قال وزير المالية العماني، سلطان بن سالم الحبسي، إن بلاده تتوقع وصول عجز الموازنة في عام 2021 إلى 2.2 مليار ريال عماني (5.7 مليار دولار)، مشيرا إلى تجنيب 150 مليون ريال عماني (390 مليون دولار) ضمن بنود الإنفاق العام لسد جزء من أقساط القروض المستقبلية ومن المخطط أن يرتفع هذا المبلغ المخصص تدريجيًّا خلال السنوات القادمة ليصل إلى 600 مليون ريال عماني (1.6 مليار دولار).
وأوضح أنه من المتوقع أن تبلغ الإيرادات المحصّلة من ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية نحو 413 مليون ريال عماني في العام الجاري مرتفعة بمعدل أربعة أضعاف عن المقدر تحصيله في عام 2020 والذي قدر بمبلغ 100 مليون ريال عماني.
وأشار إلى أن الحكومة اتخذت حزمة من المبادرات الهادفة إلى تحسين الأداء المالي واستدامته للعام 2021 وتعزيز وتيرة النمو الاقتصادي بما يتماشى مع توجهات وأهداف الحكومة في سياسات التطوير المالي والاقتصادي الذي يحقق التوازن المالي في الأجل المتوسط والطويل.
وأضاف في حديثه لوكالة الأنباء العمانية، أن تلك المبادرات تتضمن استمرار تنفيذ مبادرات خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024)، ودراسة إعداد إطار عام لقانون الدين العام إلى جانب إنشاء حساب الخزانة الموحد واستكمال مراحل تطبيق موازنة البرامج والأداء وطرح مناقصة النظام المالي الحكومي الموحد.
وأضاف أن خطة الحكومة لعام 2021 تشتمل على عدد من الإجراءات الهادفة إلى التحفيز الاقتصادي، وصدرت التوجيهات السامية بشأنها والتي من المؤمل أن تعمل على منح دفعة إيجابية للأنشطة الاقتصادية المختلفة من أجل توفير فرص العمل وهي القروض الإسكانية المقدمة من بنك الإسكان العماني وتوزيع الأراضي السكنية للمواطنين وإعفاء المقترضين من بنك التنمية العماني وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من فوائد الاقتراض لعام واحد (2021م) والإعفاء من رسوم التراخيص للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتخفيض رسوم عقود الإيجار من 5 إلى 3%، مؤكدًا أنه إلى جانب هذه الحوافز الاقتصادية، هناك جهود حكومية نحو إصدار مجموعة من الإجراءات ذات الصلة بتنظيم سوق العمل وتحفيز بيئة الأعمال.
وبيَّن الحبسي أن خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020- 2024م) تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية والتوازن المالي بين الإيرادات والنفقات العامة مع نهاية عام 2024م وتهيئة الظروف المالية الداعمة لانطلاق الرؤية الوطنية “عُمان 2040”، موضحًا أن السلطنة تسعى من خلال تطبيق المبادرات والسياسات المالية إلى تجنب استمرار العجوزات المالية وتراجع التصنيف الائتماني للسلطنة والسعي لتحسينه وصولًا لتحقيق مستويات آمنة وجاذبة للاستثمار.
وقال إنه تم الأخذ في الاعتبار عند صياغة خطة التوازن المالي أولويات “رؤية عُمان 2040” المرتبطة بالاستراتيجية المالية للسلطنة وتتمثل في أولويات التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي وحوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع والرفاه والحماية المجتمعية.
وأوضح أن خطة التوازن المالي متوسـطة المدى تعتمد على خمسة محاور أساسية هي، دعم النمو الاقتصادي وتنشيط وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية ورفع كفاءة الإدارة المالية العامة.
