تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين بعد سلسلة من الزيارات التي قام بها للكويت حينما كان وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء، حيث زار البلاد في ديسمبر 2013 ممثلا للمغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في اجتماعات الدورة الـ34 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وفي مارس 2014 ترأس الملك سلمان وفد بلاده في اجتماعات القمة العربية الـ25 التي عقدت في الكويت فيما كانت آخر زياراته الى الكويت قبل توليه مقاليد الحكم في منتصف يناير 2015 على رأس وفد المملكة لحضور اجتماعات المؤتمر الدولي الثاني للمانحين لدعم الوضع الانساني في سورية.
وقد حفلت مسيرة العلاقات التاريخية المتميزة بين الكويت والسعودية بالعديد من الزيارات المتبادلة لاسيما على مستوى القيادة إذ لم ينفك زعماء البلدين الشقيقين من الالتقاء وتبادل الرأي ومناقشة وجهات النظر في سبيل تعزيز أطر التعاون والتفاهم في كافة المجالات منذ عشرات السنين بل وحتى ما قبل قيام كيان سياسي منظم في كلا البلدين.
علاقات تاريخية
وتسطر صفحات التاريخ بين أوراقها زيارة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الى الكويت عام 1910 خلال حكم المغفور له الشيخ مبارك الصباح. وبعد وفاة المغفور له الشيخ مبارك الصباح عام 1915 قام الملك عبدالعزيز بزيارة الى الكويت للتعزية في الفقيد الراحل الذي ارتبط به الملك بعلاقة أبوية حميمة وكان يطلق عليه لقب «والدي».
وعقب تولي المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في الكويت وجه دعوة أخوية الى شقيقه الملك عبدالعزيز آل سعود لزيارة الكويت حيث لبى الملك الدعوة وقام بزيارة للبلاد عام 1936.
وبعد وفاة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1953 تولى مقاليد الحكم ابنه الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود الذي يرتبط بالكويت بعلاقة إنسانية مميزة كونه ولد على أرضها في يناير عام 1902. وكإحدى ثمار هذه العلاقة الوطيدة قام الملك سعود بن عبدالعزيز بزيارة الكويت عام 1954 حيث استقبل بحفاوة بالغة من الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي.
وفي عام 1961 قام الملك سعود بن عبدالعزيز بزيارة أخرى إلى الكويت بعد اعلان استقلالها مؤكدا وقوف المملكة الى جانب الكويت أمام جميع الأطماع الخارجية لاسيما مع توتر الوضع مع العراق بعد رفض الحكومة العراقية استقلال الكويت.
وبعد انتهاء حكم الملك سعود بن عبد العزيز تولى أخوه الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود سدة حكم المملكة عام 1964 واستمر حتى عام 1975.
وخلال تلك الفترة زار الملك فيصل دولة الكويت مرتين كانت الأولى في 13 ديسمبر 1965 أثناء عودته من العاصمة الايرانية طهران فيما كانت الزيارة الثانية في ابريل عام 1968 بناء على دعوة رسمية من أمير الكويت آنذاك المغفور له الشيخ صباح السالم، حيث أقيم للملك فيصل استقبال رسمي وشعبي كبير.
وبعد وفاة الملك فيصل بن عبدالعزيز عام 1975 تمت مبايعة أخيه خالد بن عبدالعزيز آل سعود ملكا للمملكة العربية السعودية والذي قام بزيارة رسمية الى الكويت في 21 مارس 1976 تلبية لدعوة رسمية من أخيه أمير الكويت في ذلك الوقت المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح.
واستقبل حينها الملك خالد بن عبدالعزيز استقبالا حارا على المستويين الرسمي والشعبي بما يعبر عن عمق المشاعر الأخوية والروابط الوثيقة التي تجمع ما بين البلدين الشقيقين. واستمرت الزيارات المتبادلة بين البلدين الجارين على كافة المستويات لاسيما على مستوى القيادة وذلك في مسعى دائم من زعماء البلدين للتباحث وتعزيز وجهات النظر حول مختلف القضايا والتطورات التي تمر بها منطقة الخليج.
وبعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم في المملكة عام 1982 قام بزيارة الى دولة الكويت مترئسا وفد بلاده في اجتماعات الدورة الخامسة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في الكويت عام 1985.
وفي عام 1987 ترأس الملك فهد بن عبدالعزيز وفد بلاده للمشاركة في أعمال مؤتمر القمة الاسلامية في دورته الخامسة الذي استضافته الكويت.
