قال رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب ان الحكومة نضع آمالا واسعة على البرلمان المقبل «لأن العالم كله يتابعنا وينظر الينا والشعب المصري يستحق برلمانا قويا نزيها يكمل مسيرة هذا الشعب في البناء والتنمية والحرية».
وأوضح محلب، في حوار مع الكاتب والشاعر المصري الكبير فاروق جويدة، إن قوانين الاعلام سوف تعرض في صورتها النهائية خلال ايام قليلة على مجلس الوزراء لإقرارها «بحيث يعاد تشكيل الواقع الإعلامي والصحافي ولكي يؤدي الإعلام المصري دوره في البناء والتنمية والحريات المسؤولة».
وكشف ان هناك نماذج ناجحة من المسؤولين وهي الأقل في العدد وهناك نماذج اخرى لم تنجح، مضيفا «مازلت احلم بمسؤولين اقرب للناس وللشارع واتمنى حلولا غير تقليدية للكثير من المشاكل والأزمات». وفيما يلي تفاصيل الحوار على لسان الاديب فاروق جويدة:
] سألت ابراهيم محلب: كيف تقيم تجربتك في الإدارة بعد هذه الفترة مع مسؤولية القرار وهل انت راض عنها.. البعض يرى انك تهتم كثيرا بالتفاصيل وبقدر ما فيها من الإنجاز بقدر ما فيها ايضا من المخاطر؟
قال: اعترف بأنني اهتم كثيرا بالتفاصيل لأنني أؤمن بأن الإصلاح يبدأ من اسفل وليس من أعلى، وان الأداء الوزاري التقليدي الذي اعتدنا عليه لا يصلح الآن امام هذا الكم من المشاكل والأزمات..
القضية لم تعد رأس العمل لأننا شركاء في النجاح ولا يمكن ان يتحقق هذا النجاح بقيادة شخص واحد، سواء كان وزيرا أو مسؤولا مهما كانت قدراته وإمكانياته نحن في حاجة إلى روح الفريق.. على الجميع ان يعمل من اصغر مسؤول إلى اعلى منصب في الوزارة بنفس الدرجة من الحماس والقدرة.. انا رجل اهتم بكل التفاصيل واتابعها واعالج اخطاءها وبعد ذلك يكون الحساب.. هناك مشروعات تبدو صغيرة ولكنها تعكس هذا الفكر وهذا الأسلوب في العمل، كان من الممكن مثلا ان يكون ترحيل الباعة الجائلين من قلب العاصمة ازمة كبيرة امام الحكومة وآلاف العاملين في الشوارع ولكنها انتهت بصورة ارضت الجميع لأنها قامت على التفاهم والحوار ومراعاة الظروف.. ما حدث في قلب العاصمة التي عادت اجمل مما كانت في العصور الماضية.. وقامت جميع الأطراف بدورها في تحقيق هذه النتيجة الحكومة والشرطة والمواطن.. هنا تأتي اهمية وقيمة التعامل مع الواقع وليس فقط تبادل الآراء والمذكرات والقرارات، ويقف كل شيء على تلال من الورق أو الاجتهادات التي لا تتحقق..
] قلت: تعاني مصر ازمة في الكوادر البشرية هذه حقيقة مؤكدة… لقد تم تجريف البلد في سنوات سابقة واصبح الوصول إلى الكفاءات الحقيقية المؤهلة امرا صعبا إذا لم يكن مستحيلا.
