بعد قرار الحكومة العراقية بالتعطيل خلال الموجة الحارة، فتحت شهية البعض في الكويت للمطالبة بقرر مماثل خاصة ان الكويت ليست اقل حرا من العراق فقد ارتفعت درجات الحرارة في البلاد ووصلت إلى معدلات قياسية، وانطلقت التحذيرات من جهات الارصاد الجوية بضرورة توخي الحذر من درجات الحرارة العالية، وتأكيد التقارير المناخية العالمية أن الكويت تعتبر من أكثر المناطق حرارة على سطح الأرض، وقد استجاب نواب لهذه الدعوات واعلن النائب احمد لاري اأن الاقتراح الذي قدمه بأن تكون العطلة الرسمية في نهاية الأسبوع ثلاثة أيام هي الخميس والجمعة والسبت في شهري يوليو وأغسطس أملاه ارتفاع درجة الحرارة، وعلى أن يكون ذلك على سبيل التجربة و«بروفة» لدراسة إمكانية جعل العطلة الأسبوعية ثلاثة أيام على مدى العام.
مقترح النائب لاري لاقى ترحيبا لدى كثيرين، فيما عارضه اخرون لعدم الاضرار باقتصاد البلاد وتعويد المواطنين على الكسل.
وقالت رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام المحامية كوثر الجوعان ان «الحر لم يأت فجأة ولم يكن أول عام ترتفع فيه الحرارة، وكيف تعامل الكويتيون مع الحرارة في الماضي»؟.
وأضافت معلقة على دراسة ديوان الخدمة للمقترح «بدلا من دراسة عطلة 3 ايام عليهم ان يوظفوا من ينتظر الوظيفة.. ام ان دراسة التوظيف متعبة».
وتابعت «خلص شهر 7 وبيدلق سهيل بشهر 8.. بسكم دراسة وفلوس عليها ضايعة.. كفاهم لجان ودراسات ومكافآت.. الصيف انتهى من اجمل ما يمكن.. الحمد لله حر ولا حرب».
وقال الأستاذ في جامعة الكويت احمد المنيس «لا أفهم مقترح عطلة 3 أيام في دولة نظامها البيئي حار منذ نشأتها، خصوصا مع توفر أنظمة التكييف الحديثة. كما انه سيربك مدة الفصل الصيفي للجامعات».
وأضاف «من منظور أكاديمي، اذا تم تطبيق مقترح عطلة 3 أيام فهذا يعني للطلبة فصل صيفي أطول واجازة أقصر وساعات دوام دراسية أكثر. كأنك يا بوزيد ما غزيت».
غير ان مؤيدي الاقتراح يرون فوائد العطلة التي ستخفض من حرارة الجو، بانقطاع المركبات عن ارتياد الطرق أيام العطلة، الأمر الذي من شأنه رفع درجة الحرارة، لما تبثه المحركات من سخونة والعوادم من غازات، عدا عن كونه سيجعل من الكويت «قبلة» لسياحة مواطنيها وسيقلل من السفر إلى الخارج.
وقال النائب لاري «طرحت موضوع تمديد العطلة الأسبوعية على المسؤولين في الدولة وتشاورنا في الأمر، وانتهى المطاف بِنَا إلى اقتراح تمديد العطلة في شهري يوليو وأغسطس مبدئيا، وتاليا دراسة التجربة وقياس إيجابياتها وسلبياتها، ومن الممكن تعميمها لاحقا إذا نجحت».
وذكر لاري: «جرت العادة أن يقضي المواطنون إجازة الصيف خارج الكويت، وغالبية المسؤولين يكونون في إجازة صيفا، لذا لا أظن أن تمديد العطلة إلى ثلاثة أيام سيؤثر على آلية العمل»، متداركا «وعلى العموم فإن أربعة أيام عمل جادة تكفي لإنجاز العمل في الدوائر الحكومية، على أن يتم تقييم التجربة، وإن لقيت قبولا، يصار إلى تمديد الإجازة الإسبوعية بواقع ثلاثة أيام في الأسبوع».
وفضل النائب حمود الحمدان «التبكير في الدوام في شهري يوليو وأغسطس، بحيث يذهب الموظفون إلى أعمالهم عند السادسة صباحا وينصرفون عند صلاة الظهر، نظرا لارتفاع الحرارة في هذين الشهرين»، مؤكدا «نحن مع التخفيف على الموظفين وتوفير سبل الراحة لهم، وفي الوقت نفسه مع عدم توقف العمل وإنجاز المعاملات».
