دعا الكاتب الصحافي رئيس جمعية حرية تداول المعلومات تيسير الرشيدان إلى سن قانون خاص بحرية تداول المعلومات وحماية المبلغ لإشاعة ثقافة الشفافية. وفيما اكد ان الكويت بلد ديموقراطي منذ أكثر من 54 عاما، حيث ننتخب من نريد في الجمعيات والاتحادات والمجالس، ونقول ما نريد في كل الأماكن، ونتغنى بالديموقراطية، استنكر ان يكون مفهوم الديموقراطية عند البعض هو عدد الأصوات «ليصل من حزبنا وطائفتنا وقبيلتنا، فيستفيد هو وجماعته فقط، من دون باقي الأمة التي شرفته بتمثيلها». وطالب الرشيدان، في حوار مع «الخليج»، بتعديل قانون جمعيات النفع العام 24/ 1962 الذي مضى على صياغته 52 سنة، مشيرا إلى ان القانون اصبحت تشوبه الثغرات والمثالب، ولا بد من مواد لتوسيع المشاركة في العمل والاستشارات، وتثقيف وحماية المجتمع من الفساد والآفات، وتعزيز الولاء الوطني وثقافة احترام الجميع والعمل الجماعي بالقيم الأخلاقية والدينية عن طريق الأنشطة والمبادرات والمنتديات التي تخدم العدالة والإصلاح والتنمية في المجتمع. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
< الكويت بلد ديموقراطي فهل برأيك هناك خلل في مفهوم الديموقراطية عند البعض؟
ـ نحن والحمد لله في بلد ديموقراطي منذ 54 سنة، ننتخب من نريد في الجمعيات والاتحادات والمجالس، ونقول ما نريد في كل الأماكن، ونتغنى بالديموقراطية، وفي الوقت نفسه حالنا يتراجع والمواطن يشتكي من الواسطة والمحسوبية وسوء الخدمات، والكل يعترف بالفساد المتزايد، فماذا تعني الديموقراطية إذا لم يُنتخب الأصلح لمراقبة ومكافحة فساد، وتطبيق القوانين بحزم، ومنع الواسطة والمحسوبية، وتنمية الإنسان والموارد؟ فهل فعلنا واستفدنا من مخارج الديموقراطية بتوعية النشء والتربية الوطنية ومخارج الدراسة وحلول لمشاكل الصحة والإسكان والرياضة والازدحام، ومنع الجرائم؟ إذن ما فائدة الديموقراطية إذا لم يصل المصلحون إلى مجالس الجمعيات والبلدي والأمة، ليصلحوا حال البلد؟ لذلك لا بد من البحث، وإصلاح الخطأ بالتعامل مع مفهوم الديموقراطية وآليتها التي قال عنها كاتب إنجليزي (1967) وصف الحالة السياسية الكويتية: Kuwait: Desert Democracy (ديموقراطية الصحراء وتجميع الورق بالصناديق)، فكل مفهوم الديموقراطية عندنا هو عدد الأصوات، ليصل من حزبنا وطائفتنا وقبيلتنا، فيستفيد هو وجماعته فقط، من دون باقي الأمة التي شرفته بتمثيلها في المجلس، وأعتقد أن ممارسة الديموقراطية تحتاج إلى توعية المجتمع ومراجعة وإعادة نظر وتشديد معايير وشروط المرشح والناخب، ثم كشف الذمة المالية وتطبيق القوانين بحزم، ومراقبة استفادة كل مسؤول وعضو ونائب من النفوذ والمصالح، وتحديد مدة البقاء على الكرسي.
