أكد سمو الشيخ ناصر المحمد ان الاحتفاء بالفرنكوفونية يذكرنا بالمنجزات العلمية والتكنولوجية للحضارة المعاصرة ، وقال سموه ان الفرنكوفونية تتقدم بالكويت، وهي تحتل مرتبة اللغة الثالثة التي تدرس بمدارس الكويت. وشدد على حرص دولة الكويت على أن تبقى منارة للثقافة والفنون في هذه المنطقة من العالم، وأن تبقى ذراعاها مفتوحة أمام أفضل ما تنتجه ثقافات العالم
وقال سمو الشيخ ناصر المحمد في كلمته التي ألقاها خلال الحفل الذي أقامته السفيرة الفرنسية بمناسبة ختام شهر الفرنكوفونية في الكويت بحضور ديبلوماسي كبير: يسعدني أن أحيي الحاضرين في هذا الحفل جميعا، من الناطقين بالفرنكوفونية والمحبين لها، كما يسعدني أن أتوجه بالشكر والتقدير لكل من ساهم في تنظيم هذه الأمسية الرائقة، للحفاظ على الوتيرة السنوية للاحتفال باليوم العالمي للفرنكوفونية بالكويت، وهي مناسبة نحتفل بها كل عام منذ العقد الماضي، ونلتقي بلفيف من أعضاء السلك الديبلوماسي والسياسيين والأدباء والفنانين ورجال الإعلام.
وأضاف ان أوروبا كانت تنظر إلى الفرنكوفونية كلغة النبلاء والصالونات، ولهذا ارتبطت بالصقل والرقي والدبلوماسية، وهي ما زالت تشع بأناقتها على مفردات الأزياء والتسريحات والعطور، وتضفي برونقها على المفروشات والأثاث والديكور والاكسسوارات، وتمنح قواعد الولائم والحفلات وفنون الطبخ وآداب المائدة تعبيراتها المهذبة، فالفرنكوفونية هي اللغة الأكثر أناقة بين اللغات العالمية المعاصرة.
وأوضح ان الاحتفاء بالفرنكوفونية يذكرنا بالمنجزات العلمية والتكنولوجية للحضارة المعاصرة، تلك التي فتحت بوابة السماء لتنقلاتنا واتصالاتنا وأبحاثنا، والتي اختصرت المسافات عبر المحيطات والصحاري والأدغال، والتي تحكمت بالطاقة، فأضاءت الظلام، وتحكمت بالحر والبرد، والتي صنعت الثورة الخضراء ليتضاعف إنتاجنا الغذائي عشرات المرات بشكل غير مسبوق، والتي خففت آلام ملايين المرضى، وقضت على الأوبئة الفتاكة. كما أنها من الناحية الفنية والأدبية قدمت للعالم فنونا جيدة غير مسبوقة، فقد طورت العديد من آلات الموسيقى، وابتكرت السيمفونيات والأوبرا والبالية، وارتقت بأدب الرواية والرحلات والمسرح، واخترعت التصوير الفوتوغرافي والسينما كأداتين للتوثيق والترفيه، ونقلت الفن الراقي من صالونات القصور إلى الأسواق والشوارع. ورغم كل هذه الإنجازات، إلا إني أريد أن أسلط الضوء على المنجزات الأهم والأكثر تأثيرا في التاريخ البشري، وأعني المنجزات الإنسانية والسياسية، إذ استطاعت الحضارة المعاصرة أن تصنع نظام سلم عالميا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضاف: لقد وضعت مفهوم السيادة للدول، وحق تقرير المصير للشعوب، وحقوق الإنسان للأفراد، ووضعت قانونا دوليا يرمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة، ويحدد القواعد القانونية التي تحكم علاقات الدول والفاعلين الدوليين كالمنظمات الدولية، وأنشأت هيئة الأمم المتحدة لدعم هذا القانون، وجعلت من مهام هذه المنظمة تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان، والحريات الأساسية للجميع، ومراعاتها دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين. كما أنها أسست محكمة العدل الدولية لتكون مسؤولة عن الفصل في أي نزاع دولي يقدم إليها من قبل الأطراف المتنازعة، وأقامت المحكمة الجنائية الدولية كأول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. إن هذا الإنجاز هو الأهم والأعظم في الحضارة المعاصرة، ويحق للثقافة الغربية أن تفخر بتلك القيم الإنسانية التي صنعت نظام السلم العالمي المعاصر.