من جهته، أيّد النائب كامل العوضي تمديد العطلة الأسبوعية إلى ثلاثة أيام في شهري يوليو وأغسطس «لما له من مردود إيجابي على الموظفين وعلى ترشيد استهلاك الكهرباء»، موضحا أن الموظف الذي يحصل على إجازة ثلاثة أيام في الأسبوع ربما يفكر في عدم السفر وقضاء الصيف في الكويت، بالإضافة إلى أن تعطيل الوزارات والدوائر الحكومية سيخفف من الضغط على الكهرباء وسيخفض من درجات الحرارة في الجو نظرا لتقليص عدد السيارات في الشوارع.
وأعلن ديوان الخدمة المدنية على لسان وكيله محمد الرومي، بحسب «الراي»، أنه لم يتلق طلبا في هذا الشأن، لكنه أكد في الوقت نفسه استعداد الديوان في حال تلقيه المقترح لدراسته من أجل الوقوف على إمكانية تطبيقه وآثاره على إنتاجية العمل وكلفته المادية.
وبعيدا عن ارتفاع درجات الحرارة، التي قيل إنها ستلامس الـ 60 درجة، وبعيدا عن الحجة التي ساقها النائب لاري في اقتراحه «الشعبوي» إلى أقصى الحدود، وبعيدا عن إمكانية قصر هذه التجربة «مبدئيا» على شهري يوليو وأغسطس، لا بدّ من التوقف ولو قليلا عند بعض التفاصيل والأرقام البسيطة، والتي قد لا تكون غابت عن بال وذهن مقدّم المقترح.
بالأرقام، وبلغة اقتصادية بحتة، وفقا لمصادر اقتصادية، يساوي يوم إضافي من العطلة أكثر من 140 مليون دينار (يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لليوم الواحد نحو 140.5 مليون دينار كويتي، وذلك بحسب بيانات البنك المركزي الكويتي لناتج العام 2012)، أي نحو نصف مليار دولار تقريبا يوميا، ما يعني أن المضي قدما في تنفيذ الاقتراح يعني هدر 140.5 مليون (بالتمام والكمال) في يوم العطلة الإضافي (يوم واحد فقط)، وهو ما يعني أيضا في المقابل هدر أكثر من 1.12 مليار دينار، أي ما يصل إلى 3.68 مليار دولار تقريبا خلال 8 أيام فقط، هذا في حال اقتصر تطبيق الاقتراح على شهري يوليو وأغسطس، دون بقية أشهر السنة!
وتضيف المصادر أن الحكومة حاولت وتحاول جاهدة ضبط وترشيد النفقات بغية تقليل العجز المتوقع في ميزانية هذا العام، والذي بات يستدعي إصدار سندات محلية وأخرى خارجية بمليارات الدنانير، بهدف سدّ الفجوة الكبيرة في الموازنة، وبدلا من أن تزيد الدولة ناتجها المحلي الإجمالي، وترفع إنتاجية الموظفين (كل في قطاعه)، «تخرج اقتراحات من هنا وطروحات من هناك، أقل ما يقال إنها تشجع الخاملين على الخمول أكثر وأكثر وأكثر».
ولفتت المصادر الى بعض التقارير الرسمية وغير الرسمية، ومفادها ان كل عامل ياباني يعمل نحو 60 ساعة أسبوعيا، أي بمعدل 12 يوميا، في المقابل لا داعي للاستشهاد بمثل هذه التقارير للحديث عن إنتاجية العامل في الكويت، حيث تفيد التقارير والدراسات أن الموظف الكويتي، (البعض وليس العموم)، لا يمضي ربما أكثر من 3 ساعات في مقر عمله! وعلى ذلك، والكلام للمصادر، «ينبغي أن يدرك هؤلاء أنه يجب عليهم زيادة إنتاجيتهم حتى تصبح مقبولة نوعا ما وفق المعايير العالمية، لا أن يصار إلى تقليصها وفق ما يريد الاقتراح سالف الذكر».
وأشارت المصادر إلى أن يوم العطلة المقترح «سيطول مناحي الحياة السياسية والاقتصادية، والاجتماعية كافة، سيبدأ بالوزارات والدوائر الحكومية، مرورا بالمدارس والجامعات والكليات والمعاهد، وصولا إلى البنوك والمصارف والبورصة والشركات وغيرها، لذا لا بد من وقفة جادة ومتأنية وبعين فاحصة للمقترح، وتأثيراته السلبية إن تمت الموافقة عليه».