أكد سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الحرص على تفعيل العمل التنموي وتعزيز الاقتصاد الوطني وتدعيم مقوماته وإعادة هيكلته فضلا عن مواصلة جهود تلبية احتياجات المواطنين لاسيما في مجال الخدمات الحيوية كالصحة والتعليم والإسكان.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سمو رئيس مجلس الوزراء خلال الاجتماع الأول للمجلس اليوم الاثنين بعد صدور مرسوم إعادة تشكيل الوزارة وأداء اليمين الدستورية أمام سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله.
وشدد سموه على العمل الجاد من أجل حماية الأملاك والأموال العامة ومكافحة الفساد وما يتطلبه ذلك من صياغة نظام عملي محكم يستهدف إيجاد التدابير الوقائية والعلاجية فضلا عن تطوير آليات العمل الحكومي وتطوير الجهاز الإداري للدولة والارتقاء بأدائه ليكون قادرا على مواجهة مسؤولياته الكبيرة في دفع عجلة التنمية.
وفيما يلي نص الكلمة:
“بسم الله الرحمن الرحيم
(وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)
إخواني الوزراء الأفاضل
لقد تشرفت بتلبية التكليف الصادر من الإرادة السامية لحضرة صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد حفظهما الله ورعاهما بتولي رئاسة مجلس الوزراء كما تشرفنا جميعا بالثقة الغالية لسموهما حفظهما الله ورعاهما ويسرني في اجتماعنا الأول لمجلس الوزراء وبدء مرحلة جديدة من العمل الوزاري أن أرفع إلى مقامهما السامي أسمى آيات الاعتزاز والامتنان بالثقة الغالية التي تفضلا علينا بها في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ وطننا الغالي.
إخواني
لقد عهدت فيكم الكفاءة والإخلاص وما تتمتعون به من خبرة واسعة وسمعة طيبة فيطيب لي أيها الأخوة أن أتقدم منكم بوافر الشكر على قبولكم مشاركتي في تحمل أعباء هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا الغالي من تحديات وصعاب على مختلف الأصعدة والمجالات سائلا المولى الكريم التوفيق والنجاح لنا جميعا.
لقد أقسمنا جميعا قسما عظيما أمام سمو ولي العهد حفظه الله ورعاه وأمام أهل الكويت جميعا بأن نذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأن نؤدي أعمالنا بالأمانة والصدق لتحقيق تطلعات أبناء الكويت الأوفياء وإنني أؤكد أننا جميعا سوف نكون أوفياء لهذا القسم الذي أقسمناه بكل ما أوتينا من طاقة وجهد لكي تظل الكويت الغالية واحة أمن وأمان ودولة القانون والمؤسسات ملتزمين بثوابتها الوطنية وقيمها الحضارية باذلين الجهد والنفس لمواجهة الأعباء والتحديات وحريصين على أداء الأمانة العظيمة التي حملنا إياها أبناء الكويت ولنكن عند حسن الظن بنا مستذكرين دائما أننا مسؤولون أمام الله سبحانه ثم أمام حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد حفظهما الله ورعاهما لرفعة بلدنا العزيز.
إخواني
إنطلاقا من عظيم المسؤولية التي نستشعرها تجاه وطننا الغالي فإن من الواجب علينا بذل قصارى الجهد والحكمة لوضع وتنفيذ منهاج شامل للإصلاح في جميع مناحي الحياة يبدأ بتحديد مكامن الخلل وحسن التشخيص وتحديد الأسباب ليتسنى الإصلاح والمعالجة على نحو سليم فعال ولا يأتي ذلك إلا بالدراسة المتأنية لاكتشاف مواطن القصور والخلل في الجهات التي يشرف على أعمالها كل وزير ويقود العمل بها ثم القيام بالتخطيط الواقعي السليم لإعداد برنامج واضح المعالم قابل للتنفيذ لمعالجة هذا القصور والخلل والسعي لتحقيق الآمال والطموحات وبمراعاة الأولويات وعلى ألا تتجاوز الإمكانات مع التلمس الدائم لهموم المواطنين ومشاكلهم والبحث عن سبل الارتقاء بالخدمات العامة وتجسيد الالتزام الجاد بتطبيق القانون بلا تهاون ومحاربة الفساد والمحسوبية وأن يكون التنفيذ مقترنا بجدول زمني محدد المواعيد يؤسس لمسيرة جديدة قوامها العمل والإنتاج والتقييم والمحاسبة في إطار الواجبات والحقوق الوطنية .
