أكد سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء «ان تماسكنا الداخلي متحقق بإذن الله على الرغم من اي اختلاف في الرؤى والآراء لان الكويت هي سفينتنا التي تحمل الجميع».
وقال سمو الشيخ جابر المبارك في لقاء مع صحيفة «الحياة» اللندنية: «قدرنا إننا في منطقة تموج بالتغيرات والاضطرابات، ونحن على حافة حرجة فيها ورصيدنا في مواجهة أي خطر هو الاتكال على الله سبحانه ثم وحدتنا الوطنية وتماسكنا الداخلي».
وأضاف: «نحن على ثقة بأن ربان سفينتنا حضرة صاحب السمو الأمير سيقود الكويت إلى بر الأمان بإذن الله بخبرته وحنكته ودرايته وعلاقاته الاقليمية والدولية».
وأكد الشيخ جابر المبارك حرص دولة الكويت على ان تحقق افضل العلاقات مع جيرانها ومنها إيران، موضحا ان «لنا ملاحظات على بعض السياسات الاقليمية للحكومة الإيرانية وهذا موضع حوار ونقاش دائم مع المسؤولين الايرانيين».
وأضاف: أن للكويت موقفا واضحا تجاه التجاوزات التي وقعت أخيرا ضد المملكة العربية السعودية وضد بعثاتها في طهران ومشهد ومسؤولية النظام الإيراني تكمن في التعامل مع الأمور بروح المسؤولية حتى وان كانت هناك قوى واتجاهات سياسية مختلفة داخل إيران تتفاوت في التشدد والاعتدال.
وأعرب الشيخ جابر عن اعتقاده بانه من مصلحة إيران وجيرانها العرب اتباع سياسة حسن الجوار واحترام سيادة جميع الدول على ضفتي الخليج.
خلية العبدلي
وردا على سؤال حول ما يعرف بـ «خلية العبدلي»، قال سمو الشيخ جابر: «إنه من المؤسف جدا ان يتورط اي كويتي في نشاط اجرامي ضد وطنه وهذه القضية موضع النظر الآن في محكمة الاستئناف وللقضاء الكويتي المشهود له بالنزاهة والحياد الكلمة الأخيرة فيها».
وأكد ان الأجهزة الأمنية الكويتية متيقظة ولا تتوانى في رصد وملاحقة اي تنظيم أو تخطيط إرهابي ضد الكويت أو الخارج ايا كان مصدره او هويته.
وردا على سؤال عن مواجهة اقليمية بين محورين احدهما بقيادة السعودية والأخر بقيادة إيران تساءل سمو الشيخ جابر بالقول «ألم تبتل منطقتنا بما يكفي من الحروب حتى يتحدث البعض عن مواجهات جديدة».
وأضاف: «ان علينا ان نتعظ من الماضي ولا نكرر الأخطاء والمملكة العربية السعودية لم تتدخل يوما في الشأن الداخلي لأي دولة بل كانت دائما مصدر خير ودعم ومساندة لأي دولة عربية أو إسلامية».
وأوضح ان على القيادة الإيرانية، خصوصا مسؤولية تعديل الكثير من السياسات والتوجهات لنزع فتيل التوتر في بقع كثيرة في المشرق العربي.
مجلس التعاون الخليجي
وأكد سمو الشيخ جابر أن الكويت جزء لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي، مشددا على ان اصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس بينوا بشكل واضح ومتكرر سعيهم لتجنيب المنطقة كل الشرور وحرصهم على بناء علاقات افضل مع الجوار مبنية على الإحترام المشترك وتبادل المصالح.
بيد انه أشار إلى ان التدهور الخطير الذي شهده اليمن العام الماضي بسبب تجاوزات جماعة الحوثي والمتحالفين معها على الشرعية بدعم خارجي واضح تطلب تدخلا خليجيا مباشرا لدعم الشرعية ولمساعدة الشعب اليمني الشقيق على استعادة السيطرة على سيادته الوطنية.
وأعرب سمو الشيخ جابر عن ثقة الكويت في الدور السياسي والعسكري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة وحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لإعادة الأمور إلى نصابها في اليمن، مؤكدا أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية سيقوم بدوره البناء في دعم كل القضايا العربية.
رعد الشمال
وحول رؤية دولة الكويت للتحالف الإسلامي الذي اعلن عنه أخيرا ومناورات «رعد الشمال» التي تستضيفها السعودية، قال سمو الشيخ جابر: «إن الكويت جزء من هذا التحالف وتشارك وحدات من الجيش الكويتي في المناورات».
وأوضح ان «مشاركة الكويت ما هي الا امتداد لالتزامنا الخليجي اساسا ضمن «درع الجزيرة»، إذ كما تعلمون لدينا وحدات جوية وبرية تشارك إلى جانب الاشقاء في جهود دعم الشرعية في اليمن».
وبين الشيخ جابر أن «هناك اتجاها آخذا في التبلور لعمل عربي إسلامي مشترك يعزز الاستقرار في المنطقة ويمنع امتداد التوتر والتهديد إلى مناطق جديدة».