وقال إن الحضارة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية نجحت في أن تصنع منظومة قيمية رائعة تمكنت من خلالها من إيجاد نظام عالمي حفظ السلم الدولي، وجنب البشرية حروبا كانت وشيكة بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي، في وقت كان سباق التسلح والتنافس على اقتناء أسلحة الدمار الشامل على أشدهما. لقد نجح هذا النظام في وقف كل التوترات بين الدول النووية خلال منتصف القرن الماضي.
وتابع: إن النظام العالمي أثبت التزامه بمواثيقه وقيمه على امتداد السنوات الماضية. ونحن في الكويت منحازون لتلك القيم الإنسانية والسياسية التي جاءت بها الحضارة المعاصرة، ونؤكد على أهمية بقائها واستمرارها، ونناشد الغرب برمته للحفاظ على قيمه الرائعة التي أثرى فيها الثقافة الإنسانية، والتمسك بمعاييرها دون الإخلال بتلك المعايير، خاصة ونحن نمر بظروف عصيبة، تعصف بها النزاعات الدموية والحروب في مناطق أوروبية وشرق أوسطية، فالحفاظ عليها في ظروفنا الراهنة يمكنه أن يمنح البشرية قرنا آخر من السلم والأمن الدوليين.
وأشار إلى إن الفرنكوفونية تتقدم بالكويت، فمنذ أن بدأ تدريس اللغة الفرنسية بالكويت عام 1966 وهي تحتل مرتبة اللغة الثالثة التي تدرس بمدارس الكويت. وكما ذكرت سفيرة فرنسا لدى الكويت فعدد متعلمي اللغة وصل إلى حوالي 30 ألف متعلم كل عام في الأنظمة التعليمية المختلفة في الكويت، وهذا يعتبر انجازا كبيرا تحققه الفرنكوفونية، والذي نأمل أن يكلل بنجاح انضمام الكويت إلى المنظمة الدولية للفرنكوفونية.
وشدد على حرص دولة الكويت على أن تبقى منارة للثقافة والفنون في هذه المنطقة من العالم، وأن تبقى ذراعاها مفتوحة أمام أفضل ما تنتجه ثقافات العالم، لنتعلم منها ونستفيد. متمنيا رؤية مزيد من التعاون الثقافي بين الكويت والدول الفرنكوفونية خلال السنوات القادمة.
وأشار إلى إن ما يحدث حاليا في غزة وما ينتج عنه من خسارة لا تعوض من شهدائنا الأبرار، أمر ترفضه جميع الشعوب وتندد به جميع الطوائف من يهود ومسيحيين ومسلمين. مضيفا: ونحن لا نرى نهاية لهذه المأساة ووضع حد لخسارة المزيد من شهدائنا سوى إحلال السلام في هذه المنطقة والذي لن يكون سوى بالالتزام بقرارات مجلس الأمن، وآخرها القرار رقم 2728 والصادر في 25 مارس 2024، الداعي إلى وقف إطلاق النار وكل الأعمال القتالية في قطاع غزة.
وأكد أن الرجوع إلى حدود يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة تكون عاصمتها القدس الشرقية، يضمن عودة السلام إلى المنطقة ويعزز التعايش بين الأديان ويضمن احترام جميع الكتب السماوية، بداية بالتوراة والإنجيل وانتهاء بالقرآن الكريم الذي نادى إلى احترام جميع الأديان السماوية