حذرت وزارة التربية من التأثير السلبي لوسائل التواصل على العملية التعليمية، بعد أن رصدت عمليا سلبيات تلك الوسائل في الجانب التعليمي، وأهمها فشل البعض دراسياً ، وضعف القيم الأخلاقية ، وتعلم العنف والعدوان ، والسهر ليلاً والتغيب عن المدرسة وانخفاض المعدل الدراسي.
وتناولت الدراسة أثر استخدام طلبة الثانوية لوسائل التواصل ، وشملت 3511 طالبا وطالبة بصورة عشوائية بمختلف المناطق التعليمية بدولة الكويت، ويمثلون 5 في المئة من إجمالي عدد الطلبة المقيدين بمدارس المرحلة الثانوية، حددت أهم الإيجابيات والسلبيات لهذه الاستخدامات في جميع المجالات إذ تبين أن الطلبة يوظفون هذه الوسائل في حياتهم اليومية، وبعضها أثر عليهم إيجابيا في بعض الجوانب منها تبادل وجهات النظر مع الآخرين فيما يتم طرحه من معلومات ومعرفة وتعرف على مواقع علمية مفيدة وتعلم لغات أجنبية.
وتطرقت الدراسة إلى الجانب الاجتماعي للطلبة، مؤكدة «أثر استخدام الطلبة لوسائل التواصل على الجانب الاجتماعي لهم إيجاباً، حيث ساهم في القضاء على وقت الفراغ لديهم وإيجاد حلول أحياناً للمواقف التي تواجههم ومناقشة الأمور الاجتماعية في حين كانت هناك جوانب سلبية لاستخدام هذه الوسائل تتمحور حول نشوب خلافات أسرية والميل إلى تقليد نمط الحياة الغربية فيما أثرت على الجانب الأخلاقي والقيمي إيجاباً من خلال إقامة علاقات صداقة مع الصحبة الصالحة،أما سلباً، فكانت ضعف القيم الأخلاقية وتعلم العنف والعدوان واستخدام معلومات وبيانات غير حقيقية والتأخر عن القيام بالفروض الدينية إضافة إلى تعلم سلوكيات منافية للأدب والأخلاق» مبينة أن هذه الظواهر كانت واضحة لدى الطلبة الذكور أكثر من الطالبات.
وفي الجانب النفسي لفتت إلى أثر هذه الوسائل إيجاباً من خلال زيادة الثقة بالنفس والاستقلالية في اتخاذ القرارات، أما التأثير السلبي فقد تمثل بزيادة النظرة التشاؤمية لديهم والشعور بالعزلة والهروب من مواجهة المشاكل وحلها واتباع آراء وأفكار الآخرين وكانت هذه الظواهر واضحة لدى الطلبة الذكور أكثر من الطالبات، فيما أشارت إلى أثرها السلبي في الجانب الصحي، «من خلال شكوى الطلبة من الجنسين من الصداع وتورم القدمين وشرب المنبهات لمواصلة استخدام هذه الوسائل وزيادة الوزن وضعف البصر وجفاف العينين والشعور بوخز وتخدير باليدين وكانت هذه الأعراض ظاهرة لدى الطالبات أكثر من الطلبة الذكور».
وبينت الدراسة الهدف من إعدادها وهو استطلاع آراء طلبة المرحلة الثانوية بدولة الكويت في شأن استخدامهم لوسائل التواصل وأثره على جوانب حياتهم العلمية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية والصحية وذلك من خلال بعض الأسئلة التي أهمها «ما أثر استخدام وسائل التواصل على الجانب التعليمي والاجتماعي والأخلاقي والقيمي والنفسي والصحي للطلبة ؟ وهل هناك فروق دالة وفق متغير المنطقة التعليمية والصف الدراسي وجنس الطالب؟».
وأعلنت الدراسة عن بعض التوصيات التي من الضروري تطبيقها في المؤسسات التربوية لتلافي هذه السلبيات ومنها «عقد ندوات ومحاضرات توعوية وورش عمل للطلبة حول استخدام الأمثل لوسائل التواصل ، وتوظيفها في الجانب التعليمي والأكاديمي بما يخدم العملية التربوية وعقد محاضرات توعوية للطلبة والهيئة التعليمية في المدرسة والأسرة عن المحاذر القانونية لسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والعواقب المترتبة عليها، وذلك من خلال الاستعانة بذوي الاختصاص من إدارة الجرائم الإلكترونية، وتفعيل التواصل الاجتماعي في الجانب التعليمي بين الطلبة في ما بينهم وبين معلميهم وبين المعلمين وأولياء الأمور وذلك عبر الموقع الرسمي للمدرسة».