إخواني
لن أتطرق إلى تفاصيل الأولويات والقضايا التي يتعين على الحكومة التصدى لها ومعالجتها باعتبار أن مجال ذلك هو برنامج عمل الحكومة الذي سوف نعكف على إعداده لتقديمه إلى مجلس الأمة الموقر تنفيذا لالتزام الحكومة الدستوري بموجب المادة 98 منه والذي سوف نحرص على أن يكون برنامج عمل واقعي يحقق الاحتياجات الفعلية في إطار الخطة المعتمدة للتنمية المستدامة بأبعادها القريبة والبعيدة وأن يكون برنامجا قابلا للتنفيذ بموجب آليات عالية الكفاءة في المتابعة والتقويم والمحاسبة تجاه أي تقصير وهو ما يدعو كل جهة لأن تدرك حدود دورها فى تنفيذ ما يخصها من مشروعات وفق برنامج زمني محدد وعلى نحو يكرس للعمل المؤسسي وليس للاجتهادات والضغوط لكي نعزز هيبة القرار الحكومي ونؤكد المصداقية لترسيخ الثقة المتبادلة مع المواطنين.
وأود أن أشير في عجالة ودون التقليل من أهمية سائر الموضوعات والقضايا إلى بعض الأفكار التي أعتبرها من أولويات المرحلة ومنها ضرورة الالتزام بتطبيق القانون على الجميع دون أي استثناء وهو ما يكرس هيبة الدولة ويعزز الثقة بالأداء المؤسسي وما يتطلبه ذلك من مراجعة وتطوير وتحديث البنية القانونية استجابة لاحتياجات التنمية الشاملة ومواكبة المتغيرات واستيعاب مطالب الدولة العصرية.
وكذلك العمل بجدية على حماية الأملاك والأموال العامة ومكافحة الفساد وما يتطلبه ذلك من صياغة نظام عملي محكم يستهدف إيجاد التدابير الوقائية والعلاجية للمحافظة على أملاك الدولة والمال العام لدى كافة الجهات الحكومية وتجسيد الشفافية في كل إجراءاتها تحت أعين الجهات الرقابية وبموافقتها ويجب أن يتضمن الأدوات المناسبة لسرعة المساءلة والمحاسبة لكل مظاهر الاعتداء على المال العام ويأتي في هذا الإطار تدعيم آليات مكافحة الفساد التي تكفل تأمين التدابير اللازمة لمواجهة كافة مظاهر وأشكال الفساد المالي والإداري وتكريس النزاهة والشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع.
ويأتي تطوير آليات العمل الحكومي وتطوير الجهاز الإداري للدولة والارتقاء بأدائه ليكون قادرا على مواجهة مسؤولياته الكبيرة في دفع عجلة التنمية فى البلاد بمجالاتها المختلفة كأولوية ملحة مع التأكيد على المفهوم الصحيح للوظيفة العامة بكونها خدمة للمواطنين وتسهيل مصالحهم مع التأكيد على تنفيذ التوجيه السامي بتقبل النقد والإسراع في دراسة الشكاوى ومعالجة الأخطاء وتصحيحها إن وجدت وتقبل الملاحظات والآراء والتفاعل معها بكل موضوعية وجدية وإيجابية.
إخواني
إن أول توجيهات ونصائح حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد حفظهما الله ورعاهما العمل دائما على المحافظة على الوحدة والثوابت الوطنية فيما يعزز التلاحم المعهود بين أبناء الوطن الواحد ويترجم التمسك بالمبادئ التي أرسى دعائمها ديننا الحنيف والموروث من القيم الفاضلة إلى جانب تكريس دولة القانون والمؤسسات في ترسيخ الأمن وإعلاء سلطة القضاء وإرساء الحق والعدل والمساواة وحماية المكتسبات وقيام إعلامنا الوطني بممارسة دوره المسؤول لصيانة المصلحة العامة والمحافظة على سمعة البلاد ومكتسباتها الحضارية وتقوية علاقاتها بالدول الشقيقة والصديقة.
