عدد الرئيس عبدالفتاح السيسي أسباب هشاشة اقتصاد بلاده خلال العقود الماضية، مشيرا إلى الحروب التي خاضتها مصر في ستينات وسبعينات القرن الماضي، إضافة إلى الإرهاب والفساد وإفرازات الربيع العربي، لكنه تعهد عدم التردد في اتخاذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي وصفها بـ «الصعبة»، وذلك بعد يومين من إعلان الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مبدئي في شأن قرض بقيمة 12 بليون دولار مقسمة على ثلاث سنوات.
وخاطب السيسي المصريين على هامش افتتاح مشروع للبتروكيماويات في مدينة الاسكندرية الساحلية (شمال القاهرة) مركزا على الشأن الاقتصادي، ولافتا إلى أن «الدولة بمفردها لن تنجح في مواجهة الأعباء الاقتصادية إلا بوجود إجماع من الشعب المصري». وأوضح أن القدرات الاقتصادية لمصر استنزفت على خلفية الحروب التي خاضتها أعوام: 1956، وحرب اليمن، و1967 والاستنزاف، و1973، الاقتصاد عملية لا تظهر نتائجها السلبية والإيجابية في فترة زمنية قليلة، هذه الحروب بغض النظر عن أسبابها كان لها تأثير سلبي على الاقتصاد… الحروب تحتاج إلى أموال ضخمة جدا لسنوات عدة… ولا بد من معالجة هذا».
وأشار السيسي إلى قضيتين لا بد من وضعهما في الاعتبار أيضا: «الإرهاب والفساد كانا عاملين إضافيين في إضعاف القدرات الاقتصادية لمصر… فالإرهاب لم يحدث فقط خلال العامين الماضيين… وإنما تعرضنا إلى موجات من الإرهاب، وكلما كاد قطاع السياحة يتعافى يتعرض إلى ضربات الإرهاب… الإرهاب كان وسيلة تستخدم لإيذاء الدولة المصرية وإضعافها والعمل على منع تقدمها».
وأكد «الجدية التامة في مواجهة الفساد الذي كان إحدى الوسائل التي أضعفت الاقتصاد المصري أيضا».
وتحدث السيسي أيضا عن نتائج ثورة 25 (يناير) عام 2011 على الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أنه «مثلما للثورة نتائج إيجابية، هناك سلبيات أيضا على المجتمعات علينا أن نتعرف بها ونقبلها ونعالجها»، لافتا إلى أنه تحت الضغوط «تم تعيين 900 ألف موظف في الجهاز الحكومي في الوقت الذي لا أحتاج إليهم، ويتم تخصيص موازنات لرواتبهم، كما تم زيادة رواتب الموظفين من نحو 90 بليون جنيه سنويا قبل عام 2011، لتصل الآن إلى 228 بليون جنيه سنويا، وهو ما له تأثير كبير… الزيادة الكبيرة في الرواتب جاءت من دون زيادة في الموارد، وهو ما أدى إلى زيادة فاتورة الدين».
وشدد السيسي على «أننا مسؤولون جميعا عن الاقتصاد واستقرار الدولة المصرية، وهو ما يدعونا جميعا إلى التحرك لمواجهة التحديات»، موضحا أنه خلال السنوات الأربع الماضية فقط «تسببت زيادة الرواتب في ارتفاع الدين الداخلي نحو 600 بليون جنيه… الدين الداخلي تعاظم من 800 بليون جنيه إلى 2.3 ترليون جنيه الآن ووصل إلى 97 في المائة من الناتج المحلي… نحتاج إلى ضبط الإنفاق والدعم حتى يصل إلى المستحقين». ودافع عن قرار تقليص الدعم عن الكهرباء، مشيرا إلى أنه «تم استثمار أكثر من 400 بليون جنيه لضمان انتظام توليد الكهرباء… وصول الدين الحكومي إلى 97 في المائة، أمر لا يمكن الاستمرار فيه. يجب خفض هذا الدين».
وطالب أركان حكومته بـ «الشفافية مع المصريين الذين لا يقبلون أن تظل بلدهم في موقعها غير المناسب». وتعهد المضي في «اتخاذ كل القرارات الصعبة التي تردد سابقوه في اتخاذها على مدى سنوات طويلة… والمصريون سيقفون إلى جواري لأن مصر تستحق عدم التخلي عنها».
ولفت إلى أن «حجم الديون التي أسقطت عن مصر في تسعينات القرن الماضي، من نادي باريس والقروض الأخرى والدعم الذي قدم بلغ 43 بليون دولار… وهذا أعطى للاقتصاد المصري فرصة».
وأشار إلى أن محاولة الإصلاح الحقيقة في مصر كانت عام 1977، مضيفا: «لما حصل عدم قبول من الناس لهذا، تراجعت الدولة وفضلت تأجيل الإصلاح لحد دلوقتي (حتى الآن) تراجعوا وتحسبوا من الإصلاح»، وأضاف: «أنا أخذت قرارات اللي تردد الكثيرون في أخذها، وأنا هنا عشان مصر تستحق… الحكومات التي تعاقبت تحسبت للإصلاح، وبالتالي تم تأجيله».
وأشار إلى أن المشاريع الاقتصادية يجب أن تقوم بتغطية تكلفتها حتى لا تصبح عبئا، لافتا إلى أن الحكومة تسعى إلى تقليل عجز الموازنة قائلا: «بنحاول نقلل الفجوة بين الموارد والمصروفات عشان العجز مايبقاش بالضخامة دي (حتى لا يبقى العجز بهذه الضخامة)… كل ما هنقلل (نقلل) من الدين الداخلي كل ما هنقلل من خدمة الدين».
وطالب السيسي النساء المصريات بالعمل على ترشيد الاستهلاك لمواجهة الظروف الاقتصادية الحالية، وقال: «أوجه ندائي لكل المصريين، خصوصا المرأة المصرية، وأقول لها إنها تستطيع بوجودها في المجتمع والأسرة تقليل الاستهلاك».
وأضاف: «من الكهرباء والمياه إلى حاجات كثيرة جدا ممكن (أن) نقلل من استهلاكها والتي تكون عبئا على المصريين».