أعرب سياسيون وإعلاميون عن أسفهم لتراجع دور مؤسسات المجتمع المدني من المساهمة في تنمية المجتمع والمشاركة في حل مشكلاته إلى مجرد الشجب والادانة، مطالبين هذه المؤسسات بأداء واجبها في حماية المجتمع.
وقال الكاتب الصحافي طارق إدريس: إن الأجواء التي تعيشها جمعيات النفع العام في الكويت هي ما جعلتها تتأخر في اتخاذ موقف معين من التطرف، مشيرا إلى أن بعض جمعيات النفع العام أصدرت بيانات صحافية عقب تفجير مسجد الصادق، ومنها جمعية الإصلاح وجمعية إحياء التراث وجمعية المعلمين وجمعية الخريجين… وغيرها من جمعيات النفع العام، لكن التساؤل الذي يجب أن يتم طرحه الآن: هل هذه البيانات كافية لوجود جمعيات النفع العام؟ مشيرا إلى جمعيات النفع العام يقع على عاتقها دور كبير في محاربة التطرف فهي احد الأجنحة بجانب التربية والأوقاف والداخلية ومؤسسات الدولة فيقع على عاتقها عبء يجب أن تتحمله.
وأوضح إدريس أن بعض جمعيات النفع العام يوجد نواب في مجلس الامة للدفاع عنها للأسف الشديد حتى وإن فقدت دورها المناط بها، لذلك يجب أن تعود جمعيات النفع العام إلى عملها، وأن تقوم بدورها المناط بها، مؤكدا أن وزارة الشؤون مطالبة بأن تعقد اجتماعا موسعا مع رؤساء الجمعيات، وأن تكون هناك رسالة موجهة للقطاع المختص بجمعيات النفع إلى تلك الجمعيات بأنها يجب أن تقوم بدورها المناط بها.
وتابع إدريس: في العادة تأتي التحركات من خلال بعض الأشخاص في إحدى جمعيات النفع العام، عبر دعوته تلك الجمعيات لتحرك جماعي في أي قضية، ولكن بعد تفجير مسجد الصادق لم نجد من جمعيات النفع العام إلا بيانات مقتضبة ولم يوجد أي تحرك على أرض الواقع لمحاربة التطرف، مشيرا إلى أن القانون الجديد لجمعيات النفع العام من الممكن أن يساهم في أن تعود جمعيات النفع العام إلى دورها المناط بها، فبعد أن قامت الحكومة بإقرار الصوت الواحد في الجمعيات التعاونية أصبح الدور الآن هو دور جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني.
وبين إدريس أن القوانين الكويتية، للأسف الشديد، دائما ما توضع في الثلاجة ولا تخرج إلا عند الحاجة الشديدة لها، متسائلا: لماذا لا تخرج القوانين من الثلاجات وتطبق على الجميع دون استثناء، مؤكدا على ضرورة أن تأتي التحركات من قبل من قبل الانتماء الوطني وليس حينما رأيت هذا تحرك أقوم بالتحرك، فليست وظيفة جمعيات النفع العام أو مؤسسات المجتمع المدني مجرد اصدار بيانات شجب وادانة بل يجب أن تتعداها.
وأوضح إدريس أن المواطن عليه دور كبير أيضا في مواجهة التطرف، فالمسألة لم تعد تقف على المؤسسات الرسمية أو المجتمع المدني دون النظر إلى أهمية الأفراد في التبليغ عن كل من يحاول اثارة البلبلة في المجتمع، أو من يحاول أن يشق الصف الوطني أو حتى المتعاطفين مع داعش والمنظمات المتطرفة.
