- بقلم السفير تشانغ جيان
أُجريت انتخابات القيادة في منطقة تايوان الصينية أخيراً، وقد أعلنت العديد من الدول والمنظمات الدولية بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات تمسكها بمبدأ صين واحدة، ودعم الصين بقوة في حماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها، ومعارضة أيّ شكل من أشكال ما يُسمى «استقلال تايوان»، ودعم الصين في تحقيق إعادة التوحيد الكامل.
هذا يُظهر مرة أخرى أن مبدأ الصين الواحدة هو تطلعات الشعب، والاتجاه العام والعملية التي لا يُمكن إيقافها. وأود أن أطلع أصدقائي الكويتيين على ما يتعلق بمسألة تايوان.
أولا، ظلت تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضي الصين منذ العصور القديمة. في وقت مبكر من عام 230 بعد الميلاد، تم ترك أقدم السجلات لتايوان في الوثائق الصينية ذات الصلة. مارست الحكومات المركزية في الصين خلال الأسر الحاكمة الماضية الولاية القضائية الإدارية على تايوان. في عام 1624، غزا المستعمرون الهولنديون جنوب تايوان. وفي عام 1662، قام تشنغ تشنغ قونغ، وهو بطل قومي مشهور في تاريخ الصين، بطرد المستعمرين الهولنديين واستعاد تايوان. وفي عام 1895، شنت اليابان حرباً عدوانية على تايوان وقاومها الشعب الصيني. وفي عام 1943، أصدرت الصين والولايات المتحدة وبريطانيا «إعلان القاهرة» والذي نص بوضوح على ضرورة إعادة جميع الأراضي التي سرقتها اليابان من الصين، بما فيها تايوان، إلى الصين. واشترطت المادة الثامنة من «إعلان بوتسدام» الذي أصدرته الصين والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفياتي بشكل مشترك عام 1945، «تنفيذ بنود إعلان القاهرة»، وبعد ذلك قبلت اليابان بـ «إعلان بوتسدام» وأعلنت الاستسلام غير المشروط. وقد شكّلت سلسلة الوثائق ذات الأثر القانوني الدولي جزءاً لا يتجزأ من النظام الدولي بعد الحرب، وأرست الأساس التاريخي والقانوني لكون تايوان أرضاً صينية غير قابلة للتصرف.
ثانياً، يتكوّن مبدأ الصين الواحدة من التوافقات العامة في المجتمع الدولي ومن المعارف الأساسية للعلاقات الدولية المعاصرة. بتاريخ 1 أكتوبر 1949، تأسست الحكومة الشعبية المركزية لجمهورية الصين الشعبية، لتحل محل حكومة جمهورية الصين لتصبح الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها. وبسبب استمرار الحرب الأهلية الصينية وتدخل القوى الخارجية، سقط جانبا مضيق تايوان في حالة خاصة من المواجهة السياسية طويلة الأجل. في أكتوبر 1971، أصدرت الجمعية العامة السادسة والعشرون للأمم المتحدة القرار رقم 2758، الذي لم يحل فقط بشكل نهائي مسألة تمثيل الصين بأكملها، بما في ذلك تايوان، في الأمم المتحدة، سياسياً وقانونياً وإجرائياً، بل أيضاً أوضح أنه لا يُمكن أن يكون هناك سوى مقعد واحد يمثل الصين في الأمم المتحدة، ولا توجد قضايا في شأن ما يُسمى بـ«صينَيْن» أو «صين واحدة وتايوان واحدة». وعلى أرض الواقع، فإن العنوان الذي تستخدمه الأمم المتحدة لتايوان هو «تايوان، مقاطعة صينية».
حتى الآن، لقد أقامت الصين علاقات ديبلوماسية مع 182 دولة على أساس مبدأ صين واحدة. وفي 15 يناير الجاري، أعلنت حكومة جمهورية ناورو الاعتراف بمبدأ صين واحدة، وقطع ما يسمى بـ«العلاقات الديبلوماسية» مع تايوان، وإعادة تأسيس العلاقات الديبلوماسية مع الصين. وهذا يوضح أنه مهما كانت التغيرات التي تحدث في تايوان، فإن الحقيقة الأساسية التي مفادها أن هناك صيناً واحدة فقط في العالم وأن تايوان جزء من الصين، لن تتغير، وأن التوافق السائد بين المجتمع الدولي في شأن التمسك بمبدأ صين واحدة والالتزام طويل الأمد والراسخ بهذا المبدأ لا يمكن زعزعته.
ثالثا، إن عزيمة الحكومة الصينية والشعب الصيني على تحقيق وحدة الوطن ثابتة كصخر. تمثل القوى الانفصالية لـ«استقلال تايوان» والقوى الخارجية المتواطئة معها السبب الجذري الذي يؤدي إلى توتر العلاقات عبر مضيق تايوان ويخرّب بشكل خطير السلام والاستقرار في المضيق في السنوات الأخيرة. كما تلعب بعض القوى الخارجية بـ «ورقة تايوان» بكل السُبل المتاحة، وتتدخل بشكل صارخ في الشؤون الداخلية الصينية، وتستخدم تايوان لكبح تنمية الصين وتقدمها وعرقلة النهضة العظيمة للشعب الصيني. لا أحد يقدر السلام والاستقرار في مضيق تايوان أكثر من الجانب الصيني، وإن «إعادة التوحيد بشكل سلمي ودولة واحدة ذات نظامين» هي سياستنا الأساسية لحل مسألة تايوان وأفضل وسيلة لتحقيق إعادة التوحيد الوطني، هو إصرارنا على السعي من أجل تحقيق إعادة التوحيد السلمي بأكبر قدر من الإخلاص وبذل قصارى جهدنا، لكننا نحتفظ بخيار اتخاذ جميع التدابير اللازمة ضد تدخل القوى الخارجية وعدد صغير من الانفصاليين لـ«استقلال تايوان» وأنشطتهم الانفصالية. باختصار، لا يمكن لهذه الانتخابات أن تغير النمط الأساسي واتجاه تطور العلاقات عبر المضيق، ولا يمكنها أن تغير الرغبة المشتركة للمواطنين على جانبي المضيق في التقارب أكثر فأكثر، ولا يمكنها أن توقف تيار العصر المتمثل في عادة توحيد الصين في نهاية المطاف، وسوف تتم إعادة توحيدها حتماً.
إن الأصدقاء الحقيقيين يدعمون بعضهم البعض في اللحظات الحرجة. ظلت الصين والكويت تحترمان وتدعمان بعضهما البعض دائماً في القضايا المتعلقة بالسيادة والاستقلال وسلامة الأراضي وغيرها من المصالح الأساسية والشواغل الكبرى. وقد التزمت الحكومة الكويتية منذ فترة طويلة بمبدأ صين واحدة، وتُقدّر الصين ذلك تقديراً عالياً، كما أكد حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مجدداً أن الكويت ستواصل التمسك بسياسة صين واحدة وتدعم بقوة موقف الصين في شأن القضايا ذات الاهتمام الجوهري خلال لقائه مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في هانغتشو في سبتمبر من العام الماضي. فبغض النظر عن تغير الوضع عبر مضيق تايوان والوضع الدولي، أعتقد أن الأصدقاء الكويتيين سيعملون مع المجتمع الدولي لدعم القضية العادلة للشعب الصيني المتمثلة في معارضة الأنشطة الانفصالية الساعية لما يُسمى «استقلال تايوان» وفي السعي نحو تحقيق إعادة التوحيد الوطني، حتى التحرّك بشكل مشترك نحو السلام والأمن والرخاء والتقدم.
* سفير الصين لدى الكويت