قال ابراهيم محلب: لدينا ثلاث قضايا خطيرة جدا هي الثقافة والصحة والتعليم وهذه الأزمات تعكس واقعا ثقافيا مشوها وتعكس ايضا فراغا مخيفا. لقد أنشأنا وزارات جديدة للسكان والتدريب والإصلاح الإداري والصناعات الصغيرة والتعليم الفني والتنسيق الحضاري وهذه الوزارات هدفها الإنسان، هل يمكن ان نلغي مسؤولية المواطن في قضية النظافة مثلا هل يمكن ان نقبل ظاهرة الدروس الخصوصية التي دمرت العملية التعليمية هل تتصور ان في مصر كارثة اسمها «السنترز» التعليمي حيث يجتمع مئات التلاميذ في الشقق والأحواش والجراجات دون رقابة من احد وامام كل تجمع توجد اكشاك لبيع المخدرات للتلاميذ.. تخريب العقول في الدروس وخراب صحي في المخدرات ولا احد يعلم شيئا عن المدرس الذي يشرح أو المناهج التي تشوه عقول التلاميذ، وامام دور غائب للأسرة وضمائر ميتة لا تخاف الله تحدث الكوارث.
نحن الآن في حملة للتصدي لكل هذه الظواهر السيئة في الصحة والتعليم والثقافة، وقد طلبت من وزير الثقافة د. عبدالواحد النبوي ان تتحول قصور الثقافة بالمحافظات إلى مراكز تعليمية وثقافية وحضارية في وقت واحد وان يتم التنسيق بين وزارات التعليم ووزارة الثقافة في هذا الشأن.
انا على يقين ان التغيير الحقيقي لا بد ان يبدأ من الأقاليم ومن اصغر قرية إلى اكبر مدينة، وان التغيير لن يكون فوقيا فقط لا بد ان ننزل إلى الناس في ابعد نقطة في هذا الوطن لكي يكونوا شركاء معنا لأن الحكومة لا تستطيع ان تفعل كل شيء بدون دعم من الناس.
] قلت لرئيس الوزراء: هناك فراغ سياسي رهيب في الشارع المصري.. الدولة غائبة سياسيا هل تدركون هذه المأساة.. ماذا عن الانتخابات والبرلمان القادم؟!
قال: انا اراهن من منطلق وطني وتاريخي على أن تشهد مصر تجربة انتخابية نزيهة ومحايدة لأن الشعب المصري لا ينسى وهو قادر على تقييم الأشياء والمواقف، مازال المصريون يتحدثون عن تجربة ممدوح سالم في الانتخابات الحرة النزيهة ومازالوا يذكرون احمد رشدي وزير الداخلية وانا اطمع ان يضاف إلى هذه الأسماء المضيئة تاريخ جديد للانتخابات البرلمانية في مصر هذا العام.
هناك فراغ سياسي في الشارع المصري منذ فترة بعيدة وقد ترك ذلك فرصة للإخوان المسلمين لملء هذا الفراغ وعلى الحكومة ان تقوم بدورها السياسي والحزبي في حماية الانتخابات وان تقوم الأحزاب بدورها في الشارع المصري لاختيار افضل العناصر للبرلمان القادم.. نحن نضع آمالا واسعة على هذا البرلمان لأن العالم كله يتابعنا وينظر الينا والشعب المصري يستحق برلمانا قويا نزيها يكمل مسيرة هذا الشعب في البناء والتنمية والحرية.
] قلت: تبدو احيانا ظلال صراعات غامضة بين مؤسسات الدولة وهذه الظاهرة تترك آثارا سلبية لدى المواطن، وعلى سبيل المثال هناك معارك بين الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيسه المستشار هشام جنينه وبعض المؤسسات الأخرى.. انا لا اعرف المستشار جنينه ولكنه يتعرض لهجوم ضار من الإعلام.. إذا كان وجود الرجل يمثل مشكلة أو ازمة لماذا لا تأتون برئيس آخر للجهاز، وإذا كانت الأصوات التي تنتقده على غير حق لماذا لا يصمت هؤلاء المزايدون.. ان تشويه صورة مسؤول كبير تجاوز كبير خاصة إذا قام على باطل!.
