دعا صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد المواطنين إلى مزيد من تعزيز جبهتنا الداخلية، بالتكاتف والتلاحم، والوقوف في وجه كل من يحاول المس بوحدتنا الوطنية.
وأكد سموه ان الشعب الكويتي سطر أبهى صور الولاء والوفاء والروح الوطنية العالية والحرص على تعزيز الوحدة الوطنية عقب حادث التفجير الإرهابي.
وشدد سموه على أن الكويت لجميع أبنائها وليست لفئة دون اخرى، فالكل يعيش على ارضها وينتمي لهويتها، داعيا سموه المجتمع الدولي بأسره إلى تكريس كافة طاقاته للتصدي للإرهاب والقضاء عليه وتجفيف منابعه.
وكان سمو الأمير قد ألقى كلمة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
«وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون»
صدق الله العظيم
الحمد الله المتفرد بالكمال والدوام وصلاة والسلام على عبده ورسوله خير الانام سيدنا محمد وعلى آله وصحابه الكرام.
اخواني وابنائي،،،
اتحدث اليكم حديث الأخ والأب لإخوانه وأبنائه في لقاء متجدد على الخير والمحبة دائما إن شاء الله، جريا على عادتنا الحميدة التي دأبنا عليها في العشر الأواخر من شهر رمضان، لأبادلكم أطيب التهاني، وأجمل التبريكات بشهر رمضــــان الكريـــــم، وأبارك لكم بدخول العشر الاواخر منه، شاكرين لله تعالى ان بلغنا هذا الشهر الفضيل، وأنعم علينا بصيامه وقيامه، مبتهلين اليه جل وعلا أن يعيده على وطننا العزيز وشعبنا الكريم بوافر الخير واليمن والبركات، وعلى أمتينا العربية والاسلامية بالرفعة والعزة والسؤدد.
اخواني وابنائي،،،
لقد أنعم المولى عز وجل علينا بنعمه الوافرة وخيراته الجزيلة التي لا تعد ولا تحصى تحقيقا لقوله تعالى « وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها «، فقد من علينا بنعمة الايمان والاسلام اللتين هما اعظم نعمة، وافاء علينا كل فضل وعطاء واحسان، وهيأ لنا وطنا آمنا مستقرا ومطمئنا، وأحاطنا بمشاعر الاخاء والمودة في ظل وحدة وطنية تجمعنا وتمثل معدن وجوهر وجودنا، وتلك والله نعم تستحق منا مداومة الشكر والثناء، وتستوجب علينا تذكرها واستحضارها كل حين وزمان.
واخواني وابنائي،،،
لقد سطرتم أبهى صور الولاء والوفــــاء لوطنكم بما تحليتم به من روح وطنيـــة عالية، وما ابرزتموه من حرص على تعزيز الوحدة الوطنية، وما ابديتموه من مظاهر التعاطف والتراحم إزاء حادث التفجير الارهابي الاثم على مسجد الامام الصادق، والذي أسفر عن استشهاد العشرات، واصابة المئات، واثبتم بجلاء صلابة المجتمع الكويتي ووحدته في مواجهة العنف والفكـــر التكفيــــري المتطــــرف، وتكاتفه في السراء والضراء، ولقد أفشلتم عبر هذه الموافق الوطنية السامية ما كان يرمي اليه مدبرو ومنفذو هذه الجريمة النكراء، من محاولات يائسة وسلوك شيطاني مشين لاشعــال الفتنة، واثارة النعرات، وشق وحدة المجتمع الكويتي، فردوا على اعقابهم خاسئين مدحورين، لتنتصر الكويت، وتبقى وحدة وتماسك ابنائها عصية على كل من يحاول النيل منها، سائلين المولى تعالى ان يتغمد شهداء هذا الحادث المؤلم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وان يمن على المصابين بسرعة الشفاء والعافية.
