اكد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد العمل وبكل الجهد للحفاظ على «الكيان الخليجي» في ظل ما يجمع دول مجلس التعاون وشعوبها من روابط تاريخية راسخة وعلاقات أسرية حميمة ومصير واحد ومصالح مشتركة.
واعرب سموه الأمير في كلمة ألقاها بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان عن الأمل في تجاوز التطورات الأخيرة في بيتنا الخليجي ومعالجتها وتهيئة الأجواء لحل الخلافات المؤسفة ورأب الصدع بالحوار والتواصل.
وأكد سموه أن «الكويت التي تعي خطورة الإرهاب ودوافعه الشريرة تقف صفا واحدا متضامنة مع المجتمع الدولي لمحاربته»، منبها سموه إلى أن المخاوف والمخاطر «تتطلب منا المزيد من الحيطة والحذر والتكاتف والتلاحم للحفاظ على أمن وطننا وسلامته».
وأعرب سمو الأمير عن الأمل «في أن نرى المزيد من التعاون المثمر والبناء الذي لمسناه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية»، مشيرا إلى أن «شبابنا هم ثروة الوطن الحقيقية فهم عدته وأمله ومستقبله وهم يحظون منا دائما بكل اهتمامنا»، وداعيا إلى «تحصينهم من الأفكار الضالة والسلوك المنحرف والنأي بهم عن الميل والانجراف وراء من يتربص بهم وبالوطن شرا».
وفي ما يلي نص كلمة سمو الأمير:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان وأعزنا بالإسلام والصلاة والسلام على نبينا محمد أفضل الرسل وخير الأنام وعلى آله وصحابته الكرام.
إخواني وأبنائي
أحييكم تحية طيبة من عند الله مباركة… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في لقاء متجدد ومحبب إلى نفسي ملؤه الود والاخاء ألتقي بكم لأجدد لكم التهاني بشهر رمضان المبارك وأبارك لكم دخول العشر الأواخر منه، شاكرين المولى تعالى أن بلغنا هذا الشهر الفضيل وأعاننا على صيامه وقيامه، متضرعين إليه أن يتقبل أعمالنا فيه وأن يعيده على وطننا العزيز وشعبنا الكريم والمقيمين على أرضه الطيبة بوافر الخير واليمن والبركات ،وعلى أمتينا العربية والإسلامية بالعزة والرفعة والسؤدد.
يترقب المسلمون في شتى بقاع المعمورة قدوم شهر رمضان المبارك الذي شرفه المولى تعالى على سائر الشهور بما خصه من فضائل عظيمة ومضاعفة للأجر والثواب، فحري بنا اغتنام أيامه ولياليه بالاستزادة من الأعمال الصالحة والاقبال على كتابه العزيز تلاوة وتدبرا والتسابق إلى فعل الخيرات.
كما أن علينا استشعار ما أفاء الله به علينا من نعمه وأفضاله الجليلة التي لا تعد ولا تحصى، فقد تكرم علينا بسعة الرزق ورغد العيش وهيأ لنا أمنا واستقرارا وطمأنينة وأشاع بيننا الألفة والمحبة والتواد، وتلك نعم من الله تستوجب منا الشكر والثناء للمنعم جل وعلا، وتستدعي المحافظة عليها بالتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وبتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة والخلاف والتمسك بوحدتنا الوطنية التي هي السور الحصين للوطن ،وبدستورنا الذي ارتضيناه والذي هو محل فخرنا واعتزازنا والمحافظة على ثوابتنا الوطنية، وقيمنا السامية التي توارثناها عن الآباء والأجداد لا سيما في ظل الظروف الدقيقة والأوضاع الحرجة التي تعصف بالمنطقة، وما يشهده العالم بأسره من تنامي ظاهرة الإرهاب الذي امتد وباؤه فطال الدول والمجتمعات تحت مختلف المسميات والشعارات المتطرفة في ظاهرة غير مسبوقة، فأصبح يهدد أمنها واستقرارها واستهداف أرواح الأبرياء الآمنين.. ودولة الكويت التي تعي خطورة الإرهاب ودوافعه الشريرة فإنها تقف صفا واحدا متضامنة مع المجتمع الدولي لمحاربته بكل أشكاله وصوره والعمل على تجفيف منابعه للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة ،ليعم الأمن والاستقرار جميع الدول والشعوب وإن ما أشرنا إليه من مخاوف ومخاطر يتطلب منا المزيد من الحيطة والحذر والتكاتف والتلاحم للحفاظ على أمن وطننا وسلامته.
