تباينت ردود الأفعال النيابية تجاه مشروع قانون الإعلام الإلكتروني الذي إحالته الحكومة لمجلس الأمة اخيرا، وستبدأ اللجنة التعليمية البرلمانية في مناقشته عقب عودة الوفود البرلمانية من الخارج، وفيما أعلن عدد من النواب عن ترحيبهم بوجود قانون ينظم الفضاء الإلكتروني ومواجهة المواقع والحسابات الإخبارية الوهمية ذات الأسماء المستعارة والتي تبث الفتن بين أبناء المجتمع، الا ان فريقا آخر من النواب رفض مشروع القانون بحجة مخالفته الدستور والقانون وتكميمه الأفواه وتقييده للحريات، وأكدوا معارضتهم لمثل هذا القانون لأنه ليس من مصلحة المواطنين، مشيرين إلى ان الكويت طالما تمتعت صحافتها بهامش كبير من الحرية جعلها تمارس دورا أكبر من مثيلاتها في باقي دول الخليج والمنطقة العربية.
ويرى الجانب الحكومي ان مشروع قانون الإعلام الإلكتروني جاء لمواكبة الطفرة الإعلامية الجديدة التي يشهدها العالم، وتجسيدا لحرص الدولة على تعزيز حرية الرأي والتعبير وتكريس الحرية المسؤولة وحق الوصول إلى المعلومات واتاحتها للجميع، بما يستوجب استصدار تشريع عصري يكون مدخلا لحسن استخدام تكنولوجيا المعلومات والإعلام وتحقيق غاياتها المنشودة.
ويهدف قانون الإعلام الإلكتروني إلى تنظيم الإعلام المقروء والمرئي والمسموع على الانترنت باعتباره إعلام المستقبل، والتشريع الجديد هدفه تقديم الدعم لتعزيز حرية الرأي والتعبير مع التأكيد على حق الحصول على المعلومات. وعن العقوبات، فإن ما ورد في مشروع قانون الإعلام الإلكتروني هو تأكيد لمبادئ الدستور، وهو مكمل للتشريعات والقوانين المعمول بها حاليا، ولا ينص المشروع على السجن فيما يتعلق بالعمل المهني الإعلامي، لكن بعض المخالفات يرجع فيها إلى قانون الجزاء الذي ينص على عقوبة السجن في المخالفات المتعلقة بأمن الدولة والأمن القومي.
وفي المواقف النيابية، قال النائب عبدالله المعيوف لـ «الخليج»: ان قانون الإعلام الإلكتروني من القوانين المهمة التي تحتاجها الكويت لمسايرة مستجدات العصر في مجال وسائل الإعلام الحديثة، فاليوم نحن نعاني من أزمة في البلد بشكل لم نعتد عليه، هناك قذف وسب واتهامات وافتراءات تمارس من قبل المشاركين في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، أصبح اليوم السائد في مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي في تويتر هو الفضائح الاجتماعية وتمزيق المجتمع، تمزيق الوحدة، الاتهامات وأصبح كل من يتهم الناس الشرفاء، أعداءك، خصومك… أصبح تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المجهولة أسهل مكان لهذا، لذلك يجب ان يكون هناك تشريعات تتعامل مع تلك الظواهر السلبية الوافدة على مجتمعنا.
وتساءل المعيوف: المواقع الإلكترونية لخدمة ماذا؟ من يريد أن يستخدمها استخداما صحيحا فأهلا وسهلا، ومن يريد أن يسيء للناس فعلينا أن نحاسبه، وهذا حقنا. نحن نريد أن يأخذ الشخص الذي يساء له حقه، فهل يأخذ حقه إذا لم يكن هناك قانون؟! فلنضع قانونا مثل قانون المرئي والمسموع، فهذا أيضا مرئي ومسموع لكن على الانترنت.
في السياق ذاته قال عضو اللجنة التعليمية النائب حمود الحمدان لـ «الخليج»: اننا نؤمن بالحرية المنضبطة بالضوابط النابعة من الشريعة الاسلامية الغراء والقوانين المنظمة، والزعم بأن هناك حرية مطلقة زعم باطل لا يتوافق مع عقل أو منطق. والشعب الكويتي اصيل بطبعه ومتسامح، ولم يعتد الطعن بالآخرين أو القذف أو إلقاء التهم جزافا، وهذه أمور طارئة ظهرت مع بروز برامج التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يحتم على المشرع تنظيم استخدامها بما يضمن الأمانة والصدق وعدم التعرض للآخرين.