واننا ونحن امام مصابنا الجلل، لا يسعنا الا ان نجدد شكرنا وعميق تقديرنا لاخواننا اصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة ورؤساء حكوماتها، والى رؤساء المنظمات والمكاتب الاقليمية والدولية، والى كل من تفضل بالتعبير عن مواساته على ما أعربوا عنه جميعا من صادق التعازي، وما اكدوا عليه من شديد الاستنكار والادانة لهذا العلم الارهابي الجبان، وما اظهروه من مشاعر التعاطف والتفاعل والوقوف إلى جانب الكويت والتضامن معنا.
اخواني وابنائي،،،
تحية إجلال واشادة وتقدير أزجيها لرجال الامن في وزارة الداخلية، على ما بذلوه من عمل دؤوب وجهود مخلصة اتسمت بالشجاعة والكفاءة والتفاني، واسهمت في سرعة التوصل إلى مرتكبي هذه الجريمة الشنيعة، والحفاظ على امن الوطن واستقراره، كما نثمن عاليا ما قام به المسؤولون في وزارة الصحة وهيئاتها الطبية والتمريضية من جهود كبيرة، وما قدموه من خدمات طبية لمعالجة المصابين والجرحى، ومقدرين ايضا كافة الجهود التي بذلها رجال الادارة العامة للاطفاء ورجال القوات المسلحة والجهات الحكومية الاخرى اثر هذا الحادث المؤلم.
اننا نتابع ونشاهد تنامي ظاهرة الارهاب واتساع رقعته بمختلف اشكاله وصورة في السنوات الاخيرة، واشتداد ضراوته وعنفه، فقد اصبح يهدد امن الدول استقرارها مما يحتم على المجتمع الدولي بأسره تكريس كافة طاقاته للتصدي له، والقضاء عليه، وتجفيف منابعه، لتنعم الدول والشعوب بالامن والسلام، كما ان عليه ايضا تعزيز جهوده للحد من انتشار ظاهرة الاحتقان الطائفي البغيض، ومنع اتساع رقعته لما يشكله من تهديد لكيان الامم وتفتيت لوحدتها.
اخواني وابنائي،،،
لا شك انكم تدركون طبيعـــة الظروف والاوضـــــاع الحرجة التي تمر بها المنطقـــــة، وتتابعون مجرياتها ومخاطرها، مما يستوجب معها اخذ الحيطة والحذر، واستنباط الدروس والعبر لتلافي تداعياتها ومخاطرها التي لسنا بمنآى عنها لحماية وطننا والحفاظ على امنه واستقراره وتجنيبه المخاطر، ولن يكون ذلك الا بمزيد من تعزيز جبهتنا الداخلية، وبالتكاتف والتلاحم، والوقوف في وجه كل من يحاول المس بوحدتنا الوطنية التى هي السياج الحامي والحافظ بعد الله تعالى لوطننا العزيز، وعلينا تعزيز الترابط بين كافة افراد المجتمع، والحفاظ على الروح الكويتية المعهودة…. فالكويت كانت وستظل بإذن الله تعالى مثالا للتراحم والتكافل والنهج السمح الذي سار عليه اباؤنا منذ القدم وورثوه لنا رغم ما مروا به من شظف العيش وقسوة الطبيعة.
اننا نؤمن بأن الكويت لجميع أبنائها وليست لفئة دون اخرى فالكل يعيش على ارضها وينتمى لهويتها.
ان علينا ان نتذكر ما ينعم به وطننا العزيز من نهج ديموقراطي متجذر وثابت توارثه أهل الكويت يملك فيه الجميع حرية التعبير وان نفخر بدستورنا الذي ارتضيناه والذي هو محل اعتزازنا.
ان المواطنة الحقيقية تقاس بما يقدم للوطن من عطاء وإخلاص وولاء وتضحية وفداء فليس الانتماء للوطن شعارا يتغنى به بل هو عمل وتفاني للحفاظ على امنه واستقراره ورفع شأنه.