قال محلب: الإعلام المصري الآن يقتل المسؤول كل يوم وانا شخصيا وكمسؤول احمل تقديرا عميقا للمستشار هشام جنينه وكل ما يقدم الجهاز من تقارير محل تقدير مني ومن الحكومة.. اما الخلافات بين الجهاز وبعض المؤسسات في الدولة فلابد ان نحسم هذه الظواهر من خلال الحوار والتفاهم لأننا ينبغي ان نعلو فوق كل الخلافات من اجل مصلحة الوطن والمواطن.
] قلت: الدولة تركت الإعلام هايص لايص ونسمع ونرى الآن ما لم نسمع من قبل ومالا نتمنى ان نرى في المستقبل.. هناك كوارث على الشاشات وفي الصحف والدولة في واد والإعلام في واد آخر.. اين قوانين الإعلام والصحافة والتي انتهى إعدادها منذ فترة؟!
قال: سوف تعرض في صورتها النهائية خلال ايام قليلة على مجلس الوزراء لإقرارها بحيث يعاد تشكيل الواقع الإعلامي والصحافي للخروج بهذه المؤسسات العريقة من ازماتها ولكي يؤدي الإعلام المصري دوره في البناء والتنمية والحريات المسؤولة، ان ملفات مشروعات هذه القوانين لدى المستشار الزند وزير العدل والدكتور اشرف العربي وزير التخطيط وسوف تعرض على مجلس الوزراء خلال ايام.
] قلت: كيف ترى تجربة المحافظين والوزراء الجدد هل انت راض عن مستوى الأداء ام لديك تحفظات عليها؟!
قال: اعترف بأن فيها نماذج ناجحة وهي الأقل في العدد وهناك نماذج اخرى لم تنجح.. مازلت احلم بمسؤولين اقرب للناس وللشارع واتمنى حلولا غير تقليدية للكثير من المشاكل والأزمات.. وان يكون المسؤول صادقا مع نفسه.. البعض نجح والبعض الآخر اخفق، هناك من المحافظين من يقضي ثلاثة ايام في القاهرة كل اسبوع بعيدا عن موقع عمله.. وهذه سلوكيات مرفوضة ولا تتناسب مع قدسية المسؤولية والواجب.
] قلت: وماذا عن الشباب اين هم في اجندة الدولة؟!
قال: فتحنا الأبواب امام جيل جديد من الشباب في الوزارة وحركة المحافظين لدينا عدد كبير من الوزراء في الأربعينيات من العمر وعدد آخر من المحافظين في الثلاثينيات.
] قلت: انا لا اتحدث عن المناصب اين التواصل والحوار مع مستقبل مصر؟!
قال: هذا الدور ينبغي ان نشارك فيه جميعا، الحكومة والأحزاب والمجتمع المدني والمثقفون واهل الفكر اننا نسعى إلى مواجهة ازمة البطالة وتوفير فرص عمل لشباب مصر ونحاول ان نواجه مشاكل المواطن المصري في كل المجالات في الصحة والتعليم والإنتاج والثقافة وهذه هدفها شباب هذا الوطن.. نحن نواجه ميراثا من الأخطاء والأزمات والإهمال ولابد ان تتوحد ارادتنا لكي نعبر بمصر من هذا المنزلق الخطير.. وانا متفائل بمستقبل مصر واجيالها القادمة، المهم ان نضع اقدامنا على الطريق الصحيح.. ان المواجهة الأمنية مع الإرهاب لا تكفي ولكن لا بد من مواجهة فكرية تتطلب ترشيد الخطاب الديني وهذا ما يدعو له الآن الرئيس عبدالفتاح السيسي في كل المناسبات وهنا يأتي دور الإعلام والمؤسسات الثقافية والتعليمية وهذا مشوار طويل.
] قلت: اشعر بأنك متفائل؟
قال: لن افقد إيماني بأننا قادرون على عبور هذه الأزمة بالقيادة الحكيمة لرئيس مصر والإيمان الحقيقي لدى المصريين، بأنهم قادرون على إعادة مصر إلى مكانها ومكانتها بالعمل والإخلاص والتضحية فلا بديل امامنا غير ان ننجح وسوف ننجح بإذن الله.