كشف الرئيس عبدالفتاح السيسي أن رجال الجيش المصري ظلوا 20 عاما يتقاضون نصف المرتب لتحقيق قدرة اقتصادية تساعد جيشهم، فلا بد من أن يكون هناك دعم لقوة الجيش، موجها التحية للمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق صاحب هذه الفكرة.
وأضاف السيسي، خلال كلمته باحتفالات نصر أكتوبر أمس الاثنين، بمقر الكلية الحربية، إن الجيش لا بد أن تكون له القدرة للدفاع على بلده ومنطقته، وإن شاء الله الجيش المصري بكل تواضع قادر على ذلك، وأكد أن وعي المصريين وتضحيتهم وجيشهم وعملهم لن يتسبب في ضياع البلد، مضيفا: «لن يحدث ذلك أبدا، مصر تكفينا جميعا ولن تستطيعوا أن تمسوها». وتابع مستنكرا: «فاكرين هتقدروا تهدوا مصر لا والله لن يستطيع أن يمس أحد هذا الوطن وهذا الشعب… فخلونا نعيش مع بعض نبني ونعمر».
وطالب السيسي بإصلاح الخطاب الديني وتجديده، مضيفا: «لا بد أن نمارس الدين بما يليق به حتى لا نسيء له»، ووجه تحية لشهداء الحج، قائلا: «لا أحد يمكن أن يزايد على دور السعودية… وواثقين في دورهم وما يقومون به على خدمة الحجيج، والقول بأن أحدا آخر غير أشقائنا في السعودية يقوم بهذا الدور غير منصف».
وحول الدستور، قال الرئيس السيسي: «لا أريد أن تتعاملوا معي على أني صاحب سلطان، أنا شخص طالبتوني وقولتوا لي تعالى الحقنا، وأنا واحد منكم»، وأكد أن قانون الخدمة المدنية لم يمس حجم العمالة الحكومية بالرغم من عبئها وحجمها على الدولة ولا العلاوات، وأشار إلى أنه طالب من أكثر من عام بميثاق شرف إعلامي.
وناشد السيسي المصريين بالنزول واختيار من يصلحون لتمثيلهم بمجلس النواب، مضيفا: «يجب اختيار من يمكنه تحمل المسؤولية في ظل المرحلة الصعبة، بحيث يكون قادرا على تعديل الكثير من القوانين والتشريعات، فانتم تضعون حاضر ومستقبل مصر في يدكم بمن تختارونه»، مؤكدا أنه لا يوجد ارتباط بين البرلمان القادم وبين تقديم الحكومة استقالتها، مشيرا إلى أنه كلف رئيس الحكومة الجديد بإعداد برنامج لعرضه على البرلمان بعد انتخابه. وتابع: «الحكومة الحالية ستقدم برنامجها للبرلمان، وإذا أقره سوف تستمر في عملها، ونجتهد ونبحث عمن يستطيعون تحمل الأمانة».
وبمناسبة الذكرى الثانية والأربعين لانتصارات أكتوبر قام الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، يرافقه الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة بوضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة بمدينة نصر وقراءة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء مصر الأبرار. وعزفت الموسيقات العسكرية سلام الشهيد، وقام الرئيس السيسي بوضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس الراحل محمد أنور السادات وقراءة الفاتحة ترحما على روحه الطاهرة. ثم توجه الرئيس السيسي إلى مسجد جمال عبدالناصر بكوبري القبة، حيث قام بوضع إكليل الزهور على قبر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومصافحة عدد من أفراد أسرته.
وتحيي مصر ذكرى نصر السادس من أكتوبر هذا العام بطريقة عملية اذ يخوض جيشها الباسل معركة «حق الشهيد» الطاحنة لتطهير سيناء من الإرهاب كما طهرها سابقا من الصهاينة.
إن ذكرى نصر أكتوبر المجيد تمر علينا كل عام لتعيد إلى أذهاننا نشوة الانتصار، وتبث في نفوس الأجيال الجديدة معنى المثابرة وتحقيق المستحيل، وتفسر معنى حب الوطن والتضحية بالنفس والنفيس من أجل الدفاع عن كل حبة تراب فيه، وتثبت قيم الولاء والانتماء، واستقلالية الوطن.
سيناء تلك البقعة الطاهرة من أرض مصر روتها دماء الشهداء على مر العصور، شهدت رمالها أعظم البطولات التي سطرها الجيش المصري ومازالت حتى الآن تسجل البطولات للجيش العظيم، الذي لا يمكن ان يفرط في حبة رمل واحدة، ولا يمكن ان يترك الاعداء يعبثون باستقرار ومقدرات الشعب المصري.
