• مايو 18, 2024 - 11:19 صباحًا

الواقعية السياسية ومصلحة الدولة

الاتزان الذى تتعامل به مصر مع الملفات السياسية الخارجية يستحق الملاحظة. هو توجه إيجابي بسبب المهارة في التعاطي مع ملفات شائكة في ظل واقع عالمي مضطرب يسوده الاستقطاب والصدام. ومن المهم ملاحظة أن تلك الطريقة جنبت مصر الدخول في تناحريات وخلافات قد تؤثر على الوضع العام للدولة.

المتابع لتعامل القيادة السياسية مع ملفاتٍ كإدارة الأزمة الليبية ومفاوضات سد النهضة، ومحاولات رأب الصدع الفلسطيني والسوداني، وحتى قضايا المناطق الملتهبة في العالم العربي، سيتمكن بسهولة من إدراك المنهج الذى تنطلق منه مصر في التفاعل مع كل الأطراف المختلفة، وهو منهج واقعى يقوم على مصلحة الدولة المصرية أولاً، ثم العربية والإقليمية، سعيًا لتحقيق الهدوء فى المناطق التى تتماس مع استراتيجية الاستقرار والتنمية التي تسعى إليها مصر.

ولأن القضية التي تشغل بال الكثيرين الآن هي قضية ما سُمى «المصالحة الخليجية»، فإن مصر كذلك نجحت في التعامل معها بمبدأ المصلحة السياسية، لا اندفاعًا وراء الصلح، ولا تعنتًا في رفض إتمام محاولة وأد الخلاف الكبير الذى يضرب المنطقة العربية.

تعاملت مصر مع الأزمة في البداية انطلاقًا من تأذيها الواضح والمستمر بسبب الدماء التي أريقت من أبنائها بسبب دعم جماعات الإرهاب، وكذلك دعم الإعلام المعادي للدولة الوطنية المصرية وإطلاق أبواق الكراهية، وها هي الآن تتعامل بشكل واضح وصريح مع التطورات الأخيرة، وبدا جليًا هذا الأمر في بيانات الخارجية المصرية التي أصدرتها خلال الأيام الماضية، من تقدير لمحاولات دولة الكويت لإتمام ما يسمى «المصالحة الخليجية»، مع التأكيد على قدرة مصر فى الدفاع عن مصالحها، وصولاً إلى القرار الذكي الواقعي بتوقيع وزير الخارجية سامح شكري على «إعلان العلا» أثناء القمة الخليجية التي عُقدت في المملكة العربية السعودية.

مصر لا تنسى أنها دولة عظمى وكبيرة. لا تنسى أنها الدولة الأقدم في التاريخ، وأنها حضارة باعثة للتباهي بين الأمم، وأن ساستها الأوائل أرسوا تقاليد التعامل مع المهددات والمخاطر الخارجية، وأنهم ممن مارس مبكرًا الدبلوماسية فى العالم. هذه المبادئ توارثتها الأجيال، وتناقلتها العقول، وتداولتها الأقلام، جيلاً وراء جيل، حتى صارت الدولة الأكثر محورية في المنطقة، ولعل العلاقات المصرية بالعالم شاهدة على هذا الأمر.

الوضع الآن مطمئن، مصلحة الوطن والمواطن المصري أولًا، والانتصار للحقوق المصرية هو النهج الأوحد للدولة المصرية في سياستها الخارجية، ثم يأتي بعد ذلك أي شيء آخر.

عبد اللطيف المناوي

( المصري اليوم ) 7 يناير 2021

Read Previous

رسميا.. الكونغرس يصادق على فوز بايدن بالانتخابات الأميركية

Read Next

الأسبوع الكويتي في جمهورية مصر العربية

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x