كما أوصت الدراسة بضرورة «تنظيم مسابقات فصلية أو سنوية على مستوى المنطقة التعليمية حول تفعيل التعليم الإلكتروني عبر وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة، وذلك للارتقاء بين العملية التعليمية التفاعلية وبين المعلم والمتعلم وتوعية الطلبة عبر المحاضرات والندوات التوعوية والإرشادية لاتباع الطرق الصحية لاستخدام أجهزة الحاسوب وأجهزة التواصل الإلكترونية الحديثة وذلك تجنباً للمشاكل الصحية التي قد يتعرضون لها بسبب الاستخدام الخاطئ، وتدريب الطلبة عبر الدورات وورش العمل حول إدارة الوقت في استخدام وسائل التواصل وعمل برامج تعليمية وثقافية هادفة لتنمية قدرات ومواهب الطلبة عبر وسائل التواصل وذلك تحت إشراف توجيه الحاسوب وإدارة الأنشطة المدرسية».
من جانبهم دافع عدد من طلبة المرحلة الثانوية عن الاستخدامات التكنولوجية المنتشرة اليوم في العالم، ومن أهمها وسائل التواصل ، مؤكدين لـ «الراي» أهمية برنامج مثل الواتساب في التواصل في ما بينهم وتبادل المذكرات الدراسية المطبوعة والإجابات النموذجية للأسئلة معتبرين أن الوسائل التكنولوجية ذات حدين وتخضع لاستخدام الشخص نفسه.
واعترف الطلبة بأن لهذه التقنيات أضرارا صحية كبيرة على مستخدمها وأهمها ضعف النظر وانحناء الرقبة والظهر وتعود الشخص على الانشغال الدائم حتى أثناء قيادة السيارة، إضافة إلى أنها تشجع على السهر وتغري بتبادل الأحاديث مع مختلف الأصدقاء وهنا تكون الدوامة التي لا تنتهي والتي تترك أثراً سلبياً من خلال صرف المتعلم عن دروسه والموظف عن أعماله وتخلق كثيرا من المشكلات التي لا غنى عنها وهذا كله بسبب الاستخدام الخاطئ.
بدورهم اعتبر عدد من الباحثين في الخدمة النفسية والاجتماعية هذه الدراسة من الدراسات الحديثة المهمة لوزارة التربية حيث انها تلقي الضوء على خطر نفسي وصحي يحيط بالطلاب والطالبات واصفين الاستخدام الحالي لها بـ «الخلل» الكبير الذي يستوجب وقفة توعوية مجتمعية متكاملة للتقليل من مخاطرها وتوظيفها التوظيف الأمثل في العملية التعليمية.
وذكر الباحثون في أحاديثهم لـ «الراي» أن الاستخدام السيئ لهذه الوسائل أدى إلى خلق كثير من المشكلات في الوسط التربوي والتعليمي وأهمها توظيف بعض البرامج في عملية الغش في الاختبارات والتي لولاها لما استشرت هذه الظاهرة بشكل مرعب في المدارس وأدت إلى حصول كثير من الطلبة على نسب نجاح غير مستحقة دخلوا بموجبها جامعة الكويت وربما شملتهم البعثات الدراسية في الداخل والخارج.
وأوضحوا أن كثيرا من الطلبة وظفوا بعض البرامج لتبادل الإجابات النموذجية للاختبارت عبر شبكات يديرها للأسف بعض ضعاف النفوس من أعضاء الهيئة التعليمية فيما لجأ بعضهم إلى برامج أخرى أكثر تطوراً للغش مؤكدين أن هذه الظواهر أرهقت الوسط التربوي خلال الأعوام الدراسية الفائتة ولم تهدأ إلا بعد قرار وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى منع الهاتف النقال في المدرسة سواء للطالب أو للمعلم أو الإداري مؤكدين أن سوء الاستخدام يدفع أحياناً إلى نبذ التطور حتى وإن كانت الوسيلة إيجابية وهادفة.