أكد نائب وزير الخارجية السفير الشيخ جراح جابر الأحمد الصباح أهمية احترام مبدأ سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتسوية السلمية للنزاعات والامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد دولة عضو أخرى وحق الشعوب في تقرير المصير وتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان.
جاء ذلك في كلمة دولة الكويت التي ألقاها نائب وزير الخارجية خلال مشاركته في جلسة مجلس الأمن مفتوحة النقاش والمعنونة (صون السلم والأمن الدوليين:التمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة من خلال فعالية تعددية الأطراف: صون السلم والأمن في أوكرانيا) على هامش أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
كما شدد على أهمية مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ودور هذه المبادئ في الدفاع عن الدول صغيرة الحجم إضافة إلى كونها الأساس الذي تنطلق منه الدول تجاه تنظيم علاقاتها. وفيما يلي النص الكامل لكلمة دولة الكويت التي ألقاها نائب وزير الخارجية: “شكرا السيد الرئيس بداية أتقدم لبلدكم الصديق بالتهنئة على رئاسته لمجلس الأمن لهذا الشهر متمنياً لكم ولفريقكم كل التوفيق والنجاح في إدارة ما تبقى من أعمال للمجلس. كما أود أن أتقدم لكم بالشكر على عقدكم لهذه الجلسة الهامة التي تأتي في وقت دقيق جداً والتي أتاحت لنا الفرصة للاستماع إلى فخامة الرئيس فولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا وإحاطته حول آخر المستجدات ذات الصلة بالأزمة الأوكرانية.
السيد الرئيس يشهد عالمنا اليوم تشابك وترابط التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية والبيئية وبشكل غير مسبوق مما وضع نظامنا الدولي متعدد الأطراف تحت اختبار حقيقي وهو الاختبار الأكثر إلحاحاً والأصعب منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة في عام 1945.
وفي ظل المخاطر والتهديدات المختلفة والعابرة للحدود التي تعصف بعالمنا اليوم فإن المجتمع الدولي بأسره ليس أمامه خيار إلا التعاون والتعاضد حتى يتمكن من مواجهة تلك التحديات الإقليمية والدولية. إن الحل لتجاوز كثير من هذه التحديات والتهديدات يكمن في التمسك والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والمقاصد والمبادئ الواردة فيه فالميثاق هو البوصلة لتحقيق السلم والأمن الدوليين ونصوصه تشكل نبراساً ينير لنا الطريق نحو الحق والعدالة والكرامة ومضامينه ترسم إطاراً واضحاً لحفظ العلاقات بين الدول وبمجمله يعد دستوراً للعمل الدولي متعدد الأطراف. ولعل أبرز المقاصد والمبادئ التي يستوجب الوقوف عندها هي التالي: احترام مبدأ سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتسوية السلمية للنزاعات والامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد دولة عضو أخرى والعمل على بناء علاقات ودية بين الدول والتأكيد على المساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير المصير وتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان.
السيد الرئيس تجدد دولة الكويت موقفها الرافض لاستخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات بين الدول وتتابع بقلق بالغ ارتفاع حدة التوتر في أوكرانيا لتؤكد على أهمية الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة الدول وسلامة أقاليمها ومبادئ حسن الجوار. هذا وتدعو دولة الكويت إلى احترام استقلال وسيادة أوكرانيا وتجدد موقفها الداعم لكافة جهود الوساطة الرامية إلى التهدئة وخفض التصعيد وضبط النفس وتغليب لغة الحوار وتسوية النزاع من خلال المفاوضات. كما ندعو الأطراف إلى الالتزام بأحكام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بحماية المدنيين وتسهيل الوصول السريع والآمن للمساعدات الإنسانية لكافة المحتاجين.
نشيد بجهود كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حيال مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب وكذلك جهود منسق المبادرة السيد/ عبدالله دشتي ونعرب في هذا السياق عن الأسف لعدم تجديد المبادرة ونؤكد على ضرورة السعي لتجديدها لما لها من أهمية بالغة في ضمان استقرار الأسعار وتوفير الأمن الغذائي العالمي. ولعل الأزمة الأوكرانية خير مثال على الحاجة لإصلاح مجلس الأمن لتمكينه من الاضطلاع بمسؤولياته المنصوص عليها في الميثاق على أكمل وجه. وفي هذا السياق نجدد التأكيد على أهمية المضي قدما في مسألة الإصلاح ليكون المجلس قادراً على مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه عالمنا اليوم في إطار أكثر تمثيلاً وشفافية وحيادية ومصداقية.
ختاما السيد الرئيس تؤكد دولة الكويت على أن الأمم المتحدة تشكل حجر الزاوية للعمل الدولي متعدد الأطراف وأن ميثاق الأمم المتحدة وما يحمله من مقاصد ومبادئ نبيلة يبقى أساساً صلباً لتنظيم العلاقات بين الدول. ولا بد لي التأكيد على أن مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة تمثل خط الدفاع الأول للدول صغيرة الحجم ونحن في دولة الكويت ندرك ذلك جيداً فتحرير دولة الكويت في عام 1991 يعد مثالاً يبين ما يمكن أن يتم تحقيقه عندما تتضافر جهود المجتمع الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة ومن خلال قرارات صادرة عن مجلس الأمن تهدف إلى نصرة الحق والعدالة وسيادة القانون.
إن عملية تحرير دولة الكويت نموذج تاريخي ناجح لإمكانات مجلس الأمن وترجمة حية لما كانت تنشده الدول عند صياغة الميثاق فصوبت عدواناً واعتداء واحتلالاً نسف وخرق المقاصد والمبادئ النبيلة في الميثاق وسيبقى موقف مجلس الأمن مع الحق الكويتي خالداً وراسخاً في وجدان الكويتيين عبر الأزمان.