بوصفي سفيرة لتركيا في دولة الكويت، فإنه يشرفني ويسعدني أن أتحدث عن الزيارة الرسمية المقبلة لصاحب السمو الأمير إلى تركيا. هذه الزيارة ليست فقط دلالة على الصداقة العميقة والتعاون بين بلدينا، بل إنها تمثل أيضا أول زيارة رسمية لصاحب السمو خارج العالم العربي – وهي إشارة واضحة على القرب والاحترام المتبادل الذي يحدد العلاقة بين تركيا والكويت.
نحتفل هذا العام بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين تركيا والكويت، وهي رحلة اتسمت بالتفاهم المتبادل والمصالح المشتركة والالتزام بالسلام والاستقرار الإقليميين. ومن المتوقع أن تكون زيارة صاحب السمو الأمير علامة فارقة حاسمة، حيث ستضفي زخما جديدا على تعاوننا الثنائي في مختلف القطاعات، بما في ذلك التجارة والدفاع والتبادل الثقافي.
بالإضافة إلى أن أهمية هذه الزيارة تمتد إلى ما هو أبعد من علاقاتنا الثنائية. وفي الوقت الذي تواجه فيه منطقتنا تحديات غير مسبوقة، تصبح الحاجة إلى التشاور والتنسيق بين تركيا والكويت أمرا بالغ الأهمية. إن كلا البلدين، باعتبارهما جهات فاعلة تشترك في رؤى مماثلة للمنطقة، ملتزمان بتعزيز الحوار والتعاون للتغلب على هذه الأوقات المضطربة.
إن العلاقات الأخوية بين قادتنا كانت دائما حجر الزاوية في علاقاتنا السياسية الممتازة. لقد مهدت الثقة والتفاهم المتبادلين بين فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الطريق أمام شراكة تتجاوز الديبلوماسية التقليدية، وتفعيل فصل جديد في التجارة الثنائية
وعلى الجبهة الاقتصادية، فإن إمكاناتنا الثنائية هائلة.
وفي مواجهة الديناميكيات العالمية المتغيرة باستمرار والتحديات الجيوسياسية المستمرة، تدرك كل من تركيا والكويت تماما الحاجة إلى التطلع نحو الاتجاهات الاقتصادية المستقبلية. وفي عام 2023 وصل حجم التجارة بين بلدينا إلى ما يقارب من 700 مليون دولار، وهو دليل على علاقاتنا السياسية القوية ورقم يحمل وعدا بالنمو المتسارع.
إن الالتزام المشترك بتعزيز شراكتنا الاقتصادية واضح على كلا الجانبين، وهذه الرؤية المشتركة هي التي تغذي تفاؤلنا. ونحن نعتقد اعتقادا راسخا أن زيارة صاحب السمو أمير البلاد إلى تركيا ستكون حافزا لفتح فرص جديدة في التجارة والاستثمار.
إن تركيا، المعروفة كقوة صناعية ذات قدرة تصنيعية كبيرة في مختلف القطاعات، مستعدة للترحيب بالاستثمارات الكويتية. ومن ناحية أخرى، فإن القوة المالية للكويت، والوضع المالي القوي، والخبرة في مجال التمويل والاستثمار جديرة بالملاحظة. وهذا التآزر لديه القدرة على إقامة شراكة لا تفيد بلداننا فحسب، بل تعمل أيضا كمنارة للتعاون الدولي.
وبينما ننتظر نتائج هذه الزيارة التاريخية، فإننا على ثقة بأنها ستمهد الطريق لعلاقة اقتصادية مزدهرة. ومن المقرر أن تتوسع الشراكة بين تركيا والكويت، مما يخلق نموذجا للتعاون الاقتصادي يتناسب مع تطلعاتنا المشتركة للازدهار والتنمية.
وفي النهاية، فإن زيارة سمو الأمير إلى تركيا هي أكثر من مجرد مشاركة ديبلوماسية، إنها جسر إلى مستقبل تكون فيه علاقاتنا الاقتصادية قوية ودائمة مثل الروابط السياسية التي توحدنا. وفي ظل القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس أردوغان وصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل، نبدأ رحلة واعدة لرفع شراكتنا إلى آفاق غير مسبوقة.
وفي أعقاب هذه الزيارة المهمة، وفي ظل القيادة الحكيمة لقائدينا، نحن على ثقة بأن الشراكة بين تركيا والكويت لن تتعزز فحسب، بل ستتوسع أيضا إلى مجالات جديدة للتعاون. ستشكل هذه الزيارة بلا شك بداية فصل جديد في تاريخنا المشترك، فصل يعد بالرخاء والتضامن لدولتينا والمنطقة ككل.
وبينما نستعد للترحيب بصاحب السمو الأمير، فإننا نتطلع إلى الفرص التي ستجلبها هذه الزيارة التاريخية، ونؤكد من جديد التزامنا بمستقبل مبني على أسس متينة من الصداقة والشراكة الإستراتيجية بين تركيا والكويت.
غزة.. الاهتمام المشترك
إن الزيارة المرتقبة لصاحب السمو الأمير إلى تركيا ليست مجرد جسر بين الدولتين، بل هي أيضا منارة أمل لمنطقة تعاني من الاضطرابات. وبينما نقف على أعتاب هذه الزيارة، تتجه قلوبنا وعقولنا نحو غزة – الجرح النازف في منطقتنا. إن الأزمة في غزة تشكل مصدر قلق متزايد يهدد باجتياح الشرق الأوسط برمته، حيث يشكل الصراع الدائر خطرا كبيرا على الأمن العالمي.
لكل من تركيا والكويت مواقف تساند وتتضامن مع الشعب الفلسطيني منذ زمن طويل، ودعوات لإنهاء العنف الإسرائيلي الهمجي ووقف الاحتلال الوحشي. إن موقفنا المشترك واضح: نحن نؤيد إقامة دولة فلسطينية وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. ويؤكد هذا الموقف المشترك أهمية زيارة صاحب السمو الأمير، لأنها توفر منصة محورية لقادتنا لمناقشة الوضع الإنساني في غزة.
خلال الاجتماعات بين الرئيس رجب طيب أردوغان وصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد ستحتل محنة شعب غزة مركز الاهتمام. إنها شهادة على القيادة الرحيمة لكلا البلدين. وتصنف تركيا والكويت بين أكثر الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية لغزة. ويعكس هذا الالتزام بالمساعدات الإنسانية تفاني دولتينا لتخفيف المعاناة وتعزيز السلام.
طوبى نور سونمز
سفيرة الجمهورية التركية لدى الكويت