أكد وكيل وزارة الخارجية السفير خالد الجارالله وجود تعاون وتنسيق امني كبير بين دول المجلس من جهة، وبين الكويت والسعودية من جهة اخرى، وذلك لمواجهة خطر الارهاب، وخاصة بعد الاحداث الارهابية التي شهدتها بعض المساجد في المملكة، لافتا إلى ان ذلك التنسيق الامني يأتي ادراكا من قبل دول المجلس بان الخطر شامل لا يستهدف امن واستقرار المملكة فقط وانما يستهدف دول المنطقة ككل.وفي هذا الصدد أكد خبراء استراتيجيون لـ «الخليج» أن هناك حاجة ملحة وضرورية إلى التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي لمحاربة الفكر المتطرف، مشيرين إلى أن الدواعش موجودون في بعض الدول، سواء كثروا أو قلوا، بالإضافة إلى المتعاطفين مع الفكر الداعشي، ما يعرض امن المنطقة للخطر.
وقال أستاذ الإعلام والكاتب الصحافي د. عايد المناع ان هناك حاجة ملحة لتبادل المعلومات المختلفة بين دول مجلس التعاون الخليجي، بل والعالم كله، سواء أكانوا تنظيمات أو أفرادا، فقد أصبحنا الآن في مرمى «داعش» والحوثيين، ولا شك أن هناك دواعش أيضا داخلية، وبالتالي علينا أن نكون حذرين دون الإخلال بالمبادئ التي كفلها الدستور، مبينا أن جمع المعلومات ومتابعة الأشخاص ليسا عيبا والخطر ليس فقط من تنظيم داعش، فهناك تنظيمات أخرى من الممكن أن تكون جاهزة وترتكب أعمالا مخلة بالأمن والاستقرار وينبغي التحقيق معها، ولكن في النهاية «داعش» هي الخطر الأكبر والمحيط بنا، والأكبر حضورا في الدول العربية المختلفة، فتجده في العراق وسورية ومصر وليبيا وتونس والمغرب، والآن يضرب السعودية، وهناك غير «داعش» يضرب البحرين ويضرب سورية والعراق، وهذه الحركات المتطرفة المختلفة تتطلب تنسيقا أمنيا كبيرا ومتابعة وتحليلا اقتصاديا واجتماعيا للأسباب التي تؤدي إلى الالتحاق بتلك التنظيمات والتي لا يحقق الشباب من ورائها إلا التشرد والموت.
وتابع المناع: ينبغي أن ندرس هذه الحالة، وفي وقت سابق دعوت أكثر من مرة إلى أن تكون هناك دراسة اجتماعية سيكولوجية وسياسية لهذا الجنوح الغريب لدى الشباب إلى الالتحاق بداعش، فما يمس السعودية يمسنا، والخطر يحيط بنا، كما يحيط بالمملكة العربية السعودية، ولكن هناك هدفا رئيسيا تحاول تلك التنظيمات الوصول إليه، وهو خلق حالة من الفوضى والاضطراب الاجتماعي عن طريق استخدام الوسائل الطائفية المختلفة، وليس عن طريق المعارك، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه هذه التنظيمات المتطرفة يتمثل في الأماكن المقدسة في مكة والمدينة ومنطقة الخليج، فهي تريد أن تكسب ماليا وإستراتيجيا ودينيا. وأضاف المناع: يجب ألا يتم التعويل على أن «داعش» يتم ضربه هنا أو هناك، فنجد أن هناك أناسا ينتقدون أفعال داعش، ولكن في نفس الوقت هم قلبا وقالبا مع ما تقوم به، لذا تجب حماية بلداننا من الدواعش الداخلية، لذا أعتقد أن الحديث عن التنسيق الامني بين دول الخليج أصبح ضرورة ملحة وأصبحنا في حاجة إلى أدوات سريعة وفعالة لهذا التنسيق.
من جانبه قال الأكاديمي والمحلل السياسي د. أحمد المنيس ان التصريح الذي أدلى به وكيل وزارة الخارجية عن ضرورة التنسيق الأمني بين دول مجلس التعاون الخليجي هو تصريح مهم وفي محله، وتجب المسارعة في هذا التنسيق الأمني، فالخطر أصبح قاب قوسين أو أدنى، بل إننا لسنا في حاجة إلى تنسيق على مستوى دول مجلس التعاون فقط، بل نحن في حاجة إلى تنسيق على مستوى عالمي.
وأوضح المنيس أن هناك حاجة إلى تنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التطرف، فـ «داعش» هو تنظيم إرهابي يمثل فكرا متطرفا، ولكن في النهاية الخطورة ليست في وجود تنظيم كـ «داعش» ولكن في وجود دواعش مستقبلية، فلا بد من الحديث عن تطور اجتماعي وثقافي لمواجهة هذا الفكر المتطرف، ولا بد ان يكون هناك تشاور وتعاون بين المنظومة الخليجية ودول العالم لدراسة الأسباب الحقيقة وراء التحاق الشباب بمثل هذه التنظيمات، فالمواجهة العسكرية لا تكفي لمواجهة التطرف في المجتمعات، بل لا بد أن يكون للفكر الوسطي المعتدل أيضا دور في محاربة الفكر المتطرف، ولذا لا بد أن يكون هناك حديث عن تطور العملية التعليمية والثقافية، وأيضا هناك ضرورة إلى ان يكون هناك حوار قائم على احترام الرأي الآخر.
وانتقد المنيس استخدام بعض الدول الفتاوى الدينية كوسيلة لتصفية الحسابات، وقد تكون تلك الفتاوى مجيرة لحساب فئة معينة، مؤكدا أن مواجهة الفكر بالفكر هي أكبر وسيلة لمواجهة التطرف. فيما قال الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي د. محمد الرميحي: بالتأكيد هناك حاجة ملحة وضرورية إلى التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي لمحاربة الفكر المتطرف والذي يسهم في إيجاد الاضطرابات في بعض الدول، مشيرا إلى أن وجود الـ «دواعش» في بعض الدول العربية هو أمر موجود كثروا أو قلوا بالإضافة إلى أن هناك مجموعة من المتعاطفين مع الفكر الداعشي، ولا بد من دراسة الشخصية النمطية لهؤلاء على الأقل بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية أنهم من مواليد التسعينيات، لذا هناك حاجة إلى معرفة خلفياتهم الاجتماعية والثقافية وبناء صورة نمطية عنهم.
وأوضح الرميحي: في تقديري أن القضية الأولى التي تجب مناقشتها هي القضية الفكرية، فما وصل هؤلاء إلى هذا المستوى من الفكر إلا بناء على تراكمات فكرية لديهم باتجاه معين، وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال التعليم ووسائل التواصل المختلفة والإعلام، ولا بد أن نقوم برسم صورة محتملة لهؤلاء، ولا بد من ملاحظة وجود ضغوط نفسية وسياسية لما يجري في المنطقة، وهذا أمر صعب ويحتاج إلى نقاش موسع أو عمل ورشة من المتخصصين لدراسة الموضوع دراسة علمية والتعامل من خلال العمل الثقافي والتعليمي بجانب العمل الأمني.
وبين الرميحي أن العمل الأمني هو جزء من المنظومة التي تحارب الدواعش، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد على المنظومة الأمنية فقط في حل المشكلة، فنحن نحتاج إلى تضافر جميع الجهود لحل هذه المشكلة.