• نوفمبر 24, 2024 - 4:20 صباحًا

الإسراء والمعراج .. كرامة إلهية لسيد الخلق أجمعين

إن حادثة الإسراء والمعراج هي من بين المعجزات العظيمة التي جرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في أي شهر حدثت، فلم يتفقوا على اليوم والشهر، لكنهم أجمعوا على أنها وقعت بعد رحلة الطائف والتي كانت في السنة التاسعة هجرية.
ليس الغرض من هذه الحادثة تحديد اليوم والشهر الذي جرت فيه، وإنما ينبغي أن نعرف الحكمة من هذه الواقعة، والأمر الأهم من هذا أن نؤكد على وقوعها، لأنه قد كثر اللغط والخبط والخلط فيها، حتى سمعنا عن قوم منا استثقلوا حادثة الإسراء والمعراج فأنكروها جملة وتفصيلا، والبعض الآخر أقرَ بوقوعها، لكن اعتقدوا بأنها وقعت مناما لا يقظة، وآخرون قالوا إنها كانت بالروح فقط لا الجسد، ولهذا كان لا بد من بيان عقيدة أهل السُنَة والجماعة في حادثة الإسراء والمعراج.
إن حادثة الإسراء والمعراج ذُكرت في القرآن الكريم وفي الأحاديث الصحاح وفي كتب السِيرة المعتمدة، وقد قال القرطبي: «ثبتت الإسراء والمعراج في جميع مصنفات الحديث، ورواها جمع من الصحابة، فهي من المتواتر بهذا الوجه»، وذكر القاسمي أنه رواه عشرون صحابيا، وتناقلها المسلمون جيلا بعد جيل؛ فمن أنكر الإسراء والمعراج فقد أنكر أصلا من أصول اعتقاد المسلمين. والذي عليه عقيدة أهل السُنَة والجماعة أن حادثة الإسراء والمعراج وقعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم روحا وجسدا وفي اليقظة كذلك، ولم تحدث مناما فقط، أو بالروح دون الجسد، واستدل الجمهور بعدة أدلة من بينها: أن الله تعالى جل ذكُره أنزل في الإسراء آية صريحة، وفي المعراج آيات تتضمن تلميحا قويا قريبا من التصريح، فلو كان الإسراء والمعراج حدثت مناما فقط وروحا لا جسدا، لما ناسب أن يعتني ربنا بها، ويذكرها في كتابه أي القرآن الكريم، بالإضافة إلى أن الله قال في بداية سورة الإسراء: }سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَه هُوَ السَمِيعُ الْبَصِيرُ{، وبالنظر إلى كلمة «سبحان» التي تعني أن الله مُنَزه عن النقائص وأنه ليس كمثله شيء لا في قوته ولا في قدرته المطلقة، ناسبت هذه الكلمة أن تكون حادثة الإسراء والمعراج وقعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة وبروحه وجسده.
ومن هنا كانت الإسراء والمعراج حدثت روحا وجسدا وفي اليقظة لا مناما. هذه الحادثة التي دلت حقيقة على حب المولى جل في عُلاه لنبيه، وفيها بيان المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ولمكانته ولمنزلته العلية.
ووقوع الحادثة بعدما جرى في رحلة الطائف دل كذلك على اعتناء الله عز وجل بنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم، وكأن الله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: إذا طردك أهل الأرض وأهانوك فها قد فتحنا لك أبواب السماء، وأوصلناك إلى رتبة ومنزلة لم يصل إليها لا ملك مقرَب ولا نبي مرسل، حتى قال جبريل عليه السلام: «يا رسول الله أنا إن اخترقتُ احترقتُ وأنتَ إن اخترقتَ اقترَبتَ».

 

Read Previous

المرأة الكويتية .. 10 سنوات في رحاب الحقوق السياسية

Read Next

المُلا: القطاع الخاص مظلوم ويحتاج إلى دعم الحكومة

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x