الاتفاق النووي الإيراني
وردا على سؤال حول موقف دولة الكويت من الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، قال سمو الشيخ جابر «نحن مع اي اتفاق يزيل التوتر ويمنع شبح الحروب»، مشيرا إلى ان لكل دولة الحق في التقنية النووية السلمية وقبول إيران الالتزام بالضوابط الدولية هو أمر ايجابي.
وأعرب الشيخ جابر عن امله في ان يعمل المجتمع الدولي على فرض الأمر نفسه على إسرائيل التي هي مستثناة من اي جهد دولي للرقابة على صناعتها النووية وهي السبب في نشوء هاجس السباق النووي في المنطقة.
الأزمة السورية
وحول رؤية دولة الكويت للازمة السورية وموضوع مكافحة الارهاب المثار دوليا بهذا الشأن، قال الشيخ جابر: «إن المعلومات والصور القادمة من سورية كل يوم تدمي القلب وتوجع الفؤاد، مما يصيب أهلنا واخواننا في سورية من محن».
وقال: «إن ما يعانيه الشعب السوري الشقيق من قتل وتشريد الملايين من شعبه، إضافة إلى الدمار الكبير الذي تعرض له هذا البلد العزيز يحتم علينا البحث عن حلول سياسية تنهي هذه المآساة الكبرى».
وقال: «إن ما يحزننا أكثر مسعى بعض الاطراف إلى تهميش محنة الشعب السوري وتحويل القضية إلى حرب ضد «داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى».
وتساءل الشيخ جابر المبارك في معرض إجابته هل الارهاب ممارسة اجرامية مرفوضة ايا كانت هوية صاحبها أم تهمة يريد البعض لصقها بالعرب والمسلمين؟.
وأعرب سموه عن استغرابه الشديد من اسلوب تعامل القوى العظمى مع المسألة السورية مع كل ما تحمله من وحشية ومآس يدفع الشعب السوري ثمنها.
وقال: «نحن في الكويت عرفنا الارهاب وواجهناه منذ الستينات ونحن في مقدمة المشاركين في اي جهد اقليمي او دولي ضد اي ارهاب مهما كانت هويته او طبيعة الجهة التي تمارسه ونطالب بان يكون واجب الجميع مواجهة هذه الافة دون انتقائية او سوء استغلال».
ولفت إلى ان دولة الكويت فطنت منذ الشهور الاولى لمحنة سورية إلى الجانب الانساني الكبير للقضية وعملت على تنظيم واستضافة ثلاثة مؤتمرات للدول المانحة للشعب السوري بمبادرة من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وكانت الكويت في مقدمة المانحين وهذا أقل واجب تجاه الشعب السوري الشقيق.
العلاقة مع العراق
وحول علاقة دولة الكويت مع العراق بعد ربع قرن على التحرير قال سموه: «العراق ظروفه صعبة، ونحن بذلنا كل ما نستطيع في مساعدة جارنا الشقيق على تخطي مرحلة النظام السابق والانتقال إلى نظام وطني تعددي يجمع العراقيين ويكون مرتكزا لاستقرار المنطقة بعد ان كان مصدر ارباك وكوارث لها ابان حكم صدام».
وذكر انه للأسف لم تجر الأمور في العراق كما كان مأمولا وأعتقد انه على الرغم من وجود تدخلات خارجية فإن مسؤولية التعثر في العراق ترجع إلى فشل بعض الساسة العراقيين في تجاوز الفئة والطائفة والعرق إلى العراق الوطن الأكبر، مما فتح الباب لمزيد من التدخلات الاقليمية والدولية وخلق صراعات دائمة.
وقال: «نحن لدينا علاقة جيدة مع الحكومة العراقية ونسعى دوما إلى تعزيز كل صور التعاون الممكنة، ولكن كما ذكرت العراق ظروفه صعبة ونأمل ان يتمكن من تجاوزها».
سياسة التقشف
وحول قضية التقشف، شدد رئيس مجلس الوزراء على انه ايا كان التصور الذي سيطبق للتقشف الذي تعتزم الحكومة إقراره بالتعاون مع البرلمان فانه لن يسمح ان يمس المواطنين الاقل دخلا او يمس الحاجات الاساسية للأسرة.
وقال سمو الشيخ جابر المبارك، «إن هذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها ازمة في اسعار النفط فقد حدثت ازمات في الماضي وان كان التراجع الحالي كبيرا نسبيا».
وأضاف: «ان الحاجة إلى التقشف سبقت الأزمة النفطية فلسنا في حاجة إلى خفض المصروفات كقيمة مالية فحسب بقدر حاجتنا إلى وقف الهدر غير المجدي وتحسين الإدارة الحكومية وترشيد بعض البنود في الموازنة والعمل على خلق ثقافة استهلاكية مسؤولة في المجتمع».
وقال: «إن الحكومة حاليا في حوار مستمر مع مجلس الأمة، معربا عن تفاؤله بامكانية التوصل إلى اتفاق مناسب لخطة التقشف التي ستكون لها نتائج ايجابية على المنظور البعيد».