< ولكن على الفرد مسؤولية مجتمعية فما هي من وجهة نظركم؟
ـ أولا لا بد أن نعرف أن المسؤولية المجتمعية تعني دور الفرد أو المؤسسة تجاه التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمشاركة بدعم احتياجات المجتمع، وإحدى هذه الجهات البنوك والشركات التي تعمل وتربح وتستفيد من المجتمع. ولذلك، يجب أن تتحمل مسؤوليتها بالتوظيف والتدريب والتطوير ودعم العلوم والأنشطة الاجتماعية والثقافية، ولا شك في أن هناك الكثير منها يقوم بذلك، ونتمنى من الآخرين الحذو حذوها، فحسب قوانين البنك الدولي للتنمية المستدامة، يشترك الجميع في مكافحة الجهل والفقر والأمراض والمحافظة على البيئة ودعم أنشطة مؤسسات المجتمع المدني لتقدم خدمات أفضل. فكلما تقدم المجتمع بكل المجالات، أصبحت الفائدة للجميع، أفرادا ومؤسسات، والعكس صحيح، فالمسؤولية الاجتماعية، كل بحسب قدرته، لتحسين الظروف المعيشية والصحة والسلامة، وأيضا تشمل من يراقب المعايير والقوانين والجودة، ويجب أن تنظمها وتشجّعها مؤسسات الدولة لتستفيد منها جميع المؤسسات الثقافية والصحية والاجتماعية.
< وكيف تنظمها الدولة؟
ـ عن طريق توعية ونشر ثقافة ومفهوم العطاء والمسؤولية الاجتماعية المشتركة وتحفيز الشباب عليها، والتعاون الحكومي لتشجيع البنوك والشركات التي تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية كاملة، والعطاء ليس طعاما وملابس فقط. بل توظيف وتعليم وتشجيع المواهب ودعم جميع أنواع المؤسسات، ومراقبة ومتابعة الأعمال الاجتماعية والتطوعية ومن عليها والتزامهم وتقديم جوائز تحفيزية، واهتمام وسائل الإعلام بالمؤسسات والشركات التي تقوم بالمسؤوليات الاجتماعية، وسن قوانين تنظم واجب المسؤولية الاجتماعية، وهو يختلف عن أعمال الخير والصدقات، مبينا أن الكثير من المؤسسات والبنوك تقوم بدورها ومسؤوليتها الاجتماعية مشكورة، ونتمنى أن يكون التزاما قانونيا على الجميع، لنتشارك بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للوطن والمواطن كما كان أهل الكويت دائما.
< جمعية حرية تداول المعلومات… كيف بدأت الفكرة وإلى أين وصلت وهل الكويت في حاجة إلى مثل تلك الجمعية؟
– بدأت الفكرة في الفترة الأخيرة أثناء نشاطي في مؤسسات المجتمع المدني، حيث شعرت بأن قضية حرية المعلومات لا تأخذ حيزا كافيا من الاهتمام، فهناك معاناة كبيرة في الحصول على المعلومات التي نحتاجها في عملنا، وغالبا ما نجدها مبتورة أو مشوهة في وسائل الإعلام، وبحسب توجهات كل منها ومصالحه أو تنشر منقوصة بالوسائل الرسمية، لهذا كله فقد تباحثت مع مجموعة من نشطاء المجتمع المدني وأستاذي المستشار عبدالحميد عبدالمنعم الذي له الفضل في فكرة إنشاء جمعية متخصصة تتبنى هذه القضية، فشكلنا لجنة تحضيرية لصياغة الفكرة برئاسة السيد عبدالإله معرفي، وعضوية المحامي عبدالعزيز الخطيب وأ. اعتدال العيار ود. معصومة إبراهيم، وأ. صلاح الحميضي وأ. عبدالحميد عبدالمنعم وتيسير الرشيدان، فوضعنا نظاما أساسيا للجمعية التي أسميناها الجمعية الكويتية لحرية تداول المعلومات، وعرضنا ما توصلنا إليه على نخبة من الناشطين والإعلاميين والمهتمين، وهكذا تمت الدعوة لعقد جمعية عمومية تأسيسية في 11 يناير2015 ثم قدمنا الإجراءات الرسمية لإشهارها.
