قبل صدور تشريع الكونغرس الأميركي لقانون «جاستا» الذي يتيح لضحايا 11 سبتمبر ملاحقة الدول والمنظمات تحت ذريعة رعاية «الإرهاب»، كان السعوديون يحذرون من عواقب هذا القانون على شراكة متينة منذ عقود.
وقد باتت هذه العواقب قيد البحث والدراسة بعد صدور القانون رغم فيتو الرئيس الأميركي باراك أوباما وتحذيرات مسؤولي البيت الأبيض من تبعاته على المصالح الأميركية.
وقال البيت الأبيض: إن إقرار الكونغرس لقانون يسمح بمقاضاة السعودية فيما يتعلق بهجمات 11 سبتمبر سبب «ارتباكا شديدا» وإن الإدارة مستعدة للحديث مع المشرعين في شأن تقليل تأثير القانون.
وقال غوش إرنست الناطق باسم البيت الأبيض في بيان صحافي «أعتقد أن ما شاهدناه في الكونغرس هو حالة كلاسيكية للغاية من الندم السريع» على الفعل، مشيرا إلى أن 28 من أعضاء مجلس الشيوخ وجهوا خطابا يعبر عن القلق في شأن الإجراء في غضون دقائق من التصويت لمصلحة إبطال حق النقض «الفيتو» الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما.
ويرى مسؤولون في الرياض أن «جاستا» يمثل تصعيدا خطيرا من شأنه إعادة الحسابات في مستوى العلاقات العتيدة بين البلدين في ملفات أمنية واقتصادية.
وخلال زيارته لأنقرة، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف إن «الاستهداف واضح ولا يختلف عليه اثنان. ولا نستطيع أن نقول لهم لا تستهدفونا، لكن المهم أن نحصّن أنفسنا قدر الإمكان».
لكن تعليقات المسؤولين السعوديين لا تعطي حتى الآن تصورا عما يمكن أن يكون عليه رد فعل الرياض تجاه القانون.
فكيف إذن تحصن الرياض نفسها أمام هذا الاستهداف؟ وما خياراتها للرد على القانون؟
تقليص التعاون
يقول الباحث في العلاقات الدولية سالم اليامي إن أكثر الخيارات المطروحة هو تخفيف التعاون الأمني بين الجانبين، والذي شهد تناميا وتنسيقا عاليا في السنوات الماضية، خصوصا في مكافحة الإرهاب.
كذلك بإمكان السعودية تقليص التعاملات التقليدية في الاستثمار والتجارة، والاعتماد على منتجات دولية ومحلية، وهو أمر مبرر بعد أن «فقدت العلاقات بين البلدين وديتها ومرونتها».
كما يعتقد أن صانع القرار السعودي قد يلجأ إلى أدوات مفاجئة، خصوصا أن الرياض قد لوحت خلال مناقشة القانون في أبريل الماضي بسحب أرصدتها من النظام المالي الأميركي.
وتبدو الخيارات كثيرة أمام السعوديين، لكن الواقعي منها محدود من وجهة نظر المحلل والكاتب السياسي خالد باطرفي.
وأول هذه الخيارات «المضي في تنويع شراكاتها وتحالفاتها الدولية والتي أثارت الحساسية الأميركية في السابق وربما ساهمت في اللجوء إلى هذا القانون للابتزاز ومحاولة السيطرة، فالاتجاه شرقا وشمالا يعني مزيدا من بناء الجسور مع القوى العالمية العريقة والصاعدة».