ولن تنسى الكويت خلال تلك الفترة من حكم الملك فهد بن عبدالعزيز موقف المملكة من الاعتداء العراقي الآثم على أرض الكويت في أغسطس عام 1990 حينما هبت المملكة قيادة وشعبا لتقف وقفة صمود شامخ في وجه العدوان وسخرت جميع إمكانياتها السياسية والعسكرية والمادية لخدمة القضية الكويتية إلى أن اندحر العدوان وعادت الكويت حرة مستقلة.
كما لن تنسى الكويت قيادة وشعبا كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز الخالدة خلال فترة الاحتلال العراقي للبلاد عندما قال «الكويت والسعودية بلد واحد نعيش سوية أو نموت سوية».
وبعد أن من الله على الكويت بنعمة التحرير وعودة الشرعية بفضل الموقف المشرف للدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود بزيارة رسمية إلى الكويت في ديسمبر 1991 مترئسا وفد بلاده في أعمال الدورة الـ12 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقد خاطب أمير الكويت الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد ضيوفه من قادة دول المجلس في تلك الدورة، قائلا إن «هذا الاجتماع على أرض الكويت قد تحقق بفضل الله أولا ثم بفضل أخي الملك فهد وإخوانه وشعبه الشقيق الذي وقف معنا وقفة مبدئية والتضحيات الكبرى التي تحملوها معرضين بلدهم لمخاطر كبرى في سبيل عودة الحق الكويتي».
وبعد وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز عام 2005 خلفه أخوه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي استمر على نهج إخوانه وآبائه وأجداده في لم الشمل العربي والحفاظ على وحدة الصف الخليجي.
وتكريسا لهذا الأمر وصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الكويت في يناير عام 2009 مترئسا وفد بلاده للمشاركة في أعمال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية.
وفي نهاية العام نفسة ترأس الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وفد بلاده لحضور أعمال القمة الـ30 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في الكويت وتم خلالها إعلان دول مجلس التعاون الخليجي الست تضامنها التام مع السعودية ودعمها المطلق لحقها في الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها ضد أي عدوان خارجي.
وعلى الصعيد نفسه لم تأل القيادة الكويتية جهدا في دعم المملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة قولا وفعلا حيث حرص حكام الكويت على امتداد تاريخها بزيارة الرياض والالتقاء بأشقائهم في المملكة.
وستظل المملكة العربية السعودية تحظى بمكانة كبيرة في قلوب الكويتيين قيادة وشعبا وهو الأمر الذي حرص عليه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد على ترجمته من خلال زياراته الدائمة إلى أرض المملكة.
وفور اعتلائه سدة الحكم في الكويت قام سمو الأمير في مارس 2006 بجولة خليجية بدأها بالمملكة العربية السعودية حيث قام خادم الحرمين الشريفين آنذاك المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتقليد سموه قلادة الملك عبدالعزيز تقديرا للدور البناء الذي قام به سموه في خدمة القضايا العربية بشكل عام وقضايا مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص.
وفي يوليو 2007 قام سمو الأمير بزيارة أخوية قصيرة إلى المملكة وفي الخامس من ابريل 2008 قام سموه بزيارة رسمية إلى الرياض عقد خلالها مباحثات رسمية مع خادم الحرمين الشريفين تركزت على بحث العلاقات الأخوية وسبل تقوية أطر التعاون بين البلدين الشقيقين على مختلف الأصعدة.
وفي مارس 2009 لبى سمو الأمير دعوة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحضور القمة العربية المصغرة التي عقدت في الرياض وجمعت الرئيسين المصري والسوري بهدف تنقية الأجواء العربية.
وفي 23 سبتمبر 2009 حضر سمو الأمير حفل الافتتاح الرسمي لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلى جانب عدد كبير من قادة الدول العربية والاسلامية وذلك ضمن احتفالات المملكة بيومها الوطني الـ79.
وقام سموه في أكتوبر عام 2014 بزيارة أخوية للسعودية بحث خلالها مع خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيز مسيرة التعاون الخليجي في كافة المجالات، إضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الاقليمية والدولية.
وفي فبراير 2015 زار سمو الأمير العاصمة السعودية الرياض حيث التقى بأخيه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز واستعرضا روابط التعاون بين البلدين والسبل الكفيلة لدعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.