أثارت دعوة وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة الدكتور فالح العزب في اجتماع اللجنة التشريعية لتعديل مسمى هيئة مكافحة الفساد إلى هيئة تعزيز النزاهة والشفافية ردود فعل نيابية متباينة.
وتباينت آراء نواب الأمة حول تبعية الهيئة بين من يرى ضرورة إلحاقها برئاسة الوزراء بحجة منحها الاستقلالية المطلوبة لأداء دورها ، واخرون يرون وجوب إلحاقها بمجلس الأمة لتمكين المجلس من القيام بدور فاعل في الرقابة على الجهات الحكومية أسوة بديوان المحاسبة.
في هذا السياق شدد نواب، في تصريحات نقلتها شبكة الدستور التابعة لمجلس الامة، على ضرورة وجود مراقبة مالية حقيقية للفساد في الكويت وأن مكافحته واجب وطني على كل كويتي شريف داعين إلى عدم اغفال سلبيات القانون وسد الثغرات التشريعية التي يمكن التلاعب من خلالها.
وقال النائب عدنان عبدالصمد: انه لا يمانع تغيير مسمى مكافحة الفساد إذا كان هناك ما يستدعي ذلك مشددا على ضرورة تفادي الثغرات في القانون خاصة تلك التي طرحها وزير العدل.
وأوضح عبدالصمد ان المسألة لا تختزل في تغيير المسمى فالعملية غير متعلقة بالنصوص والعبرة بالتطبيق الفعلي والحقيقي لدور الهيئة.
وذكر ان هيئة مكافحة الفساد مرت بتجربة ومن ثم أبطلت وأعيد تشريعها، مشددا على ضرورة عدم اغفال السلبيات خلال فترة التطبيق والعمل على تجاوزها بعد هذه التجربة.
ودعا عبدالصمد إلى الاستفادة من تجارب الدول الاخرى التي سبقتنا في هذا المجال خاصة تلك المشابهة لطبيعة دولة الكويت.
أما بشأن تبعية الهيئة فقد أبدى النائب استغرابه لاسيما وان «وزير العدل هو المساءل سياسيا بشأن الهيئة وفي الوقت نفسه ليس لديه سلطة عليها»، مؤكدا اهمية تقارب وجهات النظر بشأن تبعية الهيئة واستقلاليتها.
ودعا عبدالصمد إلى حسم تلك الخلافات أولا ومن ثم صياغة قانون خال من الثغرات والتجاوزات وبعيد عن التلاعب.
بدوره أبدى النائب د. محمد الحويلة تأييده لتغيير مسمى مكافحة الفساد إلى هيئة تعزيز النزاهة والشفافية شريطة ان يتم دراسة ذلك بعناية.
وقال الحويلة: انه لا يختلف اثنان ان هناك فسادا حقيقيا يحتاج إلى جهود جبارة للحد منه ومكافحته ومحاسبة المفسدين من اجل المحافظة على الوطن.
من جانبه أكد النائب خالد الشطي ان المسألة ليست بتغيير الاسماء فأبناء الشعب الكويتي يريدون «العنب لا الناطور» مشددا على ضرورة وجود مراقبة مالية حقيقية للفساد في الكويت.
وقال: ان الاسم الحالي للهيئة يلامس الواقع المرير الذي يحب علينا مكافحته، مؤكدا أن العبرة في التطبيق وأن المهم هو الجوهر وليس الشكل.
وأضاف الشطي: ان وزير العدل في دعوته لتغيير مسمى الهيئة كان هدفه إضفاء روح ايجابية على المسمى نفسه، داعيا إلى تفعيل الهيئة وان تكون هناك محاسبة حقيقية تلبي تطلعات الشعب الكويتي.
ومن جهته أكد النائب عبدالكريم الكندري ان الفساد في الكويت لن يجتثه تغيير مسمى مكافحة الفساد إنما إطلاق يدها كي تعمل وتستحكم على الفساد، موضحا ان اقتراح وزير العدل تعديل مسمى الهيئة «لا يعني شيئا» على حد تعبيره.
وأضاف: أن الأهم من ذلك هو موافقة وزارة العدل على تعديلات قانون مكافحة الفساد لتحريرها من القيود، مشددا على ضرورة الاهتمام بالكيان وعمله وموضوعه وصلاحياته وصفته وليس تعديل اسم الهيئة.
وقال الكندري: «مهما كانت مسببات تغيير الاسم فلن يحقق الهدف المنشود فالفساد موجود وان الشمس لا يمكن ان يغطيها منخل».
وبين الكندري ان مقترح الوزير ليس محل النظر ضمن الاقتراحات المقدمة، مشيرا إلى ان الفساد في الكويت الكل يعلم به حتى الطفل الصغير، وأن مكافحته واجب وطني على كل كويتي شريف.
