أكدت المحامية والقانونية مريم البحر أن اتفاقية تبادل المجرمين بين دول الخليج ستحد من معدل الجريمة، واصفة الاتفاقية بأنها «خطوة عملاقة نحو بسط مظلة أمنية على دول مجلس التعاون»، ومطالبة بتطبيقها من دون أي تهاون أو محاباة لأحد.
وأشارت البحر، في حوار خاص مع «الخليج»، إلى اهمية قانون مكافحة الإرهاب في مواجهة التحديات الصعبة التي تمر بها المنطقة، لافتة إلى انه مكمل للاتفاقية الامنية. وحذرت من تسلل الكيانات غير الشرعية للنفاذ إلى اقتصادنا من دون ان يعلم بذلك رجال اقتصادنا والتجار الكبار الذين يتعاملون بصدق وإخلاص وثقة لم تعد تكفي في الوقت الراهن. وإلى تفاصيل الحوار:
< ما رأيك في اتفاقية تسليم المجرمين؟
ـ اتفاقية تسليم المجرمين تم إقرارها في السادس من أكتوبر 2015 بين دول مجلس التعاون الخليجي، مع توصية لقانون موحد لمكافحة الإرهاب، وذلك من خلال الدورة 27 تفتح آفاق التعاون المستقبلي بين دول المجلس، وهي لها ما لها وعليها ما عليها، وستواجه تحديات صعبة ومهمة، حتى يتم الحصول على النتائج المأمولة, وقضية تسليم وتبادل المجرمين قضية شائكة قد تم تناولها فكرة عقد معاهدة دولية عامة لتسليم المجرمين قد روج لها المؤتمر الدولي للضابطة القضائية، وقد عقد في موناكو في العام 1914 ثم في جامعة هارفارد مشروع اتفاق دولي لتسليم المجرمين، وفي عام 1935 وضعت اللجنة الدولية للعلوم الجزائية والعقابية مشروع معاهدة لتسليم المجرمين، وتبنت منظمة الشرطة الدولية هذا المشروع في دورته السابعة عشرة المنعقدة في براغ عام 1948.
< ولكن البعض يقول إنه عمل من أعمال السيادة؟
ـ إن التسليم بعد أن كان عملا من أعمال السيادة قد شرع يتحول بفعل تشابك مصالح الدول والشعوب، ونمو حس التعاون والتضامن بينها إلى عمل من أعمال القضاء، وبعد أن كان طابعه سياسيا صرفا، فإنه اخذ يتسم بطابع العدالة والقانون، وهذا لا بد نبحث عنه من خلال الاتفاقية الأمنية الجديدة.
والجدير بالذكر أن نقاشا طويلا قد دار عند وضع مشروع اتفاقية تسليم المجرمين بين الدولة العربية التي وافق عليها مجلس جامعة الدول العربية في 14 سبتمبر 1952 حول الأسلوب الواجب اتباعه، وهو أسلوب تعداد الجرائم الخاضعة للتسليم وحصرها أم هو أسلوب الاكتفاء ببيان نوع العقوبة ومقدارها؟ وقد اعترض مندوبا اليمن والمملكة العربية السعودية على الطريقة الثانية، لأن بلديهما لا يطبقان القوانين الجزائية الوضعية وإنما يسيران كلاهما على أحكام الشريعة الإسلامية في الحدود والتعازير.
وبعد أخذ ورد وقع اعتماد معيار نوع العقوبة ومقدارها، واشترطت المادة الثالثة من الاتفاقية للتسليم أن تكون الجريمة جناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس مدة سنة، أو بعقوبة أشد في قوانين كلتا الدولتين: طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم، أو أن يكون المطلوب تسليمه عن مثل هذه الجريمة محكوما عليه بالحبس لمدة شهرين على الأقل.
