي اعتبرت ان ترشيد الدعم يستهدف ضمان وصوله إلى مستحقيه ووقف الهدر في الميزانية.
وأعلن عدد كبير من اعضاء مجلس الأمة رفضهم الشديد لأي مساس بالدعم¡ محذرين من مخاطر المساس بدخل المواطنين ومعيشتهم¡ سواء بترشيد الدعم السلعي أو رفع اسعار الخدمات أو إلغاء بعض الامتيازات المالية المستحقة للمواطنين، مثل بدل الايجار ومنحة الزواج.
ودعا النواب الحكومة إلى عدم الاقدام على اي خطوة من شأنها رفع اسعار السلع والخدمات أو تقليل الدعم الا بعد عرض تلك الاجراءات على مجلس الامة اولا، وأشار عدد من النواب إلى أنهم سيطلبون من المجلس عقد جلسة خاصة لمناقشة الاجراءات الحكومية التي تتردد في وسائل الاعلام عن إلغاء بعض جوانب الدعم وتخفيض بعض الجوانب الاخرى، وبحث ازمات الميزانية وتراجع الايرادات للبحث عن حلول بعيدة عن المساس بالمواطنين مشيرين إلى ان ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ سيكون ﻫﻮ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻀﺮﺭﺍ من تلك القرارات.
وطالب نائب رئيس مجلس الامة مبارك الخرينج الجهات المالية بالدولة بمعالجة مشاكل وصعوبات الميزانية والعجز المالي بعيدا عن اصحاب الدخل المحدود، وعدم المساس بالدعم المقدم من الدولة لبعض الخدمات المهمة في حياة المواطن، والتي تساهم بشكل كبير في تسهيل وتيسير حياة المواطنين، مطالبا بالبحث عن الحلول المالية الكفيلة بحل عجز الميزانية بعيدا عن رفع الدعم عن الخدمات والمواد الضرورية للمواطن أو زيادة الرسوم وغيرها من الحلول التي تحمل المواطنين فوق طاقتهم.
وحذر الخرينج من ان اي رفع للدعم للخدمات والمواد السلعية سوف يسبب كثيرا من المشاكل المالية للاسرة الكويتية مثقلا كاهلها بأعباء مالية لا تقدر على تحملها مع الوقت في ظل تكاليف الحياة الكثيرة.
بدوره قال مراقب مجلس الامة النائب عبدالله التميمي: إن توجه الحكومة لرفع أسعار البنزين يتناقض مع الخطاب السامي لأمير البلاد، والذي أكد سموه في جلسة افتتاح دور الانعقاد الحالي على عدم المساس بدخل المواطنين ومدخراتهم. ورفض التميمي نية الحكومة رفع أسعار البنزين على المواطنين وتقليص الدعم عن المواد الأساسية التي باتت السلطة التنفيذية تسوق لها، وأوضح التميمي ان أسباب هبوط أسعار النفط هي أسباب وقتية وستزول في المرحلة المقبلة، فلا يوجد داع لطحن الطبقة المتوسطة في المجتمع الكويتي من الآن في ظل وجود بدائل كثيرة تستطيع الحكومة القيام بها.
ورفض النائب محمد طنا التقارير التي تدعو الحكومة الى المساس بمكتسبات المواطنين وتقليص الدعم الحكومي¡ مشيرا إلى ان اي محاولة تمس ذوي الدخول المحدودة ستواجه بالرفض القاطع، لا سيما أن الحكومة تملك خيارات عدة لتنويع مصادر الدخل.
وقال طنا: ان ارادت الحكومة ترشيد النفقات فعليها البدء أولا بالمميزات الحكومية التي يحصل عليها كبار المسؤولين قبل ان تمس المواطنين ذوي الدخل المحدود¡ لافتا إلى ان الدراسات التي تنشر بين الحين والآخر لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى اوجه الهدر الحكومي المتواصل.
وشدد النائب عبدالله المعيوف على رفضه توصيات اللجنة الحكومية المشكلة لدراسة سبل تخفيض تكلفة الدعم بناء على توصيات المستشار العالمي (أرنست أند يونج)، الذي أعد دراسة تقليص الدعم على 12 سلعة وخدمة حكومية، محذرا من ان تلك التوصيات ستؤثر مباشرة على شريحة القطاع العائلي من المواطنين لأنها ستؤدي إلى ارتفاع الكثير من السلع الاستهلاكية، وعبر عن رفضه لأي إجراءات تعمل على زيادة الاعباء المعيشية على الاسر الكويتية.
واستغرب المعيوف هذا الاصرار الحكومي على العمل ضد مصلحة المواطن والاستمرار في تسريب الأنباء عن رفع الدعم لاستفزاز الرأي العام، مشيرا إلى ان الأنباء التي تطفو على الساحة المحلية أخيرا حول رفع الدعم أو ما تسمى بدراسة المستشار العالمي بشأن تقليص الدعوم، دليل جديد إلى جانب دلائل أخرى كثيرة على هشاشة وسطحية السياسة التي تنتهجها الحكومة في جميع القضايا، خاصة التي تمس الجانب المعيشي للمواطن.
وحذر المعيوف من أن مثل هذا القرار بتقليص الدعوم سيطال جميع المواطنين والمقيمين، ولن يتضرر به التجار، بل بالعكس إن هذا القرار سيكون حجة لأغلبية التجار لرفع أسعار جميع أنواع السلع الاستهلاكية والغذائية.