اجتماع الـ25
ورغم اعلان وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الامة د.فالح العزب غير مرة تخيير رئيس واعضاء مجلس أمناء هيئة مكافحة الفساد بين “الاقالة والاستقالة” نتيجة خلافات الاعضاء التي عطلت اجتماعات مجلس الامناء وعمل الهيئة، عقد مجلس الأمناء اجتماعا الأسبوع الماضي بحث خلاله عددا من الموضوعات المتعلقة بالهيئة، منهيا بذلك فترة طويلة من «انقطاع المجلس عن الانعقاد».
وأعلن رئيس الهيئة رئيس مجلس الأمناء المستشار عبدالرحمن النمش في تصريح عقب اجتماع مجلس الأمناء الـ 25 أن المجلس «حريص على النهوض بمهامه ومباشرة اختصاصاته على النحو الذي يمكن الهيئة من بلوغ أهدافها ومقاصدها»، مضيفا ان المجلس «استهل اجتماعه بتسجيل الشكر لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد تقديرا لما يبديه دوما من حرص على استمرار عمل الهيئة ومجلس أمنائها وتذليل كل ما يعتري عمل الهيئة من عقبات وهو ما كان له بالغ الأثر على اضطلاع المجلس بمهامه»، مثنيا على «الجهود التي يبذلها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك والتي كان لها دوما تأثير إيجابي ودافع لعمل الهيئة ومجلس أمنائها».
وذكر أن اجتماع المجلس «ناقش موضوعات عدة تمثلت في متابعة آخر التطورات الخاصة بإعداد الستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وكذلك اطلع على برتوكولات التعاون ومذكرات التفاهم التي تزمع الهيئة توقيعها مع بعض الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في مجال التوعية والتثقيف وتنسيق الجهود في مجال مكافحة الفساد».
وأوضح النمش أن المجلس ناقش نتائج أعمال اللجنة المختصة بقطاع الكشف عن الفساد والتحقيق حول التعامل مع البلاغات التي سبق تقديمها للهيئة في المرحلة السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 2012، مضيفا ان جميع الاحتمالات والفروض المتوقعة نتيجة الحكم في الطعن بعدم دستورية قانون إنشاء الهيئة الحالي رقم 2 لسنة 2016 «هي محل نظر وبحث من قبل الهيئة لإيجاد البدائل المناسبة للتعامل مع مخرجات الحكم في هذا الطعن».
وأكد حرص الهيئة العامة لمكافحة الفساد على نيل ثقة المواطنين وترسيخ الشعور لديهم بأنها عينهم الساهرة على محاربة كافة صور الفساد وتعقب كل من تسول نفسه الاعتداء على المال العام أو الإضرار به وذلك في ظل القيادة الحكيمة وتوجيهات رئيس الوزراء واتكاء على الجهود التي يبديها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم لدعم جهود مكافحة الفساد بصفة عامة وعمل الهيئة بصفة عامة وعمل الهيئة بصفة خاصة.
وكان وزير العدل قد كشف عن اتفاق مع اللجنة التشريعية على انتظار حكم المحكمة الدستورية بشأن دستورية انشاء هيئة مكافحة الفساد من عدمها.
وطرح الوزير خلال الاجتماع مع «التشريعية» في 19 مارس المنصرم، فكرة تغيير مسمى هيئة مكافحة الفساد لتصبح هيئة تعزيز النزاهة والشفافية، لتمكين السلطات المختصة من فحص الذمم المالية وملاحقة الفاسدين والوصول إلى قضايا الفساد عبر نصوص القانون.
يذكر ان مجلس الأمة أقر في جلسته التي عقدت في 8 يناير 2013 المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء هيئة مكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية وذلك خلال المجلس «المبطل الثاني».
وأصدرت المحكمة الدستورية في 20 ديسمبر 2015 حكما بعدم دستورية المرسوم الذي اصدرته الحكومة في ظل غياب البرلمان بسبب انتفاء «الضرورة» عنه والتي تطلبتها المادة 71 من الدستور، في المراسيم التي تصدرها الحكومة في فترة غياب مجلس الأمة.
وفي جلسة 13 يناير 2016 اقر المجلس في دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الرابع عشر القانون رقم 2 لسنة 2016 في شأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية.
تراجع مركز الكويت
وكانت الهيئة العامة لمكافحة الفساد قد اخلت مسؤوليتها من تراجع ترتيب الكويت في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2016 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، مشددة على أن الأمر كان خارجا عن إرادتها، على إثر ما شهدته ساحة الهيئة من أزمات وما ترتب على حلها ووقف عملها من نتائج، ليعكس هذا الوضع من خلال هبوط ترتيب الكويت 20 مركزا.