< أليست الاتفاقية الأمنية كافية؟
ـ الاتفاقية الأمنية الخليجية تتيح تسليم المتهمين أو المدانين من المواطنين والمقيمين في الكويت إلى دول أخرى خليجية، أدانتهم أو وجهت إليهم الاتهام. وهذا يعارض ما جاء بالدستور من منع تسليم الكويتي إلى أي بلد آخر لمحاكمته، وأيضا هناك تخوف من بعض النشطاء السياسيين الذين يمتلكون تاريخا من نقد بعض حكام الخليج تحت مظلة الحرية الشخصية والنقد السياسي، اذ قد تطالهم المساءلة ويرحلون للسجون بدول المجلس بسبب مواقف سياسية أعلنوا عنها ضد قادة احد الدول الخليجية.
< هل هناك فرق لمن صدر حكم ضده وفي من هو مطلوب للتحقيقات في جريمة ما؟
ـ فيما يتعلق بالمطلوبين جنائيا فيجب أن يكون هناك حكم نهائي صادر ضده من قبل الدولة الطالبة، ويرسل ملف للنيابة العامة في البلد المطلوب منه الشخص يسمى «ملف استرداد» تستعرضه النيابة العامة ثم تقدمه للمحكمة لتصدر حكما قضائيا من البلد الموجود فيه للموافقة على تسليمه للبلد الطالب.
< وما رأيك باتفاقية تبادل المجرمين؟
ـ خطوة عملاقة نحو بسط مظلة أمنية على دول مجلس التعاون، لكن لا بد من تطبيقها من دون أي تهاون أو محاباة لأحد لأنه من السهل أن تتم مطالبة دولة بتسليم احد مواطنيها وتمتنع بحجج كثيرة.
< هل نحتاج إلى مثل هذه الاتفاقات؟
ـ بالطبع دول مجلس التعاون تحتاج إلى مثل هذه الاتفاقيات، فهي نتاج تعاون مستمر بين دول مجلس التعاون، خاصة اذا ما اعتبرنا أن امن الخليج واحد لا يتجزأ.
< هل يساهم هذا الأمر في الحد من أعمال الإجرامية؟
ـ نعم ستساهم مثل هذه الاتفاقيات في الحد من الأعمال الإجرامية، بشرط أن يتم تطبيقها بصورة عادلة وبشفافية دون استثناءات.
< هل القانون سيمثل نقلة نوعية؟
ـ قانون مكافحة الإرهاب سيكون جسرا قويا لتعميق وتطبيق الاتفاقية الأمنية، حيث سيملأ الفراغ وسيواجه التحديات الصعبة التي تمر بها المنطقة، فهو مكمل للاتفاقية بلا شك.
< هناك تخوفات من البعض بإقرار مثل هذا القانون؟
ـ هناك تخوفات نعم، فالاتفاقية الأمنية الخليجية تتيح تسليم المتهمين أو المدانين من المواطنين والمقيمين في الكويت إلى دول أخرى خليجية، أدانتهم أو وجهت إليهم الاتهام، وهذا يعارض ما جاء بالدستور من منع تسليم الكويتي إلى أي بلد آخر لمحاكمته، وأيضا هناك تخوف من بعض النشطاء السياسيين الذين يمتلكون تاريخا في نقد بعض حكام الخليج تحت مظلة الحرية الشخصية والنقد السياسي اذ قد تطالهم المساءلة ويرحلون للسجون بدول المجلس بسبب مواقف سياسية أعلنوا عنها ضد قادة احدى الدول الخليجية.
< هناك تهمة توجه إلى بعض الأشخاص هى «تهمة غسل الاموال» حدثينا عن تلك التهمة؟ وكيف يكون هذا الأمر؟
ـ اضحى مفهوم غسل الاموال من المفاهيم التي تحرص كل الدول على محاربتها لما تسببه من إضرار بالاقتصاديات المختلفة لجميع الدول، واخيرا لما تم استغلاله في تمويل بعض الاعمال الارهابية، وقد عرفت المادة الاولى من القانون 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الاموال بأنها «عملية أو مجموعة عمليات مالية أو غير مالية تهدف إلى اخفاء أو تحويل المصدر غير المشروع للاموال أو عائدات اي جريمة وإظهارها في صورة اموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع»، ويعتبر من مثيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل اموال أو عائدات ناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جريمة أو اخفاء أو تمويه مصدرها.