ان الجيش المصري الذي خاض معركة الكرامة في السادس من اكتوبر عام 1973، وطهر الارض، واعطى دروسا في فنون القتال والتكتيكات والمعارك الصغرى التي لا تزال تدرس في كبريات المعاهد العسكرية، يقدم الآن نموذجا جديدا في الدفاع عن الوطن من خلال معاركه مع الجماعات الارهابية المسلحة التي اتخذت من سيناء مقرا لها في محاولة لتهديد الامن القومي المصري.
بعد مرور 42 عاما من نصر اكتوبر المجيد حققت القوات المسلحة المصرية نصرا جديدا ضد العناصر الضالة في سيناء في عملية «حق الشهيد» التي حققت اهدافها على الارض، كما ان عملية حق الشهيد تعد اضخم عملية عسكرية بعد حرب اكتوبر المجيدة .
فقد تشابهت الظروف بين حرب اكتوبر المجيدة والعمليات العسكرية التي تتم في سيناء حاليا، فقبل عام 73 كانت مصر تمر بظروف عصيبة نتيجة نكسة عام67، وكانت العديد من دول العالم تقف بجانب اسرائيل في محاولة لبسط نفوذها على المنطقة، كما حاولت بعض الدول الكبرى الضغط على مصر تسليحيا من اجل عدم خوضها معركة شاملة ضد اسرائيل تعيد الكرامة والعزة والارض مرة اخرى.
وبالنسبة للعمليات العسكرية التي تنفذ في سيناء حاليا، فقد مرت مصر بنفس الظروف فقد خرجت الدولة بعد ثورة 25 يناير منهكة وخلال حكم الإخوان الإرهابيين لمصر، وكان هناك حالة من الانفلات الأمني استطاعت خلاله تلك الجماعات ان تأخذ من سيناء مقرا لها، كما تم تهريب كميات ضخمة من الاسلحة إلى تلك المجموعات الضالة أسهم فيها أنصار الجماعة الارهابية وانصارهم في غزة عبر الأنفاق التي تم تشييدها على الحدود، في الوقت الذي سعت فيه بعض الدول إلى وقف تسليح الجيش المصري بعد ثورة 30 يونيو في محاولة للضغط على الدولة المصرية وتقويض قدرتها في مواجهة الارهاب المنظم في سيناء، والذي شاركت فيه قوى لدعم تلك الجماعات الضالة.
كما تشابهت المعركتان في الفترة التي تسبقهما حيث بدأت حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل في عام 1970 حققت خلالها القوات المسلحة المصرية بطولات حقيقية اذهلت العالم ومهدت الطريق لنصر اكتوبر المجيد، وايضا خلال فترة وجود الارهاب على ارض سيناء استمرت الحرب الاستنزافية للارهاب لمدة 3 سنوات حتى عملية «حق الشهيد»، فبدأت القوات مسلحة في تطهير سيناء وتنفيذ عمليات ضد العناصر الارهابية وكبدتهم العديد من الخسائر وقطعت عنهم الامدادات للتمهيد لتحقيق النصر، وهو ما تم في المرحلة الاولى من تلك العملية العسكرية الكبرى.
خلال حرب اكتوبر المجيدة كان هناك دعم عربي خلف القيادة المصرية مشاركة عسكرية من قبل بعض الدول للمشاركة في النصر، وايضا قبل واثناء العملية العسكرية الشاملة في سيناء، كان هناك دعم عربي قوي للجيش المصري لتطهير الارض المصرية من الارهاب والجماعات الارهابية .
والاختلاف الوحيد بين المعركتين انها كانت حربا شاملة ضد جيش نظامي وهو الجيش الاسرائيلي، اما العملية الحالية فيخوضها الجيش المصري ضد عصابات ارهابية مسلحة تختبئ في الجبال والسهول والوديان.
إن عناصر التشابه واضحة فالأرض واحدة والجيش المصري العظيم هو الذي ينفذ تلك العمليات والظروف السياسية واحدة، والنتيجة ايضا واحدة.
إن الجيش المصري العظيم الذي اعطى دروسا في فنون القتال في حرب اكتوبر المجيدة، ينفذ الآن دروسا جديدة في كيفية ان يحارب جيش نظامي مجموعات ارهابية مسلحة ويحقق النصر بأقل خسائر ممكنة.
جيش مصر عظيم هو بالفعل الدرع الواقية ليس لمصر وحدها انما للامة العربية، هو القادر على حماية الامن القومي المصري والعربي، وان يكون حائط الصد المنيع الذي تتكسر عليه احلام الطامعين.
إن القوات المسلحة المصرية ستظل هي القاطرة لرفعة شأن مصر وستظل مصنع الرجال والابطال على مر العصور، رجالها لا يخشون الا الله، ويدافعون عن تراب الوطن ويقدمون في سبيلها ارواحهم فلا يمكن ان ننسى انهم اقسموا على التضحية بانفسهم وحياتهم في سبيل حماية الوطن منذ نعومة أظفارهم، فتحية لهم في ذكرى نصرهم الذي يتزامن مع نصر جديد لهم على نفس الارض وهي سيناء.