أكد عدد من النواب ان تراجع اسعار النفط الذي ادى إلى تراجع ايرادات الدولة بنحو 65 في المائة يتطلب من الحكومة سرعة تطبيق خطة اصلاح اقتصادي لترشيد الإنفاق الحكومي ومواجهة الهدر في الميزانية، وشدد النواب على رفضهم أي محاولة لترشيد الإنفاق على حساب المواطنين، مؤكدين رفضهم المساس بمستوى معيشة المواطن الكويتي، ولفت النواب إلى أهمية أن تباشر الحكومة في معالجة الهدر المالي في العديد من القطاعات الحكومية، إضافة إلى مكافحة الفساد كخطوة أولى للترشيد، قبل التفكير في المساس بمعيشة المواطن. وذكروا ان الترشيد يجب ان يتعلق بمجالات الهدر في الميزانية، فهناك امور يتم الإنفاق عليها في الميزانية بالامكان الاستغناء عنها، وهذا هو مفهوم الترشيد الحقيقي.
وثمن النواب تصريحات سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الأخيرة التي بثت الاطمئنان في قلوب المواطنين، عندما أكد سموه ان خطة ترشيد الإنفاق لن تمس الموطن، وأن الظروف الاقتصادية الحالية لن تؤثر على خطة التنمية، وانها فقط تعد فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد ومنح القطاع الخاص دورا أكبر، معلنا أن السياسات الحكومية لن تمس المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، وأن الكويت واجهت عملية انخفاض أسعار النفط بخطط وبدائل عديدة، إضافة إلى عمليات لترشيد الإنفاق في العديد من المجالات التي لا تؤثر على الخدمات المقدمة للمواطنين أو عمليات التنمية، وأوضح النواب انه في ظل الانخفاض الكبير والمستمر في أسعار النفط عالميا بات من الضروري اتخاذ خطوات مالية واقتصادية اصلاحية لتقليل النفقات العامة لكن دون المساس بالمواطنين.
وفي المواقف النيابية قال رئيس اللجنة المالية البرلمانية النائب فيصل الشايع: ان تراجع الإيرادات النفطية يجب ان يكون دافعا للاسراع في تطبيق إجراءات لاصلاح الخلل في الميزانية العامة للدولة، ومعالجة العجز في الميزانية التي تعتمد على النفط كمورد اساسي وشبه وحيد، لذلك يجب ترشيد الإنفاق فورا، مضيفا ان جوانب الترشيد وفقا لدراسة وزارة المالية تتضمن وضع حدود قصوى على الوظائف الجديدة في الحكومة، وترشيد الدعم الذي يكلف الميزانية المليارات ليستفيد منه من دخله محدود فقط من المواطنين، ودراسة العمل بنظام الكوبونات التي تصرف لهم ليحصلوا على الدعم.
وأضاف: ان الترشيد يتضمن ايضا العمل على دمج او إلغاء بعض الوزارات والادارات العامة والتوقف عن انشاء هيئات وادارات جديدة، وإلغاء المجالس العليا والمؤسسات الملحقة والاكتفاء بالوزارات القائمة، مثل الغاء المجلس الاعلى للبترول والمجلس الاعلى للتعليم ومراجعة المهام الرسمية والعلاج بالخارج وقصر الابتعاث للطلبة الكويتيين على المتميزين جدا منهم او للتخصصات النادرة، وترشيد مساهمة الكويت في العديد من المنظمات الاقليمية والدولية، ودراسة جدوى الانضمام إلى هذا العدد الكبير منها.
من ناحيته أكد النائب فيصل الكندري أن المجلس شريك اساسي في ترشيد الإنفاق، مطالبا الحكومة بعدم التفرد في هذا الملف، مع ضرورة عرض الامر على المجلس لدراسته في اللجان المختصة، للوصول إلى صيغة متوافق عليها. وقال الكندري: نحن كمجلس مع وقف الهدر وتوجيه الإنفاق لمستحقيه، شريطة ألا يكون الترشيد على حساب المواطنين من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة.
وأشار الكندري إلى ان النواب لديهم ملاحظات على استمرار أوجه الهدر في وزارات الدولة والجهات العامة، والتي يجب اخضاعها لمعايير محددة وواضحة لتصحيح المسار ومعالجة الخلل الموجود. وشدد الكندري على أن يد التعاون ممدودة للحكومة اذا ما احسنت خطواتها لترشيد الإنفاق، وسنبارك خطوات التصحيح، مع الالتزام بعدم المساس بمعيشة المواطنين، وزيادة الاعباء المالية على كاهلهم.
في المقابل قال رئيس اللجنة التشريعية النائب مبارك الحريص: اننا سنرفض ان يكون ترشيد الإنفاق على أمور أساسية تطال معيشة الانسان الكويتي، مشيرا إلى ان الخطة الحكومية لترشيد الإنفاق الحكومي لا تحمل حصافة سياسية فهي تتضمن مثلا تخفيض الإنفاق على التعليم وتقليل الابتعاث للدراسة بالخارج، بينما الدول المتقدمة تزيد من نسبة إنفاقها على التعليم لانه مفتاح التقدة والتطور، وتابع: ان كل ما يهم المواطن سوف نعززه ولا يهمنا رأي الحكومة بل رأي المواطن والبلد هو الأهم لدينا.
بدوره قال النائب عبدالله المعيوف ان المفترض ان ترشيد الإنفاق يكون عبر الحد من فوضى العلاوات والبدلات والكوادر المالية وسوء تقديرات المشروعات والأوامر التغييرية الطارئة عليها والبذخ والعطايا والمساعدات الخارجية.
وبين المعيوف ان ترشيد الإنفاق يكون بعدم إعطاء أعضاء مجالس ادارات الهيئات رواتب تعادل ما يتقاضاه موظفو وزارات بحد ذاتها. وأكد رفضه ان يكون الترشيد من خلال تقليص فرص التعليم، وهذا توجه مرفوض جملة وتفصيلا.
من جانبه قال عضو لجنة الميزانيات والحساب الختامي النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران: لا سبيل لإثبات مصداقية الحكومة في ترشيد الإنفاق ومحاربة الفساد إلا بمباشرة الإحالات للمحاكم التأديبية، خصوصا بعد صدور التقرير المالي من ديوان المحاسبة والقاضي بعدم جدّية الحكومة بتلافي الملاحظات لجهة ضعف الرقابة الداخلية في الوزارات وتراخي الوزارة بتطبيق القانون وتسوية الملاحظات، وأشار إلى ان قوانين حماية المال العام ووقف الهدر هي نصوص واضحة ولا تحتمل التأخير، والمطلوب إرادة سياسية من مجلس الوزراء لتفعيل القانون.