< من فريق العمل بالجمعية؟
ـ الجمعية العمومية التأسيسية قد انتخبت في اجتماعها مجلس إدارة يتكون من 1- الرئيس تيسير الرشيدان، 2- نائب الرئيس د. نادر معرفي 3- أمين السر عبدالحميد عبدالمنعم 4- أمين الصندوق د. مرسال الماجدي 5- عضو د. حنان الخلف 6- عضو د. محمود الهاشمي 7- عضو إبراهيم الكندري 8- عضو المحامي خالد الخطيب 9- عضو عبدالعزيز الصليلي، كذلك انتخبت كلا من غدير العمران وعبدالخالق ملا جمعة كعضوي احتياط، وهناك مساعدون لنا من اعضاء الجمعية العمومية.
< وما أهم المعوقات التي تواجهك حاليا في طريق الإشهار وكيف تتوقع رد فعل الحكومة؟
ـ بخلاف الاجراءات البيروقراطية المعتادة في الأجهزة الحكومية لا أعتقد أن هناك مشكلة حقيقية تواجهنا، خاصة اذا علمت أن انشاء هذه الجمعية يأتي متناغما تماما مع توجهات الحكومة وخططها التنموية وأهمية تحويل الكويت إلى مجتمع معلومات، بل هناك تعاون من جهاز تكنولوجيا المعلومات والهيئات المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك بلجان مجلس الأمة التي شاركنا ببعض التعديلات على بعض القوانين أيضا.
< كيف ستمارس الجمعية عملها من دون وجود قانون وتشريعات تبيح حرية المعلومات؟
ـ أتفق معك في أننا بحاجة في الكويت لقانون خاص بحرية المعلومات وحماية المبلِّغ لإشاعة ثقافة الشفافية، ولكن لا تنسى أن التشريعات التي أقرت أخيرا مثل المراسلات الالكترونية وحماية البيئة تنص في بعض موادها على أهمية اطلاع الجمهور على المعلومات.
ونحن نجتهد بالمطالبة بقانون حرية تداول المعلومات وبتعديل النصوص المكبلة لحرية المعلومات والتي تتضمنها الكثير من القوانين القديمة.
< هل هناك دول اتاحت حرية تداول المعلومات؟
ـ أول دولة بقانون الحريات هي السويد 1776 ومنها حرية المعلومات، وهناك أكثر من 95 دولة في العالم الآن لديها قوانين لحرية المعلومات عالميا ألبانيا واستراليا والنمسا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والمكسيك وباكستان، وعربيا الأردن واليمن، بالإضافة إلى مصر تونس والمغرب ستقر هذا الحق ونتمنى إقراره بالكويت قريبا.
< ماذا سيستفيد المواطن من حرية المعلومات؟ وما هو سقف حرية التداول؟
ـ الأصل هو أن حرية المعلومات حق إنساني لكل مواطن ويجب توفيرها بكل الطرق ورقيا وإلكترونيا ليستفيد كل باختصاصه كدراسات أو إحصاءات أو لتحسين معيشته ومراقبة الأداء النيابي والحكومي، وهناك نتائج عامة من تقليل الإشاعات والتجاوزات وتعزيز المحاسبة ووسائل الإعلام أول مستفيد، لأنها محور عملكم، وهناك معلومات عامة ويجب أن تكون متاحة للجميع، وهناك معلومات خاصة ومستثناة لخطورتها الأمنية والاقتصادية على البلد أو خلال الحرب أو تكون خصوصية وشخصية للأفراد.
< ماذا تطلبون من المؤسسات والجمهور؟
ـ أرجو من جميع المؤسسات الرسمية التعاون وتسهيل مهمتنا وإشراكنا بكل نقاش وتطوير فيما يخص حرية المعلومات، لأننا نتكامل معهم لخدمة المواطن وتسهيل الدورة المستندية، ومن الجمهور دعمنا بكل الوسائل والمشاركة بالفعاليات المستقبلية حتى نعمل بشكل أفضل لخدمة والوطن والمواطن.
