جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى روسيا في وقت بالغ الأهمية وفي ظل ظروف ومتغيرات تشهدها الساحة العربية والدولية وتصاعد خطر الجماعات الإرهابية في بعض الدول العربية مثل: سورية واليمن وليبيا والعراق. هذا ما أكد عليه عدد من السياسيين، مشيرين إلى أن زيارة السيسي إلى روسيا تكسر قاعدة اعتماد علاقات مصر مع الخارج على دولة واحدة، وهو ما انعكس في تعبير عدد من أعضاء الكونجرس الأميركي عن قلقهم من توجهات مصر الجديدة.
وأضاف السياسيون أن التقارب المصري الروسي في كل المجالات خاصة في استيراد مصر أسلحة وطائرات متطورة، يبعث بالعديد من الرسائل إلى الولايات المتحدة الأميركية، ويحذر من خسارة أميركا لمصر كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط.
وأكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، أن علاقة مصر وروسيا قائمة منذ وقت بعيد حتى وإن كانت أخفقت في فترة من الفترات إلا أنها لم تنقطع بينما تشهد طفرة حقيقية في ظل قيادة الرئيس السيسي في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية.
ولفت الشهابي، بحسب صحيفة «الوفد»، إلى أن زيارة الرئيس السيسي إلى روسيا قد تؤدي إلى نوع من التوتر مع بعض الدول التي تدعم المؤامرة على مصر، مؤكدا أن الزيارة في غاية الأهمية وتسعى لخلق نوع من التوازن في علاقات مصر الخارجية بالدول الكبرى.
وأوضح الربان عمر صميدة، رئيس حزب المؤتمر، أن زيارة الرئيس السيسي لروسيا التي تكررت عدة مرات تنمي محور العلاقات بين البلدين وتزيد رابط التواصل بينهما، مبينا أن الاجتماعات التي تمت منذ وصول الرئيس تؤكد أن الزيارة لها جوانب عدة وأهمها: الجانب الاقتصادي من خلال ما تم الاتفاق عليه من مشاريع كبيرة، متابعا بقوله «الزيارة بدأت بشغل اقتصادي عالي من أول لحظة».
وأشار صميدة، في تصريح خاص لـ«الوفد» إلى أن هذه الزيارة للرئيس تختلف عن زياراته السابقة لأنها تتضمن اتفاقات على مشروعات نووية ستخدم بشكل كبير مشروع «الضبعة» القومي، متوقعا توقيع اتفاقيات اقتصادية أخرى مرتبطة بقناة السويس الجديدة، لافتا إلى أن الاتفاق على شراء مقاتلات الـ «ميج» تؤكد جدية الزيارة وشمولها اتفاقات في عدة جوانب اقتصادية وعسكرية.
وعلى صعيد ما ستحققه الزيارة في حل الأزمة السورية، أكد رئيس حزب المؤتمر، أن الزيارة ستعمل بشكل كبير على تقارب وجهات النظر بين الدول المختلفة في الرأي بشأن القضية ومحاولة لاتفاقهم على حلول وسط ترضي جميع الأطراف وتكون بمثابة محور حل الأزمة، منوها أن زيارة ملك الأردن ووزير الدفاع الإماراتي تزامنا مع زيارة السيسي لها دلالة واضحة على رغبة الجميع في الوصول لحلول وسط تساعد على إنهاء الأزمة والاتفاق بين الدول على اتخاذ خطوات قد تساعد في حل الأزمة السورية.
وأوضح أن أميركا عضو تجاري مهم مع مصر ولها علاقات عدة واتفاقات في الجانب الاقتصادي، مكملا أن زيارة الرئيس السيسي لروسيا ليس لها علاقة بأميركا ولا تعد أبدا تقليلا لنفوذها، مبينا أن مصر لم تعد تعتمد في تعاملها مع الدول الخارجية على بناء علاقات مع دولة واحدة أو كتلة واحدة وإنما بدأت مصر في سياسة جديدة تقوم على محور بناء علاقات مع عدة دول، مضيفا بقوله، إن هذه السياسة هي سياسة الصواب.
واتفق معه شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، على أن زيارة الرئيس لها علاقة بالرد على السياسية الأميركية، مبينا أن تحسن العلاقات مع روسيا لا يعني بالضرورة إضعاف للعلاقات المصرية الأميركية، موضحا أن ذلك يعد تنويعا في العلاقات المصرية الخارجية. وتوقع وجيه، في تصريح خاص لـ«الوفد»، أن تكون روسيا جادة بشأن الملف السوري في الوصول إلى حل لإنهاء الازمة نهائيا، معتبرا أنها ستقوم باستخدام نفوذها للمساهمة في وضع نهاية للمأساة السورية، مشيرا إلى أن الأردن والإمارات والسعودية أطراف مهمة في القضية وفي حالة وصولهم لتوافق بهذه الزيارة فإنه من الممكن أن يتم تصدير هذا التوافق إلى تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومن جهته أشاد تيار الاستقلال بالسياسة الخارجية لمصر التي يقودها الرئيس السيسي بكل كفاءة واقتدار على مختلف الأصعدة السياسية الإقليمية والدولية والعربية والأفريقية والإسلامية، مؤكدا أن هذه الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي لروسيا أكبر دليل على نجاح الرئيس خارجيا، مضيفا بقوله إن أنظار العالم توجهت صوب روسيا لمتابعة لقاء القمة التاريخية بين الزعيمين الكبيرين الرئيس المصري السيسي والرئيس الروسي بوتين.
ووصف اللواء جمال أبو ذكري، مساعد وزير الداخلية السابق، اتجاه الجيش المصري إلى تنويع مصادر الأسلحة بالمخطط الرائع والخطوة الجيدة لبناء دولة مستقلة، لافتا أن الفضل يرجع إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي تعامل بشكل مختلف عن سابقيه من رؤساء مصر في هذا الموضوع.
وأشار «أبو ذكري»، إلى أن اتجاه مصر إلى استيراد أسلحة من روسيا يبعث رسالة إلى أميركا أنها ليست المصدر الوحيد الذي تعتمد عليه مصر، مضيفا أن أميركا قد اتخذت بعض القرارات السلبية تجاه مصر كتعليق المعونة العسكرية بعد ثورة الـ30 من يونيو، مما أثر بشكل كبير على العلاقة بين الدولتين.