وأشار إلى أن هذه المحاور تشتمل على عدد من المبادرات التي من شأنها تحقيق الاستدامة المالية في الأجل المتوسط وتم البدء في تطبيق المبادرات خلال العام المنصرم 2020 ويتوقع أن تؤدي إلى خفض عجز الميزانية العامة بشكل تدريجي ليصل إلى 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، ومن المخطط له أن تحقق السلطنة فائضًا ماليًّا في عام 2025م يقدر بنحو 65 مليون ريال عماني في ظل التوجهات الحالية ومع الانضباط المالي لكافة وحدات الجهاز الإداري للدولة وتعاونهم لتحقيق الأهداف الحكومية المرسومة.
وأضاف أن إجمالي الأثر المالي للإجراءات المتخذة في خطة التوازن المالي خلال عام 2020م بلغ نحو 4ر1 مليار ريال عماني بشقيه الإيرادات والإنفاق.
الاستدامة المالية
أما إجمالي الأثر المالي للإجراءات المتخذة في الخطة خلال عام 2021م، فأشار إلى أنه من المقدر أن يبلغ إجمالي الأثر المالي للإجراءات نحو 3.5 مليار ريال عماني، بمساهمة تقدر بمبلغ 565 مليون ريال عماني في الإيرادات المحققة وذلك من خلال مساهمة ضريبة القيمة المضافة بنحو 300 مليون ريال عماني، بما يعادل 779 مليون دولار، إلى جانب تحسين العائد من الاستثمارات الحكومية، وتوسيع وعاء الضريبة الانتقائية، وتحسين التحصيل الضريبي.
وكان قد حدد قانون ضريبة القيمة المضافة الصادر في 12 أكتوبر 2020، بموجب المرسوم السلطاني رقم ( 121/ 2020 ) موعد تطبيق هذه الضريبة ليكون بعد 180يومًا من تاريخ نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ليبدأ التطبيق أبريل المقبل.
ومن المتوقع أن تسهم الإجراءات في تخفيض الإنفاق في الميزانية بنحو 2.9 مليار ريال عماني وذلك من خلال استقطاع نسبة 5% إضافية أخذًا في الاعتبار الأثر المالي للتخفيض المطبق سابقًا من موازنة الوحدات المدنية والعسكرية والأمنية، ومن خلال إعادة توجيه الدعم، إلى جانب تخفيض ما قيمته 1.3 مليار ريال عماني من المصروفات الاستثمارية لإنتاج النفط والغاز وهو ما يمثل المصروفات الاستثمارية لشركة تنمية نفط عمان، وغيرها من الإجراءات.
وقال إن الميزانية العامة للدولة لعام 2021 ترتكز على تحديد سقف للميزانية لكل جهة بحيث لا تتعدى الميزانية المعدلة في عام 2020م وتطبيق الإجراءات الهادفة إلى ترشيد الإنفاق ورفع كفاءته والسيطرة على العجز والمحافظة على مساره النزولي وصولًا إلى تحقيق معدلات الاستدامة المالية، واستكمال التحول لتطبيق ميزانية البرامج والأداء من خلال التوسع في الوحدات الحكومية المطبقة للمشروع والبحث عن وسائل مبتكرة لتمويل بعض المشاريع والخدمات الحكومية.
وأشار إلى أن انخفاض الإيرادات الفعلية غير النفطية لعام 2020 بواقع 600 مليون ريال عماني، جاء نتيجة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والأثر المالي لقيام الحكومة بالعديد من الإجراءات للحد من آثارها السلبية على الاقتصاد، إذ قامت بالإعفاء من بعض الرسوم والضرائب (الضريبة السياحية، والضريبة البلدية على المطاعم، ورسوم البلدية للمنشآت التجارية، والإيجارات المستحقة على المصانع في المناطق الصناعية، ورسوم تجديد السجلات التجارية، ورسوم الغرامات للعمالة المغادرة نهائيًّا، وتخفيض رسوم المناولة والشحن، وغيرها) الأمر الذي أدى إلى انخفاض الرسوم والضرائب المحصلة مقارنة بالإيرادات المقدر تحصيلها إلى جانب انخفاض النشاط الاقتصادي جراء اتخاذ الإجراءات الصحية.
