خلال لقائه رؤساء التحرير المرافقين لسموه في زيارة معرض الكتاب في لندن بالأمس اختار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة أن يكون موضوع حديثه عن أخلاق الأفراد وقيم المجتمع، وكان سموه مهتما بهذا الموضوع وتحدث عنه باستفاضة وتفاصيل كانت أقرب إلى أن تكون كلام الأب عن أبنائه وعن مجتمعه ـ وهذا ما جعل الكلام مختلفا ـ وسألت سموه بعد انتهى من حديثه الشائق، أن الإمارات قامت بخطوات عملية عديدة لترسيخ الأخلاق والقيم بين أفراد المجتمع، منها اعتماد الخدمة الوطنية للشباب، وكذلك اعتماد مادة للتربية الأخلاقية في المدارس، بالإضافة إلى إصدار العديد من القوانين التي تفرض الاحترام بين أفراد المجتمع، ومنها قانون مكافحة التمييز والكراهية، وقانون وديمة للطفل، والقوانين المتعلقة بالأسرة وغيرها، وبالإضافة إلى الأمور الثلاثة السابقة هناك أمر آخر، وليس الأخير، لا يراه الإنسان إلا في دولة الإمارات، وهو القدرة لدى شيوخ الإمارات والحكام، فمن يتابع تحركات الشيوخ، وتواضعهم ورحمتهم ووفاءهم واحترامهم للجميع، ومن ينظر إلى تصرفاتهم يكتشف بشكل سريع جدا أن هؤلاء الرجال لا يكتفون بتقديم النصيحة والتوجيه للمجتمع وأفراده، وإنما يبدؤون بأنفسهم، وفِي بعض الأمور يسبقون المجتمع في التصرفات الإيجابية التي تبين أن الأخلاق والقيم الإنسانية جزء أصيل من شخصيتهم… وسألت سموه: ألا يكفي كل ذلك لخلق مجتمع يتمسك بقيمه ويكون راقيا في أخلاقه وفِي تعامله مع الآخرين؟
فكان رد سموه رد المسؤول والأب المحب، إذ قال: كل ذلك جيد، ولكن هناك مسؤولية أكبر يجب الاهتمام بها، وهي مسؤولية تقع على الأب والأم والأسرة في تربية الأبناء تربية أخلاقية وزرع القيم فيهم.
كلام الشيخ سلطان هو كلام الأب المربي قبل أن يكون كلام الحاكم المسؤول، وهو يَصُب في الجهد التي تبذله الدولة في حماية المجتمع من السلوكيات والقيم الدخيلة التي تنتقل إلينا من الخارج، والتي يمكن أن تؤثر على أبنائنا في عصر الفضاء المفتوح والتكنولوجيا السريعة والتطور الرقمي والتواصل الاجتماعي.
شيئان أعجباني في حديث الشيخ سلطان: الأول هو تأكيد حرص قيادات الإمارات كلها على حماية المجتمع، والشيء الآخر هو إيمان الإمارات بأننا لن نحافظ على أنفسنا ونحجز لنا مكانا بين الأمم ببناء الأبراج والمشاريع فقط، وإنما إلى جانب ذلك وقبله إيمانها ببناء الإنسان وبالأخلاق، فبالأمس قال ذلك رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد، واليوم نسمعه من الشيخ سلطان، وبلا شك أن كل الحكام يتفقون في الرأي والنظرة، وعندما نجد أن قيادة وحكومة تهتم بهذا الأمر وتعمل له وتخصص له الكثير الكثير من وقتها واهتمامها، فإننا نستطيع أن نقول بكل ثقة إننا نسير على الطريق الصحيح.