إخواني وأبنائي
إننا نتطلع بكل الرجاء والأمل في هذا الشهر الفضيل وفي لياليه المباركة لتجاوز التطورات الأخيرة في بيتنا الخليجي ومعالجتها وتهيئة الأجواء لحل الخلافات المؤسفة، ورأب الصدع بالحوار والتواصل في ظل ما يجمع دول مجلس التعاون وشعوبها من روابط تاريخية راسخة وعلاقات أسرية حميمة ومصير واحد ومصالح مشتركة، تحتم علينا العمل وبكل الجهد للحفاظ على هذا الكيان الخليجي ليبقى متماسكا ومحققا لآمال وتطلعات أبنائه ،مبتهلين إلى المولى جلّ وعلا أن تكلل المساعي المبذولة والجهود المخلصة للوصول إلى كل ما من شأنه الحفاظ على دولنا الخليجية وشعوبها ،وتجنب كل ما يعكر صفو علاقاتها الوطيدة ويهدد أمنها وسلامتها.
إخواني وأبنائي
حققت الديبلوماسية الكويتية نجاحا وإنجازا متميزا هو محل التقدير والثناء بنيل دولة الكويت ثقة المجتمع الدولي ،وذلك بانتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2018 و 2019 تقديرا للمكانة المرموقة والاحترام الكبير الذي تحظى به على المستويين الدولي والإقليمي وللسياسة المعتدلة والمتزنة التي تنتهجها دولة الكويت في سياساتها الخارجية والمرتكزة على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ولدورها الإنساني المشهود ومشاركتها في الجهود الدولية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتخفيف حدة التوتر في مناطق الصراع وإنني لأجدها فرصة لأتوجه بالتقدير للدور المميز الذي قامت به وزارة الخارجية لتحقيق هذا النجاح مهنئا شعبنا الكريم بهذا الانجاز التاريخي المستحق الذي يضاف إلى الانجازات الوطنية لوطننا الغالي.
إخواني وأبنائي
يحدونا الأمل في أن نرى المزيد من التعاون المثمر والبناء الذي لمسناه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، من أجل توجيه الجهود والطاقات للنهوض بالوطن العزيز وتنميته وتحقيق التطلعات الاقتصادية والتنموية التي ينشدها المواطنون ومعالجة كل القضايا المطروحة بما يخدم مصالح الوطن والمواطنين، معربين عن سرورنا بما شهده ويشهده وطننا العزيز من تدشين وافتتاحٍ للعديد من المشاريع الحيوية والتنموية التي تم تنفيذها والتي ستسهم بالارتقاء بمستوى الخدمات العامة في الدولة وتقديم الخدمات المنشودة للمواطنين وتخفيف الأعباء عنهم.
إخواني وأبنائي
كما أسلفنا وأكدنا مرارا وتكرارا بأن شبابنا هم ثروة الوطن الحقيقية، فهم عدته وأمله ومستقبله وهم يحظون منا دائما بكل اهتمامنا ،بهم يبنى ويعلو الوطن وبسواعدهم ينمو ويزدهر، وإنه ليتوجب علينا أن نحصنهم من الأفكار الضالة والسلوك المنحرف والنأي بهم عن الميل والانجراف وراء من يتربص بهم وبالوطن شرا، والعمل على غرس روح الولاء والوفاء للوطن في نفوسهم وحثهم على التسلح بالعمل والتزود من معارف وعلوم العصر واستغلال طاقاتهم في خدمة الوطن وتنميته مؤمنين بقدراتهم الخلاقة التي حققوا من خلالها إنجازات ومراكز متقدمة بالميادين العلمية والطبية والرياضية والاختراعات، ويكفيكم شبابنا فخرا بأن اختيرت دولة الكويت عاصمة للشباب العربي.
إنني أدعوكم أبنائي وبناتي للاستفادة مما وفرته الدولة من تسهيلات، ودعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لإقامة المشاريع التي تعود عليكم وعلى وطنكم بالخير والنفع.
إخواني وأبنائي
إننا نستذكر بكل التقدير والإجلال أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وأميرنا الراحل الوالد الشيخ سعدالعبدالله السالم الصباح، طيب الله ثراهما، مبتهلين إلى الباري جلّ وعلا أن يسبغ عليهما واسع رحمته ومغفرته ويسكنهما فسيح جناته ويجزيهما خير الجزاء على ما قدماه للوطن العزيز من أعمال مشرفة وجليلة، وأن يحفظ وطننا الغالي ويديم عليه نعمة الأمن والرخاء والازدهار وأن يتقبل شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الزكية دفاعا عن الوطن العزيز، وينزلهم منازل الشهداء ويرحم جميع موتانا ويتغمدهم بمغفرته ورضوانه وأن يحقن دماء المسلمين ويجمع كلمتهم على الحق.