الضرائب
من جهة أخرى، توقع أن تصل الإيرادات الحكومية المحصّلة من الإيرادات الجارية في عام 2021 إلى نحو 3 مليارات ريال عماني، وأن تبلغ الإيرادات المحصّلة من ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية نحو 413 مليون ريال عماني في العام الجاري مرتفعة بمعدل أربعة أضعاف عن المقدر تحصيله في عام 2020م والذي قدر بمبلغ 100 مليون ريال عماني، ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات المحصّلة من ضريبة الدخل (على الشركات والمؤسسات) في عام 2021م نحو 400 مليون ريال عماني بتراجع نسبته 27% مقارنة بالمتوقع تحصيله في عام 2020م نتيجة التأثر بالوضع الاقتصادي في عام 2020م وتأثيرات جائحة كورونا (كوفيد-19) ومن المقدر أن تحقق باقي الإيرادات الجارية نحو 1.4 مليار ريال عماني.
وقال إنه من المتوقع أن يبلغ حجم الإنفاق الاستثماري في الميزانية العامة للدولة لعام 2021 بالإضافة إلى الاستثمارات المحلية للشركات الحكومية والشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني نحو 5.1 مليار ريال عماني (13.25 مليار دولار) بحيث يشكل الإنفاق الاستثماري للوزارات والوحدات المدنية 900 مليون ريال عماني، وتبلغ استثمارات شركة “تنمية طاقة عُمان” نحو 1.3 مليار ريال عماني فيما تبلغ الاستثمارات المحلية لجهاز الاستثمار العماني نحو 2.9 مليار ريال عماني وهذا الحجم من الاستثمارات يعزز حركة الأنشطة الاقتصادية والدفع بنشاط القطاع الخاص.
خدمة الدين
وردًّا على سؤال حول مصروفات خدمة الدَّيْن العام وتأثيرها على الميزانية، قال إن من المقدر أن يبلغ إجمالي المصروفات المعتمدة لعام 2021م بنحو 1.2 مليار ريال عماني نتيجة ارتفاع حجم الدَّيْن العام وتكلفة الفوائد، مشيرًا إلى أنه تم استحداث بند جديد تحت مسمى “مخصص سداد الديون” بمبلغ 150 مليون ريال عماني (390 مليون دولار) ضمن بنود الإنفاق العام لسد جزء من أقساط القروض المستقبلية ومن المخطط أن يرتفع هذا المبلغ المخصص تدريجيًّا خلال السنوات القادمة ليصل إلى 600 مليون ريال عماني (1.6 مليار دولار)، إضافة إلى تجنيب إيرادات مبيعات 20 ألف برميل واستمرار تحويلها إلى صندوق الاحتياطي النفطي.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يصل العجز في عام 2021م مبلغ 2.2 مليار ريال عماني (5.7 مليار دولار) والذي يعتبر في الحدود التي يمكن السيطرة عليها.
وحول المبالغ المستحقة لشركات ومؤسسات القطاع الخاص والمتأخر سدادها لدى وزارة المالية، أوضح معاليه أن الوزارة قامت بالتعاون مع الوزارات المختلفة بحصر المتأخرات المالية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص التي تقدر بمبلغ (450) مليون ريال عماني تم تسديد (100) مليون ريال عماني منها خلال شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2020م، والمبالغ المتبقية منها في مرحلة إكمال الدورة المستندية تمهيدًا لاستكمال إجراءات الصرف، في حين بلغ إجمالي المبالغ التي سددتها الوزارة خلال نفس الفترة نحو (171) مليون ريال عماني من مستحقات الشركات التي قدمت فواتيرها خلال عام 2020م، وبذلك فإن المستحقات المتبقية لعام 2021م لا تتجاوز 8 ملايين ريال عماني حسب سجلات وزارة المالية، تشكل مستحقات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة منها أقل من نصف مليون ريال عماني.