وقال أستاذ علم الاجتماع د. جميل المري ان ظاهرة التطرف الفكري والارهاب تتطلب تضافر الجهود بين جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن الجهات التشريعية، حيث ان تعزيز قيم الوسطية ومحاربة الغلو والتطرف موضوع لا يخص جهة معينة أو شريحة مجتمعية محددة، وانما قضية تهم كل مواطن ومقيم في البلاد، مشيرا إلى أن بعض مؤسسات المجتمع المدني فقدت دورها المناط بها ولم تعد تقوم بالدور الفعال والواجب عليها، بل اكتفى بعضها ببيانات شجب وادانة كتلك التي تخرج من بعض الدول في بعض الأحداث العالمية.
وأوضح المري انه يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن يتعدى دورها الشجب والادانة إلى ما هو أكبر من ذلك، فعلى تلك المؤسسات مسؤولية كبيرة من خلال اقامة فعاليات مختلفة تحض على التربية الصحيحة للأبناء وابعادهم عن التطرف، بل ويجب ان تقوم تلك المؤسسات بعمل دورات تدريبة من شأنها استقطاب الشباب وحمايتهم من الأفكار الهدامة التي يروجها البعض على بعض وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
وأوضح المري أن دور مؤسسات المجتمع المدني يتكامل مع باقي مؤسسات الدولة، فليست تلك المؤسسات بعيدة عن الأحداث التي تقع في عالمنا العربي، بل لا بد أن تكون جزءا أصيلا من حل المشاكل الموجودة في مجتمعاتنا ومن الواجب إشراك تلك المؤسسات لوضع الخطط المستقبلية التي تساعد على نمو الفرد والجماعة، مع تفعيل مبادرات الحقوقيين في المجتمع المدني والأخذ بملاحظاتهم فيما يتعلق بقضايا العنف والتطرف، مع وضع أساس قوي لبرامج مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بدورها في بناء وتقوية التماسك الداخلي للفرد.
ودعا المري تلك المؤسسات إلى ضرورة تطوير أساليب تقديم الندوات وورش العمل لجذب الجمهور، خصوصا فيما يتعلق بالموضوعات الخاصة بالمواطنة والانتماء والقيم الأخلاقية والإنسانية السامية، مؤكدا أن مواجهة التطرف تحتاج إلى تكاتف الجهود والأعمال كمرض اجتماعي خطير يهدد الإنسانية في قلوبنا وقلوب صغارنا، وهو ما يحتم على الجميع العمل من أجل إيجاد سبل المواجهة الناجحة لهذا الوباء الاجتماعي الخطير.
ومن جانبها قالت الإعلامية نوال الدرويش: ان مؤسسات المجتمع المدني يفترض ان تلعب دورا كبيرا في موضوع التوعية السياسية عبر عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل لمحاربة التطرف بجوار اخواتها من المؤسسات الرئيسية كمؤسسات الدولة الرسمية كوزارة الداخلية والتربية والاوقاف وغيرها، فهي تقوم على طرح سلبيات المرحلة السابقة والحديث عن المرحلة المقبلة، ولكن على ارض الواقع فان هذه المؤسسات مقصرة بهذا الاتجاه.
وتابعت الدرويش: ان دور بعض مؤسسات المجتمع المدني أصبح اثبات لبعض المواقف كما حدث في تفجير مسجد الامام الصادق، كل ما قامت به بعض مؤسسات المجتمع المدني هو اصدار بيان، لكن في الحقيقة ما نريده هو تحرك على ارض الواقع، فأين الدور الذي قامت به تلك المؤسسات على الارض الواقع لحماية المجتمع من التطرف؟
وأكدت على أهمية شراكة مؤسسات المجتمع المدني مع مؤسسات الدولة في درء المخاطر عن الوطن والمساهمة في التنمية الفكرية الايجابية، داعية جمعيات النفع العام إلى التكافل والتكامل لوضع وثيقة وطنية لتعزيز التعايش السلمي برؤية واهداف واضحة، مطالبة في الوقت ذاته المواطنين بأن يكون لهم دورهم في الابلاغ عن أي فرد يتعاطف مع المجموعات المتطرفة المختلفة.