وقالت الهيئة، إن القراءة العامة لمجمل نتائج التقرير تشير بوضوح إلى حدوث حالة هبوط عام في درجات معظم الدول عن العام السابق، حيث لم يستطع ما يربو على ثلثي عدد الدول تخطي حاجز 50 نقطة، وفي ما يخص الدول العربية وتحديدا الخليجية فلم يحدث أي تحسن لمواقف هذه الدول عن العام السابق، بل إن قائمة الدول التي تراجع مستوى التقييم فيها قد ضمت 4 دول خليجية هي قطر والكويت والبحرين والسعودية.
واضافت: أنه على الرغم من صدور مؤشر مدركات الفساد عن منظمة غير حكومية واعتماده على مصادر مستقلة، إلا أن الهيئة تولي هذا المؤشر اهتماما خاصا وتحرص في كل عام على تقييم نتائجه وتحليل الأسباب المؤدية لتلك النتائج، انطلاقا من الاختصاص الثابت لها بموجب البند التاسع من المادة 5 من قانون إنشائها والذي ينص على أن «تتولى الهيئة دراسة وتقييم التقارير الصادرة عن المنظمات المحلية والإقليمية والدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد والاطلاع على وضع الكويت فيها واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها». فقد كان ترتيب الكويت متدنيا في العام 2014 وفور نهوض الهيئة بمهامها وتحقيقها لعدة نجاحات على كافة المستويات في العام 2015 جاءت نتائج المؤشر لتشير إلى حدوث تحسن واضح في الترتيب بالارتقاء 12 مركزا، وعلى إثر ما شهدتــه ساحة الهيئة من أزمات وما ترتب على حلها ووقف عملها من نتائج فقــد جاء المؤشر في العام 2016 ليعكس هذا الوضع من خلال هبوط ترتيب الكويت 20 مركزا.
وقد دعت الهيئة كافة مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع المدني وسائر المواطنين إلى الانتباه الشديد لنتائج هذا التحليل في السنوات الثلاث الأخيرة وضرورة تقديم أقصى درجات الدعم والمساندة للهيئة وتمكينها من أداء دورها ومباشرة اختصاصاتها حتى تستطيع بلوغ أهدافها والتي من بينها بالتأكيد تحسين صورة الكويت في المحافل والاستقصاءات الدولية.
وأضافت الهيئة أن من بين الأمور التي ساهمت في هذا التراجع هو عدم استطاعة الهيئة مباشرة مهامها الفنية المرتبطة بتلقي إقرارات الذمة المالية وفحصها واستقبال البلاغات والتصرف فيها عقب إعادة إنشائها بموجب القانون رقم 2 /2016 إلا بعد صدور اللائحة التنفيذية لهذا القانون، والتي لم تصدر الا منذ شهرين تقريبا بموجب المرسوم رقم 300 لسنة 2016.
كما قد أشارت الهيئة إلى أنها وإن كانت تُعزى هذا التراجع للأسباب السالف بيانها، إلا أنها لا تنكر أن بيئة الأعمال الحكومية بدولة الكويت مازالت بحاجة إلى المزيد من قواعد الحوكمة والشفافية ومعايير النزاهة والمساءلة وذلك من خلال الاهتمام بإصدار التشريعات المساندة لمنظومة مكافحة الفساد واتخاذ تدابير أكثر حزما تحول دون الفساد المالي والإداري وأسبابه البشرية والإجرائية، انطلاقا من إيمان الهيئة بأن مكافحة الفساد وترسيخ قيم النزاهة والشفافية تعد مسؤولية مشتركة بين كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني وأن مهمة خلق منظومة متكاملة لمكافحة الفساد لا تقف عند حدود الهيئة أو أي جهة أخرى وإنما يجب أن تتضافر وتتعاون فيها كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني وسائر المواطنين كل بحسب دوره.
واختتمت الهيئة بيانها بالتأكيد على أنها سوف تسعى جاهدة لتدارك أسباب الانخفاض في موقف الكويت على مؤشر مدركات الفساد وتحسين هذا الموقف في العام المقبل بالتعاون والتنسيق مع كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني ذات الاختصاص ومدفوعة في ذلك بقرب اكتمال المتطلبات الإدارية واللوجستية والمؤسسية التي ستؤهلها للعمل بكامل طاقتها، علاوة على ايمانها بأن إطلاق مشروع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتي تأمل الهيئة في أن تدركه هذا العام، فضلا عن أن ما تعتزم الدولة إصداره من تشريعات تخص حق الاطلاع على المعلومات ومنع تعارض المصالح، سيكون لهم بالغ الأثر في الارتقاء بترتيب دولة الكويت على مؤشر مدركات الفساد العالمي.