لا يخفى على احد ان وطننا الكويت من الدول محط الانظار، وتعد هدفا لكثيرين من رجال الاعمال ويعد سوقها الاقتصادي والتجاري من اهم الاقتصاديات في المنطقة، لذا تستغل بعض الكيانات غير الشرعية ذلك في النفاذ إلى اقتصادنا حتى دون ان يعلم بذلك رجال اقتصادنا والتجار الكبار الذين حتى الآن يتعاملون بصدق واخلاص وثقة لم تعد تكفي في الوقت الراهن.
< ارتفاع نسبة الطلاق في الكويت ما أسبابه؟
ـ كليا يرجع ذلك للطرفين، ولكن الملام الأكبر بهذا هو الرجل، في هذا الزمن الزوج يعتمد اعتمادا على الزوجة ويحملها مسؤولية البيت والأبناء، والأغلب كذلك يحملها لمصروف البيت، ما يسبب العديد من الخلافات العائلية تبدأ بشكل بسيط ويتراكم إلى أن تصل لحد الطلاق، إهمال الزوج لزوجته، وكثرة سفراته واهتمامه بسيارته الخاصة والشاليه وأصدقاء له اثر سلبا على الحياة.
< قضايا مواقع التواصل الاجتماعي أضحت الأكثر في مجتمعنا لماذا؟
ـ ليس هناك احد لا يستخدم وسائل الاتصال، ومواقع التواصل الاجتماعي، ولما كانت الحياة لا تخلو ممن لا يحترمون خصوصية الغير، كذلك عندما ظهر للجميع كيف تدخلت الثورة الالكترونية وتسببت في ثورات عديدة، وكيف اضحت المعلومة سهلة ميسورة، فنستطيع ان نشكل رأي عام الجرائم الالكترونية. أو الجرائم المعلوماتية هي كل فعل يرتكب من خلال استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية أو غير ذلك من وسائل تقنية المعلومات بالمخالفة لاحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 63 لسنة 2015 اوضحت المادة 3 من القانون «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاث آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو باحدى هاتين العقوبتين كل من………».
< لكن البعض يستخدمها في الابتزاز؟
ـ استعمال الشبكة المعلوماتية أو استخدم وسيلة من وسائل تقنية المعلومات في تهديد أو ابتزاز شخص طبيعي أو اعتباري لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه فإذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بما يعد مساسا بكرامة الاشخاص أو خادشا للشرف والاعتبار أو السمعة كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات، والغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف دينار كويتي ولا تجاوز عشرين الف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتعقيبا على ما سبق اود ان انبه الاعزاء ممن يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي دون ضوابط.. احترسوا فالعواقب وخيمة، وكذلك اوصي من تعرض لأي اساءة أن القانون معك لا تخش شيئا.
< ما رأيك بسن قانون لمكافحة الإساءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ أنا أرى أنه ضرورة ملحة، لأنه لا يوجد أي تشريع ينظمها وإنما يرجع في بعض الأحيان لقانون الجزاء أو القانون المرئي والمسموع لتطبيقه عليها، وهذا لا يعد كافيا للأسف، وإنما لا بد من تشريع قانون خاص ينظمها أو تعديل قانون المرئي والمسموع بما يتناسب مع طبيعة هذه الجرائم وينظمها حتى لا تتم إساءة استخدام هذه الوسائل، فالحرية ليست مطلقة وإنما هي حرية مسؤولة.
< بما انك ناشطة بما تنصحين من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ انصح كل من لديه وسيلة اتصال، سواء هاتف أو عن طريق التغريد أو الفيس بوك ووسائل الانترنت، أريد أن الفت إلى أن هذه الحرية ليست مطلقة وإنما هي مقيدة باحترام حرية الآخرين، وعدم الطعن بالشرف أو السب والقذف وعدم إهانة الآخرين، ولا بد أن يتم السيطرة على هذه الحرية وإلا لضاع المجتمع بأسره.