ودعت الكويت أمس عميد أسرة آل الصباح الكرام سمو الشيخ سالم العلي السالم الصباح رئيس الحرس الوطني الذي انتقل إلى جوار ربه الكريم عن عمر ناهز 98 عاما ، بعد رحلة عامرة بالإنجازات ومسيرة حافلة بالعمل الوطني المخلص والعطاء في خدمة بلاده
ورغم ما يعتصرنا من ألم الوداع ، ولكننا نعرف أن المغفور له رحمة الله عليه و الذي قد عُرف عن سموه الهدوء، ورجاحة العقل، والصبر، والعمل الدؤوب في كل الظروف. سيظل بروحه الطاهرة والخيرة بيننا دائما، بأعماله الكبيرة الحاضرة لأجيال وأجيال قادمة تترحم عليه طيب الله ثراه .
وهنا أتذكر ديوانه العامر بمنطقة قرطبه الذي كنا نزوره كل ثلاثاء وكان يجمع من كل أطياف المجتمع الكويتي فى جوة من الأخوة والمحبة .
وخلال مسيرته المميزة تقلّد المغفور له سمو الشيخ سالم العلي طيب الله ثراه عدداً من المناصب الرسمية والفخرية ،كما كانت له الكثير من الأعمال الخيرية والمشاريع المجتمعية التي أقامها على نفقته الخاصة داخل الكويت وخارجها .
وفي أوائل الخمسينيات مع ظهور النفط التحق بسلك الخدمة العامة وترأس الكثير من المشاريع التي تمحورت حول بناء الكويت ، وفي منتصف الخمسينيات تولى المغفور له سمو الشيخ سالم العلي منصب نائب الرئيس للشيخ فهد السالم الذي كان يشغل منصب رئيس دائرتي البلدية والأشغال.
وظل فقيد الكويت في ذلك المنصب حتى تولى العام 1959 رئاسة مجلس الإنشاء ، كما تولى سموه رئاسة دائرة الأشغال التي كانت معنية بتنفيذ الكثير من مشاريع البناء.
وفي مطلع الستينيات تولى الراحل منصب رئيس المجلس البلدي. وبعد استقلال الكويت في عام 1961 ساهم سموه في عضوية المجلس التأسيسي الذي أنيط به إعداد الدستور وتولى حينها منصب وزير الأشغال في أول حكومة يتم تشكيلها في البلاد بعد الاستقلال وذلك في عهد المغفور له أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه.
وفي الحكومة الثانية التي شكلت في العام 1963 استمر الفقيد في منصبه وزيرا للأشغال حيث كانت البلاد تشهد نهضة عمرانية كبيرة واستمر في ذلك المنصب حتى العام 1964 كما تولى في العام 1963 منصب أول رئيس فخري لجمعية المهندسين الكويتية.
وتتويجا لمسيرة العطاء الوطنية تقلد الراحل في العام 1967 منصب رئيس الحرس الوطني حيث عمل على تأسيسه ككيان وطني حيوي مسؤول عن تعزيز الأمن والأمان في البلاد وترسيخ الاستقرار في ربوعها وتطوير كوادره ومرافقه.
وإلى جانب مهامه في رئاسة الحرس الوطني تولى الراحل عددا من المناصب الأمنية والعسكرية فكان عضوا في مجلس الدفاع الأعلى منذ 1969 ثم عضوا في مجلس الأمن الوطني منذ عام 2005.
وتقديرا للجهود الكبيرة التي بذلها الفقيد في سبيل نهضة البلاد وتطورها وتعزيز مكانتها فقد أصدر سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه في الأول من ديسمبر عام 2004 أمرا أميريا بمنحه لقب سمو.
وإضافة إلى المهام الرسمية كانت للفقيد مساهمات مجتمعية عديدة وعدد من الأعمال الخيرية والمشروعات التي أقامها على نفقته الخاصة سواء داخل الكويت أو خارجها ومنها تبرعه في العام 2007 بـ 100 مليون دينار للكويتيين المحتاجين وذوي الشهداء وعشرة ملايين دينار لأسر شهداء المعارك والحروب.
وحرصا من سموه على دعم الثقافة والمعرفة فقد أطلق جائزة (مسابقة سمو الشيخ سالم العلي للمعلوماتية) العام 2000 التي تعد من الأنشطة المميزة على الصعيدين المحلي والإقليمي وتهدف إلى نشر الوعي الإلكتروني وتشجيع الطاقات والمواهب المتخصصة في مجال تقنية المعلومات.
وكان للفقيد الراحل اهتمام كبير بالحياة الطبيعية والبيئة وولع شديد بالصحراء ورحلات القنص إضافة إلى ممارسته للهوايات البحرية واهتمامه بالابل واقتناء أجودها.
رحم الله سمو الشيخ سالم العلي السالم الصباح ، وأنزل عليه سحائب رحماته وبرد عفوه. وجزى سمو الشيخ سالم العلي الإنسان خير الجزاء عن الأعمال والمشاريع الخيرية التى قام بها على نفقته الخاصة سواء داخل الكويت أو خارجها من مساجد ومكتبات ومستشفيات ومرافق الاجتماعية وثقافية وتربوية.
سائلين المولى عز وجل أن يتغمد المغفور له بإذن الله بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته ، وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان..
إنا لله وإنا إليه راجعون
أحمد إسماعيل بهبهاني