وتابع: وبعد انتشار مواقع التواصل بشكل كبير ووسط الفوضى الاخبارية الكبيرة التي تضرب في تلك المواقع من الاساءة لأشخاص أو طوائف أو حتى التعرض لأمن البلد بات من الضروري تأطير وتقنين هذه الوسائل من خلال تعريف حجم الحريات الممنوحة بهذه الوسائل من خلال قانون ينظمها.
وأضاف: وتشريع قانون الإعلام الإلكتروني بات امرا ضروريا لتنظيم العملية، خاصة أن دولا كثيرة سبقتنا لسن تشريع منظم كهذا، وأصبح من الضروري وجود قانون يبين الصحيح من الخطأ، وهذا يخدم الجميع بمن فيهم اعضاء مجلس الامة، ولذلك قانون الإعلام الإلكتروني مهم جدا، لأنه يحد من الاساءات التي تحصل في هذه المواقع وعلى الحكومة ضبط المواقع الإلكترونية، اضافة إلى تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية ووضع عقوبات ضد كل من يسيء إلى الآخرين تحت اسماء وهمية.
واستدرك الحمدان: وقانون الإعلام الإلكتروني يجب ان يكون متماشيا مع الدستور وعدم تعارضه مع الحريات العامة وفي ذات الوقت ينظم الفوضى الإعلامية التي تتم بواسطة حسابات وهمية أو حسابات اخبارية مجهولة المصدر.
من ناحيته قال النائب فيصل الدويسان لـ «الخليج»: انه لا خوف ولا ضير من اي مسودة قانون تقدمه الحكومة بشأن الإعلام الإلكتروني، وانا مع حرية الرأي بشكل مطلق وضد حرية السباب والفوضى، فلا توجد دولة في العالم تسمح لك بالتشهير دون أدلة.
وأضاف الدويسان: اطمئن الجميع أن اعضاء مجلس الأمة مستعدون لإطالة النقاش حتى يخرج القانون بشكل يرضي الجميع، وقال الدويسان: إن هناك معايير عالمية خاصة بالإعلام الإلكتروني، وهناك معايير دولية خاصة بحرية الرأي والتعبير موجودة بموقع الامم المتحدة، وتابع: انا شخصيا بحثت عن تلك المعايير وسأضع ملاحظاتي في اللجنة التعليمية حول ذلك القانون متضمنا تلك المعايير.
بدوره طالب النائب صالح عاشور الحكومة بسحب القانون لمخالفته الصريحة للدستور وتكميمه للأفواه وتقييده للحريات، وعدم أخذه بالملاحظات التي أبدتها اللجنة التعليمية خلال الحلقات النقاشية التي أقامتها لنظر القانون. وقال عاشور: اننا سنقف ضد هذا القانون، وهو مرفوض جملة وتفصيلا، ويجب تعديله بشكل كبير بما لا يجعله متعارضا مع المكتسبات التي كفلها الدستور، مبينا أن القانون يجب أن يكون حضاريا لا يتعارض مع المواثيق الدولية التي تحترم حرية الرأي ووجهات النظر.
وأكد عاشور أنه ليس من مصلحة المواطنين إقرار مثل هذه القوانين المقيدة للحريات، والتي تضع قيودا حتى على الفضاء الحر، إلى درجة أن من يريد أن يفتح مدونة أو موقعا إلكترونيا عليه أن يأخذ إذنا ويدفع رسوما، مشددا على أن هذا القانون استمرار لمسلسل تكميم الأفواه وتقييد الحريات.
من جانبه، أكد النائب خليل الصالح رفضه القانون الجديد للإعلام الإلكتروني، لافتا إلى انه بحاجة إلى مزيد من التريث، حتى لا نضع سابقة بإقرار قوانين مخالفة للدستور، وقال الصالح: لا بد أن تقوم الحكومة بسحب مشروعها أو أن يرده المجلس إليها بالرفض، فلا نقبل أي قانون يقوض نظام الدولة، داعيا النواب إلى عدم الموافقة عليه، نظرا لمخالفته للدستور في عدد من المواد.