تنمية طاقة عُمان
وحول تأسيس “شركة تنمية طاقة عُمان”، أوضح أنه صدر المرسوم السلطاني رقم (128/2020) بتأسيس شركة تنمية طاقة عُمان، حيث نُقلت إليها حصة الحكومة من النفط والغاز في منطقة الامتياز (6)، وسوف تتم إدارتها وفقًا للممارسات العالمية لإدارة أصول وثروات الدولة في قطاع الطاقة، مشيرًا إلى أن الشركة ستعنى باستلام إيرادات النفط والغاز من شركة تنمية نفط عمان وتسديد التكاليف الرأسمالية والتشغيلية السنوية للإنتاج والعمل على تنمية وتوسيع القطاع وضخ المزيد من الاستثمارات لتعزيز العوائد المالية والاقتصادية للدولة.
وأضاف وزير المالية إن استبعاد مصروفات النفط والغاز لشركة تنمية نفط عُمان من الميزانية العامة للدولة سيُسهم في تحقيق الاستقلال المالي للشركة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية وتحسين هيكل الميزانية العامة للدولة وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، كما أن إنشاء الشركة سيعمل على زيادة حجم النشاط الاقتصادي للقطاع النفطي والقطاعات المرتبطة ورفع القيمة المحلية المضافة للأنشطة النفطية وعكس القيمة الحقيقية لقطاعي النفط والغاز، مبيِّنًا أن “شركة تنمية طاقة عُمان” ستُسهم بمبلغ 1.3 مليار ريال عماني في المشاريع الاستثمارية لإنتاج النفط والغاز لعام 2021م.
جهاز الاستثمار
وردًّا على سؤال حول نتائج إنشاء جهاز الاستثمار العماني على الميزانية العامة للدولة، قال معاليه إنه من المقدر أن تبلغ إيرادات الحكومة من أرباح الاستثمارات والمحصّلة من خلال توريد توزيعات أرباح جهاز الاستثمار العماني في عام 2021 نحو 800 مليون ريال عماني.
وحول ما يقوم به جهاز الاستثمار العماني ضمن دوره في إعادة هيكلة الشركات الحكومية وترشيد الإنفاق، أفاد معاليه بأن الجهاز مستمر في مراجعة الهياكل التنظيمية والتشغيلية للمجموعات القابضة وإعادة هيكلة ودمج وتصفية الشركات التابعة، وكذلك في مراجعة وتقييم لوائح الموارد البشرية وتقييم الرواتب والبدلات والعلاوات والمزايا التي سيصدر بشأنها تعديلات قريبًا.
وفيما يتعلق بالمجموعة العمانية للطيران، فقد قام جهاز الاستثمار العماني باتخاذ خطوات تصحيحية تتلخص في حل كل من المجموعة العمانية للطيران وشركة “ترانزوم” وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في السابق قبل إنشاء المجموعة، بحيث تستمر في العمل شركتان فقط هما الطيران العماني والشركة العمانية لإدارة المطارات مع النظر في إمكانية تغيير اسم الأخيرة ليتناسب مع دورها الجديد، وستتم إعادة توزيع الشركات التابعة للمجموعة ولشركة “ترانزوم” ومهامها على الشركتين مع مراعاة الفاعلية التشغيلية والتنظيمية من حيث مبدأ الفصل المناسب بين المهام وتسهيل عمليات التخصيص في المستقبل القريب مع الأخذ في الاعتبار التبعات التنظيمية والقانونية والمالية.
إلى ذلك، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية، مصطفى سلمان، في مقابلة مع “العربية”، أن ميزانية 2021 هي “متوازنة” إلى حد كبير رغم أن هناك هبوطا كبيرا في الإيرادات، غير أن الميزانية بنيت على سعر بترول 45 دولارا للبرميل عوضا عن 58 دولارا للبرميل العام الماضي.
واعتبر أن من الأمور الجيدة في الميزانية هو التركيز على القطاع السياحي وهذا سيعزز الإيرادات، إلى جانب فرض ضرائب جديدة.
وعن الإنفاق، أشار إلى أن تخفيض الانفاق بنسبة 19%، الجزء الأكبر منه هو في قطاعات الدفاع بينما تم استبعاد قطاعي التعليم والصحة من ذلك وهذا أمر جيد.