كما أن علينا أن نعمل جادين من أجل تفعيل العمل التنموي وتعزيز اقتصادنا الوطني وتدعيم مقوماته وإعادة هيكلته هذا بالإضافة إلى مواصلة الجهود لتلبية احتياجات المواطنين لاسيما في مجال الخدمات الحيوية كالصحة والتعليم والإسكان فيما يبدد همومهم ويرفع عنهم معاناة ضغوط الحياة ويحقق آمالهم وتطلعاتهم في غد أفضل كما أن التعاون والتفاعل الايجابي مع مؤسسات المجتمع المدني للاستفادة من الطاقات والكفاءات الوطنية المتخصصة في مختلف المجالات ركيزة أساسية للعمل الحكومي باعتبار أن بناء الوطن مسؤولية وطنية يشارك الجميع في تحملها.
إخواني
لقد أرسى الدستور النظام الديمقراطي أخذا بنظام الشورى الذي جبل عليه مجتمعنا العتيد محددا معالم هذه الديمقراطية وثوابتها أخذا بنظام الفصل بين السلطات مع تعاونها وفقا لحكم المادة 50 منه.
وإعمالا لذلك فقد وجب مراعاة الالتزام بأحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة وقرارات المحكمة الدستورية في العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة والعمل الجاد على تعزيز هذه العلاقة في إطار نهج يسمح بوضع صيغة توافقية في إطار الدستور تهيئ لآليات عمل مشتركة تكرس صور التعاون المأمول للتصدي لمختلف القضايا والموضوعات المطروحة وتأمين أسباب التعاون البناء وإزالة أجواء التوتر والاحتقان ونزع فتيل الخلافات السياسية وسائر الأزمات المحتملة بما يضمن في النهاية حسن التعاون ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويؤدي إلى تحقيق وتسريع الإنجاز المنشود وذلك في إطار أحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة والحكومة تمد يد التعاون مع جميع الأخوة أعضاء مجلس الأمة بنية خالصة وقلب مفتوح ورغبة صادقة للحرص على تعزيز العلاقة الإيجابية بين مجلس الأمة وبينها ولمعاونة مجلس الأمة على ممارسة دوره الرقابي والتشريعي وليتمكن من مساعدة الحكومة في عملها التنفيذي وبالتالي الدفع بعملية الشراكة الإيجابية والتعاون المنشود بين السلطتين تحقيقا لأحكام الدستور وتنفيذا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد حفظهما الله ورعاهما.
إخواني
هناك مقومات للعمل الوزاري في مجلس الوزراء يتعين الإشارة إليها وأخصها احترام اختصاصات مجلس الوزراء وعدم العرض عليه بما لا يدخل في اختصاصه أو يكون من اختصاص الوزير ذاته أو وزير آخر والإسراع في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء ومتابعة هذا التنفيذ باعتباره مسؤولية كل منا والالتزام بأحكام المادة 128 من الدستور في خصوص إصدار قراراته ودون أن يمنع ذلك من الاختلاف في الآراء وتباين وجهات النظر حول مختلف القضايا وصولا للرأي الأصوب الذي يحقق الصالح العام والذي يلتزم به جميع أعضاء الحكومة في ظل الحفاظ على سرية مداولات مجلس الوزراء فيما يتناوله من سائر القضايا والمسائل المطروحة عليه محليا وخارجيا ولقد سبق أن وجهت الأخ الأمين العام لمجلس الوزراء برد أي موضوع لا يدخل في اختصاص مجلس الوزراء وإجراء المتابعة الجادة لتنفيذ الجهات لقرارات مجلس الوزراء بصفة عاجلة.
إخواني
إنني على يقين ثابت بأنكم حريصون على بذل قصارى الجهد للقيام بمسؤوليتكم في حمل الأمانة الوطنية في دفع مسيرة التقدم والازدهار لكويتنا الغالية ولتبقى الكويت بإذن الله دائما وأبدا موطن الأمن والأمان والرخاء الذي ننشده نسأل المولى سبحانه أن يكون لنا خير سند ومعين على تحقيق آمال وتطلعات أهل الكويت في ظل راية حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهما.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.