على الرغم من كل التحصينات الأمنية والعسكرية التي تلجأ إليها جميع دول العالم، فإن السلاح الأمضى والأهم هو تماسك الجبهة الداخلية… ولا يمكن لأي دولة أن تحمي أمنها واستقرارها إلا بامتلاك هذا السلاح، وتوظيفه للمهمة الأنبل والأقدس في حياة أي أمة.
من هنا جاء انزعاج المجتمع الكويتي من انتشار الشائعات بصورة كبيرة ومريبة، خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دفع بعض المراقبين الغيورين إلى التحذير من «جهات داخلية وخارجية» تستهدف النيل من وحدة الكويت واستقرارها، لأن هذا الاستقرار وتلك الوحدة يؤرقان الجهات المذكورة، التي يبدو أنها تتعايش على الفتنة، ولا تستطيع الحياة في بيئة صحية خالية من التشكيك والإثارة، وتأليب بعض فئات المجتمع بعضها ضد بعض.
ولعل أقرب مثال واقعي لمسه الجميع لما نقول، هو ما حدث في أثناء أزمة انقطاع الكهرباء، مساء الأربعاء الماضي، حيث استغل البعض هذه الواقعة لإطلاق كثير من الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون وازع من ضمير أو إحساس بالمسؤولية، إلى الحد الذي دفع المسؤول الأول عن الأمن في البلاد، نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد لمخاطبة هؤلاء المروجين للشائعات والفتن، بأن «يتقوا الله في وطنهم»، وقد بدا الرجل بالفعل متألما مما رآه، وهو ألم طالنا جميعا، وعزز لدينا تلك التقديرات التي تذهب إلى أن هناك بالفعل جهات داخلية وخارجية تستهدف أمن وطننا واستقراره.
إن أهم وأفضل ما تنعم به الكويت – قبل النفط أو أي مصدر آخر للازدهار والرفاهية – هو وحدة صفها الوطني، وتماسك جبهتها الداخلية، واستعصاء هذه الجبهة على الاختراق… لذلك فليس غريبا أن يستهدفها الحاقدون بالشائعات ومحاولات بث الفتن، سعيا إلى تمزيق وحدتها، وهو ما لن يحدث أبدا؛ لأن أبناء الكويت مروا بتجارب صهرتهم وصقلتهم، كما تصقل النار المعادن النفيسة وتجلوها، وعلمتهم أن سلاحهم الأقوى والأعظم هو أن يظلوا دائما «كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا»، وهم ليسوا على استعداد أبدا لأن يلقوا سلاحهم هذا، أو يقبلوا يوما بالتفريط فيه.