< هل برأيك قانون جمعيات النفع العام بحاجة إلى تعديل؟
ـ أولا تفعيل مؤسسات المجتمع المدني مهم جدا، وتغيير ثقافة ملكية مجموعة معينة للجمعية ومميزاتها للأبد، كذلك وأصبح لا بد من تعديل قانون جمعيات النفع العام 24/ 1962 الذي مضى على صياغته 52 سنة، وأصبح به كثير من الثغرات والمثالب عطلت فوائده، سأحاول عرضها، وبعض المقترحات لها، أتمنى على المعنيين في مجلس الأمة ووزارة الشؤون الاستفادة منها، مؤسسات المجتمع المدني، نقابات واتحادات وجمعيات النفع العام تعبر عن أفكار وتوجهات وأنشطة المجتمع، وهي ركن أساسي في الدولة، منها توسيع المشاركة في العمل والاستشارات، وتثقيف وحماية المجتمع من الفساد والآفات، وتعزيز الولاء الوطني وثقافة احترام الجميع والعمل الجماعي بالقيم الأخلاقية والدينية عن طريق الأنشطة والمبادرات والمنتديات التي تخدم العدالة والإصلاح والتنمية في المجتمع بجميع المجالات وحسب قانون 24/ 1962 وأقسامه، جمعيات ومبرات لمساعدة المحتاجين وبناء المدارس والمستشفيات وأعمال الخير (جمعيات الإصلاح والنجاة وإعانة المرضى)، وجمعيات ونقابات مهنية للدفاع عن حقوق منتسبيها (المعلمين والمهندسين والصحافيين والمحامين)، وجمعيات اجتماعية ثقافية تنموية (العلاقات العامة وحقوق الإنسان والثقافية النسائية ورابطة الاجتماعيين ورواسي)، ولأن في قانون 24/ 1962 ثغرات، برأيي، أدت إلى كثير من المخالفات، مثل الاستغلال السياسي للعمل التطوعي، وكثير من الجمعيات أصبحت ملكية خاصة وغير شفافة، وتتعنت بقبول الأعضاء وجمع اموال وفتح أفرع غير مرخصة، وشطب أعضاء وعقود غير صحيحة وربما تحايل في الانتخابات واستغلال نفوذ ومشاركة في الشأن السياسي، واستغلال الجمعية لغير أغراضها، ووزارة الشؤون لا تريد الاصطدام بمتنفذي الجمعيات، ولا تطبق القانون على المخالفين.
< وهل هناك مقترح موجود؟
ـ هناك مقترح موجود وقدمناه للوزيرة، وهذا المقترح به العديد من المواد ومنها على سبيل المثال مادة 6… تحديد نوع وطريقة التدخل في السياسة والغرض غير المشروع، خصوصا بشبكات التواصل، ومادة 10.. بمدة عضوية رئيس ومجلس الإدارة.. وتعديلها إلى تحديدها بدورتين أو أربع سنوات، ومادة 15.. تعديلها إلى: يجب عقد اجتماع جمعية عمومية غير عادي إذا طلب من ربع اعضاء الجمعية العمومية، وإضافة.. إلزام المؤسسات بتطبيق الحوكمة ونشر دليلها للإدارة السليمة وفصل الاختصاصات، وإضافة.. يراقب ديوان المحاسبة ميزانية الجمعية منعا لأي تلاعب بالأموال العامة، وإضافة.. يتكون مجلس الإدارة واللجان من الجنسين وكل الطوائف لتعزيز الوحدة الوطنية وتمكين المرأة بكل المجالات، وإضافة.. تشكيل لجنة الأسرة والطفولة بكل الجمعيات الاجتماعية لتقديم كل عون ومساعدة وحماية للأسرة والنشء وإضافة إلزام الجمعيات بالشفافية بكل أعمالها وعرضها بالمواقع الالكترونية، وتوافر الانتساب للجميع أو الاطلاع على أسباب الرفض، وأعتقد أن تفعيل مؤسسات المجتمع المدني مهم جدا، وتغيير ثقافة ملكية مجموعة معينة للجمعية ومميزاتها للأبد، ولمشاركة باقي شرائح المجتمع وقطاعات الدولة في مكافحة الفساد بجميع أشكاله وحماية المجتمع وبناء دولة العدالة والرفاهية إن شاء الله.