اخواني وابنائي،،،
لقد اكرم المولى تعالى أمة الإسلام بشهر رمضان المبارك واستأثرها فيه من بين الأمم، وجعله موسما للخيرات والطاعات، وضاعف فيه الأجر والحسنات، وخصه بالتشريف بأن أنزل فيه كتابه العزيز هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وجعله فرصة لتجديد التوبة والإنابة إليه، والإكثار من فضائل الأعمال ومحاسن الأفعال، وانه لشهر الجد والاجتهاد والجود والتراحم والمواساة، فهو شهر تسمو فيه النفوس وتزدان نقاوة وصفاء، يتسابق فيه المؤمنون باغتنام أيامه ولياليه للاستزادة من الأعمال الصالحة، والإقبال على كتاب الله تعالى قراءة وتدبرا وعملا، فطوبى لمن وفق لصيامه وقيامه فغفر له ما تقدم من ذنبه.
اخواني وابنائي،،،
يمر علينا شهر رمضان المبارك منذ سنوات عديدة وعالمنا الإسلامي يواجه ظروفا عصيبة ومصائب جمة وتحديات سياسية وأمنية خطيرة، امتزجت معها الفتن وتعددت فيها الخطوب والمحن، وكثر فيها دعاة الباطل والتكفير والبدع، احتار العقل فيها وعجز معها التأمل، وليس لنا أمام ذلك سوى التضرع إلى الباري تعالى واللجوء إليه بأن يجمع كلمة المسلمين ويوحد صفوفهم ومقاصدهم، ويلهمهم الرشد والصواب، ويشيع بينهم التآزر والتكاتف لدرء هذه المخاطر، ومواجهة هذه المصائب والتحديات.
إننا ونحن في هذا الشهر الفضيل شهر الجود والاحسان، علينا ان نتذكر ما تعانيه العديد من دولنا العربية الشقيقة من ويلات الصراعات والحروب، وفقدان الامن والامان، وما نتج عن ذلك من مآسي انسانية تدمي القلوب ادت إلى تجويع شعوبها وتشريد مواطنيها داخل وخارج اوطانهم، وعهدنا بكم اهلنا في الكويت ممن جبلوا على حب الخير والبر والاحسان منذ القدم انكم سباقون في مد يد العون حيث سجلتهم دورا متميزا في هذا المجال.
اخواني وابنائي،،،
ان شبابنا هم الثروة الحقيقية لوطننا العزيز ويحظون دوما لدينا بما يستحقونه من عناية واهتمام، فهم عماد الوطن وعدته وامله ومستقبله، وعلينا تحصينهم من الافكار الضالة والسلوك المنحرف، والعمل على تمسكهم بديننا الاسلامي الحنيف الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وتعزيز قيم الانتماء لوطنهم، كما ان علينا استثمار طاقاتهم وصقل مواهبهم وتحفيزهم على الجد والعطاء. ولقد سرنا ما حققته حملة المشروع الوطني للشباب «الكويت تسمع» من نجاح من خلال تبني الافكار والمقترحات البناءة والهادفة لاستغلال ما لديهم من ابداع وابتكار وتحفيزهم على الانخراط في العمل المهني الحر الذي يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والمنفعة.
اخواني وابنائي،،،ونحن نعيش في نفحات هذه الليالي العشر الاواخر التى عظم الله تعالى شأنها بليلة القدر التى هي خير من الف شهر، فاننا نتضرع إلى الباري عز وجل ان يغفر لنا ويرحمنا ويتقبل صالح اعمالنا، وان يحفظ وطننا العزيز الكويت من كل سوء ومكروه، ويديم عليه نعمة الامن والسلام والازدهار والرخاء، وان يحقق لامتنا العربية والاسلامية العز والنصر ويوحد صفوف المسلمين ويحقن دماءهم.
مستذكرين في هذه الليالي العطرة اميرنا الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح واميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراهما، مبتهلين إلى المولى جلت قدرته ان يسبغ عليهمـــا واسع رحمته ومغفرته، ويسكنهمـــا فسيح جناته، وان يرحم شهداءنا الابرار، ويعلي منازلهم في جنات النعيم وان يغفر لجميع موتانا وموتى المسلمين ويتغمدهم بعفوه ورضوانه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.